حدث في مثل هذا الأسبوع (23 - 29 جمادى الآخرة)

0 69

 وفاة الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني 25 جمادى الآخرة 1425هـ (2004 م)
الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة رحمه الله عالم جليل من علماء الشام الكرام، كاتب لامع، وخطيب مفوه، وشاعر بليغ.
كان رحمه الله دمث الأخلاق، متواضعا، لطيف المعشر، ودودا بشوشا، شجاع لا تأخذه في الحق لومة لائم، كما كان شديد الحرص على وقته، فلا يكاد يرى إلا قارئا أو كاتبا، أو محاضرا أو مناقشا، وكان ذا دأب وجلد على العلم والعمل المتواصل، وكان موسوعي الثقافة، واسع الاطلاع.

لقد فتح الله على الشيخ في عالم التأليف فكان إنتاجه غزيرا متنوعا،  فكتب في العقيدة، والدعوة، والأدب، والأخلاق، والفكر، وكان أول كتاب ألفه هو كتاب: (العقيدة الإسلامية وأسسها) وقد طبع طبعات عديدة، وانتفع به الكثير من الناس، ثم أخرج للناس سلسلة كتب سماها (سلسلة أعداء الإسلام)، أخرج منها ثمانية كتب تميزت برصد الطاعنين في الدين، والرد عليهم وكشف أساليبهم وحيلهم الواهية فأبدع وأجاد.

اسمه و نشأته:
هو الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن مرزوق بن عرابي بن غنيم، ولقب عائلته (حبنكة)، وشهرته (الميداني) نسبة إلى حي الميدان الذي يسكنه في دمشق.
ولد في دمشق بحي الميدان سنة ( 1927 م / 1345 هـ ) ، ونشأ في بيت علم ودعوة.
كانت أسرته أسرة علم ودين وصلاح وأدب وورع ومجد، فكان أبوه عالما من علماء سوريا المعروفين، وهو الشيخ حسن حبنكة الميداني رحمه الله الذي تخرج عليه كثير من العلماء في سوريا والوافدين عليه من خارجها.
وقد أسس الشيخ حسن رحمه الله مدرسة شرعية في دمشق عرفت بـ(معهد التوجيه الإسلامي) تخرج فيها كثير من العلماء والدعاة، كان من بينهم الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكه الميداني رحمه الله.
ولما تخرج من المعهد سنة 1367هـ (1947م) أسند إليه تدريس مواد مختلفة فيه، منها علوم الفقه، والأصول، والتوحيد، والمنطق، والبلاغة.
ثم سافر إلى القاهرة تحدوه الرغبة في التزود بمزيد من العلم، ففي سنة 1371هـ التحق بكلية الشريعة في الأزهر الشريف، وحاز منها الإجازة العالمية (ليسانس في الشريعة)، وذلك عام 1954م
(1373هـ).
ثم حاز شهادة العالمية مع إجازة في التدريس (دبلوم في التربية وعلم النفس) في1374هـ.
وكان خلال تحصيله بالأزهر محببا إلى شيخه العالم الجليل الشيخ الخضر حسين رحمه الله ، وكان يتردد عليه في بيته.
ثم عاد إلى دمشق فعمل في ثانويات دمشق العامة والشرعية، وتولى فيها تدريس مادة التربية الإسلامية والعلوم الشرعية والعربية، ثم عين عام 1960م (1380هـ) مديرا للتعليم الشرعي بوزارة الأوقاف في سوريا .
ومن أهم ما أنجزه خلال إدارته: تأسيس عدد من المدارس الشرعية في بعض المحافظات السورية، منها ثانوية شرعية للإناث بدمشق، وأخرى بحلب إلى غير ذلك من الأعمال .

المحنة

لم يعجب هذا النشاط السلطات القائمة فأعيد إلى وزارة المعارف ليعزل في حجرة منها باسم (عضو بحوث) جلس فيها عام 1966 ثم صدرت قررات تسريحه هو ووالده وعمه وجملة من إخوانهم العاملين في معهد التوجيه الإسلامي ثم تعطيل جمعية التوجيه ومنعهم من أي نشاط إسلامي مثل الخطابة وغيرها ثم كان سجن والده وعمه وبعض أقاربه ومصادرة أمواله والاستيلاء على أموال جمعية التوجيه فكانت محنة قاسية لم تنته إلا بهزيمة عام 1967م التي كانت سببا في الإفراج عنهم.
نجا الشيخ من محاولات القبض عليه وهاجر بعد الأحداث إلى المملكة العربية السعودية.

إلى السعودية
في سنة 1387هـ (1967م) انتقل إلى الرياض أستاذا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قضى فيها سنتين، ثم انتقل إلى مكة المكرمة فعمل أستاذا في جامعة أم القرى زهاء ثلاثين عاما، حتى بلغ السبعين ثم عاد إلى دمشق.

المشاركات والمؤتمرات
كان للشيخ الكثير من المشاركات في المؤتمرات والندوات، منها: مؤتمر التعليم الإسلامي، ومؤتمر الاقتصاد الإسلامي، اللذان عقدا في مكة المكرمة، ومؤتمر الأدب الإسلامي الذي عقد في (لكهنو) الهند، ومؤتمر الدعوة والدعاة الذي عقد في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وله مشاركات كثيرة في إلقاء المحاضرات العامة، والأمسيات، والندوات العلمية، ضمن الأنشطة الثقافية داخل جامعة أم القرى وخارجها.
وكان رحمه الله عضوا في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وعضوا في هيئة الإغاثة الإسلامية.
وله إسهامات تلفازية وإذاعية، وقد استمر في تقديم أحاديث إذاعية يومية أو أسبوعية ما يزيد على 30 عاما.

من جميل كلامه:
- اعمل لوجه واحد يكفك الوجوه كلها.
- من عرف أن الله هو المغني استغنى بالافتقار إليه عما سواه.
- افتحوا مغاليق أفكار الناس بمفاتيح الفكر الإسلامي، وافتحوا قلوبهم بمفاتيح الإيمان واليقين، وافتحوا نفوسهم بمفاتيح الرحمة والإحسان والمعاملات الإسلامية القائمة على العدل والخير والبر والإحسان وصادق الأخوة الإسلامية.
- وجهاد النفس يكون بمقاومة جهلها وانحرافاتها الفكرية والاعتقادية بالعلم والمعرفة الحقة، وبمقاومة شهواتها الجامحة وأخلاقها الجانحة بوسائل التربية الفضلى والسلوك الأقوم.
- متى نفخ الكبر في أنف صاحبه واستولى على عقله وإرادته ساقه بعنف إلى غمط الحق وطمس معالمه.
- ما أشبه السورة القرآنية بشجرة متشابكة ذات فروع وأوراق وثمرات، مليئة بالتنسيق الجمالي المتداخل، الذي يرى له جمال رائع من مختلف جهات النظر، ومشبعة بالعناصر الجمالية المعجبة السارة الممتعة .

- مثل الذي يقول بأن الرجل والمرأة سواء في جميع الحقوق والواجبات والوظائف، كمن يحاول أن يسوي بين أعضاء الجسد الواحد في وظائفها الجسدية والنفسية، فيكره الأيدي على أن تساعد الأرجل في المشي، ويتحسر على العيون لأنها لا تسمع، وعلى الآذان لأنها لا تبصر.
- بعض الصالحين يدرك بفطرته وإشراق روحه ما لا يدركه كثير من علماء الإدراك الحسي والاستنتاجات العقلية.
- ألا تعلم أن الدنيا إذا اكتملت في عين صاحبها، فإما أن يؤخذ منها أو أنها تؤخذ منه.

- لا تطلبوا الحكم والسلطان، ولكن اعملوا لنشر الإسلام والإقناع به، فمتى علم الله أنكم صرتم أهلا للحكم والسلطان استخلفكم كما استخلف الذين من قبلكم.
- لولا أن الإسلام حق بذاته، مؤيد بتأييد الله، محفوظ بحفظه، لم تبقى منه بقية تصارع قوى الشر في الأرض، التي ما تركت سبيلا من المكر إلا سلكته، ولا سببا لإطفاء نوره إلا أخذت به، {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.
- إن أعداء الإسلام يضعون القبائح بأيدي أجرائهم وبعض الجهلة والأغبياء من المسلمين ليحاربوا الإسلام والمسلمين بها.

- فالعقاب على الردة ليس هو في الحقيقة إكراها على الدين، ولكنه حماية للأمة الإسلامية من المتلاعبين ذوي الحيل الذين يدخلون في الإسلام بحرية، ويخرجون منه بحرية، وهم أعداء للإسلام والمسلمين، يمكرون بهما، ويكيدونهما.
- الهوى الجانح والغرض المريض يعميان البصائر عن رؤية الحق، ويصمان الآذان عن سماعه.
- للعقل حدود كما للحس الظاهر والحس الباطن ينتهي إليها، ومتى وصل إليها أعلن العقل عجزه، إنه محدود بين شيئين هما الزمان والمكان لذلك يسأل دائما متى ؟ وأين؟ مع أن الحقائق الكبرى لا مكان لها ولا زمان ولكن العقل عاجز عن تصور ذلك.

مؤلفاته
قدم الشيخ عبد الرحمن حبنكة كتبا قيمة زادت على الثلاثين كتابا أثرى بها المكتبة الإسلامية والفكر الإسلامي؛ حيث تعددت إسهاماته وتنوعت في مجالات متعددة: في العقيدة، والدعوة، والأدب، والأخلاق
من نتاجه المطبوع :
أولا - سلسلة في طريق الإسلام ، منها:
1 - العقيدة الإسلامية وأسسها وهو باكورة مؤلفاته .
2 - الأخلاق الإسلامية وأسسها.
3 - الحضارة الإسلامية وأسسها ووسائلها.
4 - الأمة الربانية الواحدة.
5 - فقه الدعوة إلى الله، وفقه النصح والإرشاد.

ثانيا - دراسات قرآنية ، منها:
1 - قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل.
2 - معارج التفكر ودقائق التدبر(وهو تفسير بديع للقرآن الكريم في 15 مجلدا تناول فيه تفسير القرآن المكي ثم توفي رحمه الله ) و الشيخ ألف تفسيره على ترتيب السور حسب تاريخ النزول وهو في ذلك مثل محمد عزت دروزة و ملا حويش وأسعد علي الذين ألفوا تفاسير على حسب ترتيب نزول السور.
3 - أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع.

ثالثا - سلسلة أعداء الإسلام ، منها:
1 - مكايد يهودية عبر التاريخ.
2 - صراع مع الملاحدة حتى العظم.
3 - أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها (التبشير، الاستشراق، الاستعمار)
4 - الكيد الأحمر (دراسة واعية للشيوعية)
5 - غزو في الصميم.
6 - كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة.
7 - ظاهرة النفاق وخبائث المنافقين في التاريخ.
8- التحريف المعاصر في الدين (رد على كتاب د.محمد شحرور: الكتاب والقرآن قراءة معاصرة )

رابعا - سلسلة من أدب الدعوة الإسلامية ، منها:
1 - مبادئ في الأدب والدعوة.
2 - البلاغة العربية (أسسها وعلومها وصور من تطبيقاتها)
3 - ديوان ترنيمات إسلامية (شعر) طبع 1980
4 - ديوان آمنت بالله (شعر). طبع 1980
5 - ديوان أقباس في منهاج الدعوة وإعداد الدعاة (شعر) طبع 1986

خامسا - كتب متنوعة:
1 - ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة.
2 - بصائر للمسلم المعاصر.
3 - الوالد الداعية المربي الشيخ حسن حبنكة الميداني (قصة عالم مجاهد حكيم شجاع)
4 - روائع من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفاته
في ليلة الأربعاء 25 من جمادى الآخرة 1425هـ (2004 م) توفي الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني، عن 80 سنة، على إثر مرض ألم به، و شيعت جنازته عصر يوم الأربعاء، وكانت جنازة حافلة مشهودة، خرج فيها آلاف المشيعين من العلماء والكبراء والعامة، وصلي عليه في جامع الأمير "منجك" في حي الميدان بدمشق، غفر الله للشيخ يوم الدين؛ ورفع درجته مع الصديقين؛ وجعل له لسان صدق في الآخرين.
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة