كل الجسد يبلى إلا عجب الذنب

3 2384

أثبت المتخصصون في علم الأجنة أن جسد الجنين ينشأ من شريط دقيق للغاية يسمى بـ "الشريط الأولي" ، هذا الشريط يتخلق في اليوم الخامس عشر من تلقيح البويضة وانغرازها بجدار الرحم ، ونتيجة لظهور هذا الشريط يبدأ تكون الجهاز العصبي ، وبدايات العمود الفقري ، وبقية أعضاء الجسم ، أما عند غياب أو عدم تكون الشريط الأولي فإن هذه الأعضاء لا تتكون ، وبالتالي لا يتحول القرص الجنيني البدائي إلى مرحلة تكون الأعضاء بما فيها الجهاز العصبي .

ولأهمية هذا الشريط الأولي جعلته لجنة وارنك البريطانية - المختصة بالتلقيح الإنساني والأجنة - العلامة الفاصلة بين الوقت الذي يسمح فيه للأطباء و الباحثين بإجراء التجارب على الأجنة المبكرة الناتجة عن فائض التلقيح الصناعي في الأنابيب ، فقد سمحت اللجنة بإجراء هذه التجارب قبل ظهور الشريط الأولي ، ومنعته منعا باتا بعد ظهوره ، على اعتبار أن ظهور هذا الشريط يعقبه البدايات الأولى للجهاز العصبي .

وما أن ينتهي الشريط الأولي من تلك المهمة في الأسبوع الرابع ، حتى يبدأ في الاندثار ويبقى منه جزء يسير في نهاية العمود الفقري ، وهو ما يعرف بالعصعص ، ولا يكاد يرى بالعين المجردة .

وقد حاول مجموعة من علماء الصين من خلال عدد من التجارب المختبرية إفناء هذا الجزء (نهاية العصعص) ، عن طريق إذابته في أقوى الأحماض ، أو حرق ، أو سحقه ، أو تعريضه للأشعة المختلفة ، فلم يستطيعوا ذلك .

هذا الجزء من الإنسان هو عجب الذنب الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في عدد من الأحاديث ، قبل ألف وأربعمائة سنة ، وبين أنه يركب منه أول مرة ، و أنه هو الذي يبقى بعد وفاته وفناء جسده ، ومنه يعاد خلقه مرة أخرى إذا أراد الله بعث العباد للحساب والجزاء ، حيث ينزل الله عز وجل مطرا من السماء فينبت كل فرد من عجب ذنبه ، كما تنبت النبتة من بذرتها.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما بين النفختين أربعون قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوما؟ قال: أبيت ، قالوا: أربعون شهرا ؟ قال: أبيت ، قالوا: أربعون سنة ؟ قال: أبيت ، قال: ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون ، كما ينبت البقل ، ليس من الإنسان شيء إلا يبلى ، إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ، ومنه يركب الخلق يوم القيامة ) رواه مسلم ، وأخرج أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (كل ابن آدم تأكل الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب ) ، وأخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد قوله عليه الصلاة والسلام : ( يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه ، قيل : ومثل ما هو يا رسول الله ؟ قال : مثل حبة خردل منه تنبتون ) .

فهذه الأحاديث النبوية قد بينت هذه الحقيقة العلمية التي لم يتوصل إليها العلم الحديث إلا في السنوات الأخيرة ، وهو ما يؤكد صدق نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وتلقيه ذلك عن الخالق سبحانه وتعالى ، الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ، أظهرها الله عز وجل في هذا العصر ، إعجازا وتحديا لكل جاحد ومكذب ، وذلك مصداقا لقوله سبحانه وتعالى : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة