اليهود والدعوة والدعاة

0 1161

اليهود هم أعداء الدعوات، بل قل قادة العداء، ومثيرو البلاء، وأعداء الأنبياء، وهم أهل الفتنة والخسة ، وقبل الكلام عنهم وبيان دورهم في مواجهة الدعوة الإسلامية لابد وأن نبين عدة أمور :
أولا: اليهود الذين لم يؤمنوا بالإسلام بعد مبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - كلهم كفار إلى النار خالدين مخلدين فيها إن ماتوا على كفرهم وعنادهم كما قال -صلى الله عليه وسلم -: " ما من يهودي ولا نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا أدخله الله النار " ، وقال كذلك : " والذي نفسي بيده لو أن موسى ابن عمران كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ".
وتعجب كل العجب ممن يدعى أنه مسلم ثم يقول: إن النصارى واليهود إن آمنوا بدينهم دخلوا الجنة وإن لم يدخلوا الإسلام!!!!. قال الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في نواقض الإسلام : ( من لم يكفر الكفار أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر إجماعا ) . كمن قال إن اليهود أو النصارى ليسوا كفارا أو ما عندهم من التوراة أو الإنجيل مثل القرآن .
ثانيا : أنهم أعداء لهذه الأمة.. فهم يبغضونها ، قال تعالى : "لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود والذين أشركوا " و اليهود عادوا الإسلام من أول اليوم، فعن أم المؤمنين صفية بنت حيي ـ رضي الله عنها ـ قالت : ( لم يكن أحد من ولد أبي وعمي أحب إليهما مني لم ألقها في ولد لهما أهش إليهما إلا أخذاني دونه، فلما جاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم - قباء غدا إليه أبي وعمي أبو ياسر فوالله ما جاءانا إلا مع مغيب الشمس، فجاءانا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا، فهششت إليهما كما كنت أصنع فوالله ما نظر إلى أحد منهما فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي : أهو هو ؟ قال : نعم والله . قال : تعرفه بنعته وصفته ؟ قال : نعم والله . قال : فما في نفسك منه ؟ قال عدواته والله ما بقيت) !!!! . قال تعالى: " الذين ءاتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون "، وقال تعالى : " وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين " ، وكادوا له ـ صلى الله عليه وسلم ـ المكائد وحاولوا عدة مرات اغتياله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، واستمروا على هذا العداء إلى يومنا هذا .
ثالثا: إن من اتخذ اليهود أنصارا وأعوانا فهو جاهل أخرق عدو لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى : " يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " ، وهو لا يعرف التأريخ ، فإن في التأريخ عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
وقد أخرج الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : قلت لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ (إن لي كاتبا نصرانيا ) فقال : ( ما لك قاتلك الله أما سمعت الله يقول : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " ألا اتخذت حنيفيا ؟ ) قلت : ( يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه ) قال : ( لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أقربهم إذ أبعدهم الله ).. هذا كان موقف عمر ـ رضي الله عنه ـ وهكذا يجب أن تكون مواقفنا .
رابعا: إن بغض اليهود وعداوتهم ومخالفتهم ـ عقيدة لنا وشريعة ـ هي من الثوابت التي لا يمكن أن تتغير أو تتبدل بتغير الزمان أو المكان ، ولو لبسوا المسوح وادعوا أن الأمس قد مضى . وكم من حديث قد قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " خالفوا اليهود "، حتى إنهم قالوا: ( ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه )، بل إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يكره أن يصلي إلى قبلة يهود وكان دائم السؤال لربه أن يغيرها ، وخاصة إلى المسجد الحرام كعبة إبراهيم عليه السلام ، قال تعالى : " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام"

أسباب العداء
أولا: الكبر.. فهم يظنون في أنفسهم أنهم شعب الله المختار، بل قالوا: " نحن أبناء الله وأحباؤه" فرد الله ذلك عليهم وقال : " قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير "، وهم يرون أن غير اليهود هم مجرد عبيد خلقوا ليخدموهم ، وحمير ليركبوا عليها .
ثانيا: حب الدنيا.. فهم يعشقون هذه الحياة ويحبونها حبا جما قال تعالى : "ولتجدنهم أحرص الناس علىحياة " ونكر الحياة للدلالة على أنهم يحبون أي حياة ولو كانت حقيرة ، والمراد أن حب الحياة لا يجتمع مع دين الله .
ثالثا : الحسد.. فهم يريدون كل شيء لهم ولكبرائهم قال تعالى : " ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق "، بل هم كذلك حسدوا العرب على هذه النبوة التي ظهرت فيهم قال تعالى : " أم يحسدون الناس على ما ءاتاهم الله من فضله فقد ءاتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وءاتيناهم ملكا عظيما " .
أعمال اليهود قاتلهم الله:
1- التكذيب لكل الرسل والدعاة المصلحين؛ ولا يؤمنون إلا قيلا قال تعالى : " وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب " وهذا هو دأب يهود فالإيمان الحقيقي قليل فيهم ، وهذا فعلهم ودأبهم على مر الأيام وكر الأعوام ، ومع كل الدعوات والأنبياء وإلى يوم الناس هذا.

2. قتل الأنبياء والدعاة: وقد قتل اليهود عامة أنبيائهم والدعاة والمصلحين فيهم، بل إن الله جل وعلا حصر موقفهم بين التكذيب والقتل فقال تعالى : " أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون " ، وبين جل وعلا أنه غاضب عليهم إلى يوم البعث لقتلهم الأنبياء فقال تعالى : "وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " ، ثم توعدهم تعالى بالعذاب لقتلهم الأنبياء والدعاة المصلحين فقال تعالى : "إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم "، وإن اليهود ـ لعنهم الله ـ قتلوا غير ما نبي ، وهذه أسماء بعض من قتلوا من الأنبياء : ( حزقيال) و( أشعيا بن آموص ) و( يحي ) و( زكريا ) ـ عليهم الصلاة السلام ـ بل إنهم قتلوا محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فداه أبي وأمي ونفسي فقد قال : في مرضه الذي مات فيه " يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم " .
3. تحريف أوامر الله: إن اليهود قد حرفوا دينهم من قبل قال تعالى : " من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا … " ، وقال تعالى : " فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين " ،وقد حاولوا تحريف دين الإسلام ، فلما لم يقدروا لوعد الله بحفظه عملوا على إيقاع الفتن والضغائن بين أهله كما فعل عبد الله بن سبأ (ابن السوداء) ، وعملوا على أن يدخلوا في الإسلام ما ليس منه .
4. الدخول في الإسلام نفاقا فإن اليهود كما ذكرنا عجزوا عن تحريف الإسلام فدخلوا فيه ثم بدؤوا في الإفساد، وإن المتتبع للعقائد الداخلة على المسلمين يجد لها أصلا عند اليهود فانظر إلى الرافضة أو الصوفية في عامة اعتقاداتهم فهم أشبه ما يكونون باليهود .
5. الدخول في الإسلام ثم الردة عنه : فقد اجتمع عبدالله بن ضيف وعدي بن زيد والحارث بن عوف فقالوا دعونا ندخل في الإسلام نهارا ثم نكفر بليل فأنزل الله جل وعلا يفضحهم فقال : " وقالت طائفة من أهل الكتاب ءامنوا بالذي أنزل على الذين ءامنوا وجه النهار واكفروا ءاخره لعلهم يرجعون " ومرادهم التشكيك في الإسلام وزعزعة ثقة المسلمين بدينهم ففضحهم الله .
6. أسئلة التعنت : فقد كان يهود يسألون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسئلة لا يريدون بها الفائدة بل محض التلبيس والتضليل على المسلمين ونذكر مثالا على هذا فقد جاء رافع بن حريملة إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : ( يا محمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامهم ) فأنزل الله تعالى قوله : " وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا ءاية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون" وليس هذا مستغرب عليهم فقد قالوا أكبر منه قال تعالى : "وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون "
7. التحريش بين المسلمين: فإن اليهود كانوا ـ وما زالوا ـ يحرصون على التفريق بين المسلمين ، فعن زيد بن أسلم أنه قال : مر شاس بن قيس اليهودي - وكان شيخا قد غبر في الجاهلية، عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم - على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم في الإسلام بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة، فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار، فأمر شابا من اليهود كان معه، فقال: اعمد إليهم فاجلس معهم، ثم ذكرهم بعاث وما كان فيه، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، وكان بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج، ففعل فتكلم القوم عند ذلك، فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين: أوس بن قيظي وأحد بني حارثة من الأوس ، وجابر بن صخر وأحد بني سلمة من الخزرج ، فتقاولا وقال أحدهما لصاحبه: إن شئت رددتها جذعا، وغضب الفريقان جميعا وقالا: السلاح السلاح ، موعدكم الظاهرة وهي حرة ، فخرجوا إليها فانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم فقال: "يا معشر المسلمين، أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بينكم فترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا الله الله " فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين فأنزل الله عز وجل : " يا أيها الذين ءامنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين" (100) وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم ءايات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم (101) يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون (102) واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم ءاياته لعلكم تهتدون " (آل عمران : 100ـ103).
إن اليهود يحاولون دائما تمزيق دين الإسلام فهم الذين حاولوا قتل عيسى ـ عليه السلام ـ ، وهم الذين حزبوا الأحزاب يوم الخندق على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهم الذين أغروا الجهلة بالخروج على عثمان ـ رضي الله عنه ـ ، وقد استطاعوا بمساعدة قوى الكفر الصليبية للفتك بالخلافة الإسلامية وتغيير معالم الإسلام في العالم ، ثم أن اليهود يحزبون الأحزاب على المسلمين في كل مكان على وجه الأرض . وقد أخبر الله تعالى أن عداءهم للمسلمين لن ينتهي ، وأنهم لا يرضون من غيرهم إلا الدخول في دينهم كما قال تعالى : "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير" .
..........................
عن الهرفي بتصر

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة