- اسم الكاتب:اسلام ويب
- التصنيف:العقيدة
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وأشكره، وأستعينه وأستغفره، وأتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق الإنسان ليعبده، وأكرمه ليشكره، وأنذره ليحذره، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال سبحانه: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [النساء:131]. {يٓأيها ٱلذين ءامنوا ٱتقوا ٱلله حق تقاتهۦ ولا تموتن إلا وأنتم مسۡلمون} [آل عمران: 102]. {يٓأيها ٱلناس ٱتقوا ربكم ٱلذي خلقكم من نفۡسٖ وحدةٖ وخلق منۡها زوۡجها وبث منۡهما رجالٗا كثيرٗا ونسآءٗۚ وٱتقوا ٱلله ٱلذي تسآءلون بهۦ وٱلۡأرۡحامۚ إن ٱلله كان عليۡكمۡ رقيبٗا} [النساء: 1]. {يٓأيها ٱلذين ءامنوا ٱتقوا ٱلله وقولوا قوۡلٗا سديدٗا * يصۡلحۡ لكمۡ أعۡملكمۡ ويغۡفرۡ لكمۡ ذنوبكمۡۗ ومن يطع ٱلله ورسولهۥ فقدۡ فاز فوۡزا عظيما} [الأحزاب: 70-71].
أما بعد،
أيها المسلمون: اعلموا أن الله تعالى خلق الجنة والنار، وجعل لكل منهما أهلا وأسبابا. فكما أن للجنة أبوابا تفتح لأهل الطاعة والغفران، فللنار أسباب توصل إليها أهل الضلال والخسران. قال الله تعالى: {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} [آل عمران:185]. وإن أعظم سبب لدخول النار – والعياذ بالله – هو الشرك بالله عز وجل، قال الله تعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار} [المائدة:72]. فمن صرف العبادة لغير الله، أو استعان بمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الخالق، أو دعا غير الله، فقد أشرك شركا أكبر يوجب الخلود في النار إن لم يتب إلى الله تعالى. ومن أسباب دخول النار أيضا الكفر بالله تعالى، أو برسله، أو بكتبه، أو بيوم القيامة، أو بقدره سبحانه، قال تعالى: {إن ٱلذين يكۡفرون بٱلله ورسلهۦ ويريدون أن يفرقوا بيۡن ٱلله ورسلهۦ ويقولون نؤۡمن ببعۡضٖ ونكۡفر ببعۡضٖ ويريدون أن يتخذوا بيۡن ذلك سبيلا} [النساء: 150].
عباد الله: وإن من أعظم أسباب دخول النار: كذلك الاستهزاء بالله أو بدينه أو برسوله صلى الله عليه وسلم، وهو كفر مخرج من الملة، قال تعالى: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} [التوبة:65-66]. ومن أسباب دخول النار أيضا النفاق الاعتقادي، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان ويخفي الكفر، قال تعالى: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} [النساء:145]. وقد ذكر الله من علامات المنافقين مراءاة الناس والتكاسل عن الصلاة، قال تعالى: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس} [النساء:142]. وقال صلى الله عليه وسلم: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر) رواه البخاري. ومن الأسباب التي تورد النار: قطيعة الرحم، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) رواه مسلم. وقال تعالى: {فهلۡ عسيۡتمۡ إن توليۡتمۡ أن تفۡسدوا في ٱلۡأرۡض وتقطعوٓا أرۡحامكمۡ 22 أولٓئك ٱلذين لعنهم ٱلله فأصمهمۡ وأعۡمىٓ أبۡصرهمۡ} [محمد: 22-23]. ومن الأسباب أيضا: أكل الربا، وأكل مال اليتيم، وشهادة الزور، وأخذ الرشوة، واليمين الكاذبة، والغش للرعية، والكبر والنميمة، وهتك الستر والحشمة. قال صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) رواه مسلم. فهذه الأسباب وغيرها أبواب مفتوحة إلى جهنم، فليغلقها العبد بالتوبة والإنابة قبل فوات الأوان.
أقول قولي هذا وأستغفر الله، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على نعمة الإسلام، ونعمة الإيمان، ونعمة الأمن والأمان، نحمده سبحانه ونشكره على فضله وإحسانه.
أيها المؤمنون: إن مما يوجب دخول النار كذلك عقوق الوالدين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والديوث الذي يقر الخبث في أهله) رواه النسائي. فاحذر –أيها المسلم– أن ترفع صوتك على والديك، أو أن تغضبهما، فإن رضاهما من رضا الله، وسخطهما من سخط الله تعالى. فاتقوا الله عباد الله، واحذروا أسباب دخول النار وسارعوا إلى مغفرة من ربكم، وجنة عرضها السماوات والأرض، ولا تغرنكم الدنيا، فمتاعها قليل، والآخرة خير وأبقى.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.