دور الجامعات الإسرائيلية في قتل وتعذيب الفلسطينيين

0 3

في الوقت الذي تسفك فيه دماء الأبرياء في فلسطين، تمر أخبار استشهاد الشباب الفلسطيني المميز مثل شيماء أكرم صيدم، الحاصلة على المرتبة الأولى في الفرع الأدبي لعام 2023، مرور الكرام. استشهادها ليس حادثا معزولا، بل نتيجة منظومة مدروسة تسهم فيها مختلف مؤسسات الاحتلال، وعلى رأسها الجامعات الإسرائيلية.

هذه الجامعات لا تخرج فقط مهندسي التكنولوجيا أو علماء الطبيعة، بل تصنع العقلية الأمنية والعسكرية التي ترتكب الجرائم ضد الفلسطينيين. فهي شريكة في تشكيل هوية "القاتل"، من خلال مناهجها، وتخصصاتها، ومراكز أبحاثها، وتعاونها الوثيق مع الجيش والشاباك وشركات السلاح.

الجامعات الإسرائيلية كأدوات قمع واستيطان
تكشف الباحثة في جامعة كاليفورنيا مايا ويند، وهي مواطنة يهودية إسرائلية، في كتابها الذي يعد توثيقا مهما، عن تشابك الجامعات الإسرائيلية مع أنظمة القمع. فقد تمكنت من الوصول إلى أرشيفات ووثائق رسمية، ومقابلة طلاب وأكاديميين فلسطينيين ويهود، لتعرض لنا بالأدلة كيف أصبحت الجامعات الإسرائيلية بمثابة "مختبرات للسيطرة".

وتؤكد الباحثة، التي تكتب من موقعها كمواطنة يهودية، أن هذه الجامعات ليست كيانات أكاديمية مستقلة، بل تعد امتدادا مباشرا للعنف المؤسسي الإسرائيلي، وركنا أساسيا في بنية الفصل العنصري والاحتلال العسكري.

أمثلة على تواطؤ التخصصات الأكاديمية
1. علم الآثار
يستخدم هذا التخصص في طمس الوجود العربي والإسلامي، وتبرير الرواية الصهيونية التاريخية. الجامعات تجري حفريات غير قانونية في أراض فلسطينية مثل سوسيا، لصالح مشاريع الاستيطان. ويستخدم البحث الأثري كوسيلة لمصادرة الأراضي.

2. الدراسات القانونية
طورت إسرائيل بنية قانونية تبرر القتل والتعذيب والاعتقال الإداري، تحت غطاء شرعي. الجامعات تنتج هذه الأطر النظرية، وتدرسها كأساس قانوني لجرائم الحرب.

3. دراسات الشرق الأوسط
يوظف هذا التخصص لتدريب ضباط المخابرات والجيش. يقدم أساتذته استشارات أمنية، ويشاركون في صياغة السياسات الاحتلالية، بل ويشرف بعضهم على إغلاق جامعات فلسطينية كما حدث مع جامعة بيرزيت في الثمانينات.

الجامعات كمواقع استعمارية استراتيجية
لا تقتصر مشاركة الجامعات على البنية الفكرية، بل تتموضع فعليا كمستعمرات:

الجامعة العبرية مبنية في القدس الشرقية المحتلة.

جامعة أريئيل تقع في عمق الضفة الغربية.

جامعة حيفا تدعم مشاريع "تهويد" الجليل.

مكتباتها تضم كتبا مسروقة من الفلسطينيين بعد نكبة 1948.

حتى طلاب الجامعات كانوا، ولا يزالون، جزءا من النشاط العسكري. فقد استخدمت الجامعة العبرية كمخزن للأسلحة ومركز تدريب خلال حرب 1948.

الأكاديميا في خدمة الصناعات العسكرية
الجامعات الإسرائيلية متشابكة تماما مع شركات السلاح. يتم فيها تطوير تكنولوجيا "مجربة ميدانيا" ضد الفلسطينيين، ثم تباع عالميا. على سبيل المثال، تدرب وحدة 8200 الاستخبارية (المسؤولة عن مراقبة الاتصالات الفلسطينية) جنودها من خلال برامج جامعية خاصة.

القمع الأكاديمي للفلسطينيين
تعاني الجامعات الإسرائيلية من هيمنة فكرية صهيونية تمنع أي نقاش حول النكبة أو الاستعمار أو حقوق الفلسطينيين. الطلاب الفلسطينيون داخلها يواجهون:

مراقبة مستمرة.

تهميشا منهجيا.

استدعاءات واستجوابات أمنية.

حرمانا من حرية التعبير.

وفي كثير من الحالات: الاعتقال أو القتل.

ولا توجد حرية أكاديمية حقيقية للفلسطيني، بل تستخدم الجامعات لتشويه مطالبه ونضاله.

الاحتلال المعرفي وتقييد حرية البحث
تحظر الجامعات الإسرائيلية البحث النقدي المتعلق بالاحتلال والفصل العنصري. فهي تشارك بنشاط في قمع الذاكرة الفلسطينية وتصف الأبحاث في هذا المجال بأنها: "غير شرعية". وقد تحالفت إدارات الجامعات مع اليمين الإسرائيلي لقمع أي خطاب يفضح جرائم إسرائيل.

دعوات المقاطعة الأكاديمية
بسبب هذا التواطؤ العميق، تأسست الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI) عام 2004، مطالبة بمقاطعة الجامعات الإسرائيلية باعتبارها أدوات قمع لا تقل خطورة عن الجيش أو الشرطة.

وفي كتابها، تدعو مايا ويند إلى المقاطعة الشاملة لهذه المؤسسات، مؤكدة أنه لا يمكن تحقيق حرية أكاديمية حقيقية ما دامت الجامعات الإسرائيلية تتواطأ في قمع الفلسطينيين.

لا حرية أكاديمية دون حرية فلسطين
يؤكد الأكاديمي روبن كيلي في ختام الكتاب أن مقاطعة هذه الجامعات ليست موقفا أكاديميا فحسب، بل هو موقف أخلاقي وسياسي ضروري لإنهاء الاحتلال والفصل العنصري. إن الحرية الأكاديمية لا يمكن أن توجد في بيئة تقوم على القتل والتهجير والتمييز، والجامعات الإسرائيلية تعد من أبرز أدوات ذلك النظام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بتصرف واختصار

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة