المُبَشَّرُون بالجَنَّة من الصحابة

0 731

أهل السنة والجماعة يحبون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ويثنون عليهم، ويترضون عنهم، ويستغفرون لهم، ويفضلونهم على جميع الخلق بعد الأنبياء والرسل، لأن محبتهم من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم أصحابه وخاصته، الذين آمنوا به وصدقوه ونصروه. قال الطحاوي في "شرح العقيدة الطحاوية": "ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب واحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان". وقد قال الله تعالى عنهم: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}(التوبة:100)، قال ابن كثير: "فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان: فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم".
وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وزكاهم على بقية الناس وجعلهم الأفضل على مدى الأجيال، قال صلى الله عليه وسلم: (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم) رواه الترمذي وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) رواه البخاري.

والسيرة النبوية فيها الكثير من المواقف والأحاديث التي شهد فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة لأحد من الصحابة، كالعشرة، وأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، والحسن، والحسين، وثابت بن قيس، وبلال بن رباح، وسعد بن معاذ وغيرهم..

العشرة المبشرون بالجنة:
بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم بالجنة، وجاء ذكر عشرة من هؤلاء الصحابة المبشرين بالجنة في حديث واحد، فعن سعيد بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عشرة في الجنة: أبو بكر في ‏الجنة، وعمر في الجنة، وعلي وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة وسعد بن ‏أبي وقاص، قال: فعد هؤلاء التسعة، وسكت عن العاشر، فقال القوم: ننشدك الله يا أبا ‏الأعور (كنية سعيد بن زيد) من العاشر؟ قال: نشدتموني بالله، أبو الأعور في الجنة) رواه الترمذي وأبو داود ‏والنسائي

ـ خديجة بنت خويلد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام وطعام، فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب (لؤلؤ مجوف واسع)، لا صخب (علو صوت) فيه ولا نصب (تعب)) رواه البخاري. وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون) رواه أحمد .

ـ فاطمة رضي الله عنها:
قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها وهو في مرض موته: (وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي) فبكت رضي الله عنها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أما ترضين أن تكوني سيدة أهل الجنة، أو نساء المؤمنين) رواه البخاري.

ـ الحسن والحسين:
قال صلى الله عليه وسلم: (من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني) رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم عنهما: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) رواه الترمذي .

ـ آل ياسر:
عن أم هانىء وجابر بن عبد الله: أن عمار بن ياسر وأباه ياسرا وأخاه عبد الله، وسمية أم عمار كانوا يعذبون في الله تعالى، فمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال :(صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة) رواه الطبراني .

ـ بلال بن رباح:
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع خشخشة أمامه فقال: من هذا؟ قالوا: بلال، فأخبره وقال: بم سبقتني إلى الجنة؟ فقال: يا رسول الله ما أحدثت إلا توضأت، ولا توضأت إلا رأيت أن لله علي ركعتين أصليهما، قال صلى الله عليه وسلم: بها) رواه الترمذي وصححه الألباني. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: (يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة؟ قال: ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي) رواه البخاري.

ـ المرأة السوداء:
بشر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة سوداء كانت مصابة بالصرع بالجنة. عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه قال: قال لي ابن عباس: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها) رواه مسلم، فكانت تصرع ولا تتكشف، من حرصها على ستر عورتها رضي الله عنها، وحرصها على الأجر في ذات الوقت. قال ابن حجر في فتح الباري: "وذكر ابن سعد وعبد الغني في " المبهمات" من طريق الزبير أن هذه المرأة هي ماشطة خديجة التي كانت تتعاهد النبي صلى الله عليه وسلم بالزيارة".

ـ عبد الله بن سلام:
بشر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن سلام رضي الله عنه بالجنة في أكثر من موضع. عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (التمسوا العلم عند أربعة، عند: عويمر أبي الدرداء، وعند: سلمان الفارسي، وعند: عبد الله بن مسعود، وعند: عبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه عاشر عشرة (مما عدا العشرة المبشرين) في الجنة) رواه الترمذي . قال ابن عبد البر: "توفي في المدينة في خلافة معاوية سنة ثلاث وأربعين، وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن سلام بالجنة".

ـ عكاشة بن محصن:
شهد النبي صلى الله عليه وسلم لعكاشة بن محصن رضي الله عنه وبشره بأنه من أهل الجنة في الحديث المشهور عن السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فقام عكاشة بن محصن رضي الله عنه فقال يا رسول الله: (ادع الله لي أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم، ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة) رواه البخاري.

ـ امرأة أبي طلحة أم سليم بنت ملحان:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أريت الجنة فرأيت امرأة أبي طلحة، ثم سمعت خشخشة (حركة المشي وصوته) أمامي فإذا بلال) رواه مسلم. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دخلت الجنة فسمعت خشفة، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذه الغميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك) رواه مسلم. قال النووي: "هي الرميصاء والغميصاء والمشهور فيه الغين"، وقال ابن هبيرة: "هذا الحديث يدل على تبشير أم سليم بالجنة".

ـ ثابت بن قيس:
قال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس رضي الله عنه: (إنك لست من أهل النار، ولكنك من أهل الجنة) رواه البخاري.

ـ حارثة بن سراقة:
قال صلى الله عليه وسلم لأم حارثة: (يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى) رواه البخاري.

ـ عمرو بن ثابت:
وكان يلقب "أصيرم": تأخر إسلام عمرو بن ثابت رضي الله عنه إلى يوم أحد فأسلم، ولم يصل لله صلاة قط، وأخبر رسول الله أنه من أهل الجنة، وقال عنه: (عمل قليلا وأجر كثيرا) رواه البخاري، وقال عنه: (إنه لمن أهل الجنة).
وممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة من حضر وشارك في بدر والحديبية، وأصحاب بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل النار رجل شهد بدرا والحديبية) رواه أحمد . وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة) رواه مسلم.

ـ أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم:
شهد أهل السنة بالجنة لأمهات المؤمنين، عائشة وغيرها رضي الله عنهن أجمعين. قال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى: {نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما}(الأحزاب:31): "أي في الجنة، فإنهن في منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلى العليين، فوق منازل جميع الخلائق في الوسيلة التي هي أقرب منازل الجنة إلى العرش".

في الفترة والمرحلة الأولى من البعثة النبوية، نشأ الجيل الذي تربى على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمل مسئولية الإسلام، وكان منهم العشرة الذين بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وهم: "أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن ‏أبي وقاص، وسعيد بن زيد". وتبشير النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة لبعض أصحابه لم يكن مقتصرا على هؤلاء العشرة دون غيرهم، حيث أنه قد وردت أحاديث أخرى يبشر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بالجنة.. وأهل السنة يشهدون بالجنة لكل من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بها.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة