واجب المسلم تجاه إخوانه في فلسطين المحتلة

0 221

إن قضية فلسطين تمر بأخطر اللحظات في تاريخها كله، فالاستكبار اليهودي قد بلغ أوجه، فالقتل، والتشريد، وهدم المنازل والمشافي، والحصار الاقتصادي الرهيب، وقد بيت الخطر الصهيوني أمره، وحدد هدفه، وأحكم خطته لتصفية القضية الفلسطينية.

قلة من اليهود تدنس الأقصى وتقتل المسلمين وتذيقهم ألوانا من الذل والهوان على مرأى ومسمع من العالم كله عامة والإسلامي خاصة، ومع ذلك لم نستطع أن نحمي إخواننا منهم، وهذا ما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه –أي إلى عدوه– من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ..”رواه مسلم.

فالواجب أن يسارع المسلمون لدعم الفلسطينيين ماديا ومعنويا، وكسر الحصار عنهم، وبكل ما تيسر من السبل؛ السياسية والإعلامية والمادية والإغاثية، واللهج بالدعاء لهم بالنصر والثبات. فهذا فرض عظيم، والتخاذل عنه إثم جسيم، وتركهم يجوعون من أعظم المحرمات، وأشد الموبقات.  قال الله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). والواجب على المؤمن من ذلك ما يطيقه ويستطيعه، قال الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم)، وقال جل وعلا: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).

وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس، وقدراتهم وإمكاناتهم، إلا أن الذي يجب أن يجتمع عليه الجميع هو الشعور بالمصاب والتألم لبلاء إخوانه المؤمنين، روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).وهذا أقل الحقوق التي تجب للمؤمنين بعضهم على بعض في المصائب والنكبات.

قضية فلسطين هي قضية كل المسلمين، وفلسطين دولة عربية إسلامية، والاعتداء عليها يعني الاعتداء على كل المسلمين، وإن ما تواجهه أرض فلسطين عامة وغزة بالخصوص في الفترة الأخيرة جريمة إنسانية متكاملة الأركان والشروط، حيث تتعرض قضية فلسطين إلى مؤامرة عالمية يشجعها ضعف النظام الرسمي العربي، وما يحدث هذه الأيام في فلسطين يعد تحديا سافرا للمسلمين، وخرقا للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.

إن نصرة فلسطين والفلسطينيين المظلومين والمستضعفين واجب أخلاقي وإنساني وشرعي، توجبه علينا الظروف القاسية التي يمر بها إخواننا، من قصف متواصل؛ وتقتيل وتشريد العزل، وهدم بيوتهم وسلب أرضهم ومحاولة تهجيرهم، حيث لا يمكن وصف ذلك إلا بالإبادة الجماعية والعالم “المتحضر” كله يتفرج، مع الأسف، بل يسارع إلى مد يد العون للمعتدي الغاصب.

ونعني بالنصرة تلك الغيرة الإيمانية التي تدفع المسلم لرفع الظلم عن أخيه المسلم المستضعف، أو لمد يد العون إليه، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع كان منها (نصر المظلوم)، ففي الحديث الشريف: “أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع..، فذكر عيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ورد السلام، ونصرة المظلوم، وإجابة الداعي، وإبرار القسم”.

الدور الإعلامي
دور الإعلاميين والصحفيين والمثقفين في كتابة المقالات في الصحف، وتدعيم المقالات والتقارير الصحفية بالصور والأدلة التي توضح حجم معاناة الفلسطينيين، والتصدي للإعلام الصهيوني، والرد على شبهاته وأباطيله وعقد الندوات والمحاضرات والمؤتمرات، ونشر أخبارهم والمشاركة في البرامج عبر الإذاعة والتلفاز ومنتديات الإنترنت، وحضور المناسبات والأنشطة.

وواجب الأئمة والخطباء والدعاة في إحياء الحديث عن القضية الفلسطينية وحض المصلين على دعمهم، والدعاء لهم.

ودور الإخوة مستخدمي الإنترنت، في توظيف استخدام قنوات المحادثة والدردشة والحوار المباشر وقنوات المحادثة غير المباشرة، من خلال ساحات الحوار والمنتديات، للحديث عن المجازر اليهودية والاعتداءات غير المسبوقة على المستشفيات والبنايات وقتل النساء والأطفال.

والتعاون مع كافة المؤسسات والهيئات التي تساند القضية الفلسطينية من منطلق إنساني عادل، ومشاركتها في فعاليتها وأنشطتها.

وتعريف العالم بأسره بأن فلسطين إنما هي بالمقام الأول قضية إنسانية يجب أن يدافع عنها كل الذين يدافعون عن حقوق الإنسان ويتضامنون مع العدالة ويقفون ضد الظلم والاستكبار والطغيان الصهيوني والتواطؤ الدولي.

الحذر من الخذلان
ولنحذر جميعا كل الحذر من خذلان إخواننا وعدم التفاعل معهم ونصرتهم ومساندتهم، فخذلان المسلمين سبب لخذلان الله للعبد، فعن جابر بن عبد الله وأبي طلحة بن سهل الأنصاري رضي الله عنهم جميعا، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته. وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته).

فلا ينبغي لقادر أن يتأخر عن نجدة إخوانه وإغاثتهم وتخفيف آلامهم، فواجب الأمة نحوهم البذل بسخاء، شكرا لهم وثبيتا لأقدامهم، ونكاية في عدوهم.

ولا شك أن ثبات أهل فلسطين ثبات للأمة، وأن خذلانهم خطر على الأمة في دينها ودنياها، وفي حاضرها ومستقبلها، وأن البخل في مواقف البذل من أسباب الهلاك كما قال تعالى: (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) (البقرة – 195)، وهذا عتاب ووعيد من الله جل وعلا لمن يبخل: (ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (محمد – 38).

ألا إن نصر الله قريب
الشام أرض رباط إلى يوم القيامة، وقد أعلم الله نبيه محمدا- صلى الله عليه وسلم- بأن هذه الأرض المقدسة سيحتلها الأعداء، ولهذا حرض أمته على الرباط فيها حتى لا تسقط في أيدي الأعداء، ولتحريرها إذا قدر لها أن تسقط في أيديهم، كما أخبر عليه الصلاة والسلام بالمعركة المرتقبة بين المسلمين واليهود، وأن النصر في النهاية سيكون للمسلمين عليهم، وأن كل شيء يكون في صف المسلمين حتى الحجر والشجر،  روى الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود".

وروى الإمام أحمد عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك". قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".

فنحن مطالبون ببذل الوسع والجهد لنصرة الأقصى وبيت المقدس وفلسطين، ولنوقن تماما أن وعد الله آت، ونصر الله قريب قال الله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) (البقرة 214)، وعلينا أن نوقن أن النصر من عند الله، وأنه كائن لا محالة لعباده المؤمنين، لأنه وعد الله، وقد جرت سنة الله في خلقه أن ينتصر الحق ولو بعد حين.
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة