القارئ محمد صديق المنشاوي

0 2255

الشيخ محمد صديق المنشاوي أحد قراء القرآن الأعلام، الذين وهبوا حياتهم لتلاوة القرآن الكريم حق تلاوته، وتجويده أحسن ما يكون التجويد، فعاش بالقرآن، وعاش مع القرآن، إلى أن سارع إليه الأجل ولما يبلغ الخمسين من العمر.

ولد الشيخ رحمه الله سنة (1338هـ-1920م) بقرية المنشأة التابعة لمحافظة سوهاج في جمهورية مصر العربية، من أسرة قرآنية حملت رسالة القرآن كابرا عن كابر؛ فأبوه الشيخ صديق المنشاوي، كان قارئا مجودا للقرآن، واشتهر من خلال ذلك، وأيضا كان عمه الشيخ أحمد السيد من المقرئين المبرزين في هذا المضمار، وقد ورث الشيخ محمد صديق المنشاوي عن هذه السلالة المباركة تجويد القرآن وترتيله.

التحق الشيخ منذ وقت مبكر من عمره بالكتاب، وكان شيخه يشجعه ويتعهده بالعناية والرعاية، لما لمس منه سرعة في الحفظ، وقوة في الحافظة، علاوة على حلاوة الصوت؛ ولما بلغ الثامنة من العمر كان قد أتم حفظ القرآن الكريم.

ومع مرور الأيام والأعوام بدأت شهرة الشيخ تمتد وتنتشر، لما عرف عنه من حسن قراءة، وسلامة أداء، فأصبح حديث الناس في مصر؛ ولما عرض عليه الحضور للإذاعة من أجل اختياره واعتماده قارئا في الإذاعة، رفض ذلك العرض، فاضطرت الإذاعة بنفسها أن تحضر إليه في إحدى المناسبات التي كان يقرأ فيها، فسجلت له ما تيسر من القرآن الكريم، وتم اعتماده قارئا في الإذاعة على إثر ذلك بعد طول رفض وممانعة.

بعد ذلك انتقلت شهرة الشيخ المنشاوي خارج مصر، وتلقى العديد من الدعوات والطلبات من الإذاعات والدول للقراءة فيها، فاستجاب لما يسره الله له، فزار إندونيسيا بدعوة من رئيسها، وزار العديد من الدول العربية والإسلامية.

امتاز الشيخ المنشاوي في قراءته القرآنية، بعذوبة الصوت وجماله، وقوة الأداء وجلاله، إضافة إلى إتقانه تعدد مقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية. وللشيخ المنشاوي تسجيل كامل للقرآن الكريم مرتل، وله أيضا العديد من التسجيلات القرآنية المجودة.

تأثر الشيخ المنشاوي بالشيخ محمد رفعت رحمه الله، وكان محبا له، ومن المعجبين بصوته وتلاوته، وكان كذلك يحب الاستماع إلى أصوات كبار المقرئين الذين عاصروه، كالشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، وأبي العينين شعيشع، والبنا، وغيرهم.

ومن الصفات الشخصية للشيخ المنشاوي رحمه الله أنه كان شديد التواضع، لين الجانب، عطوفا على الفقراء والمساكين، محبا للخير آتيا له. 

من المواقف التي تذكر للشيخ، موقفه من الدعوة التي وجهت إليه في عهد الرئيس عبد الناصر، إذ وجه إليه أحد الوزراء الدعوة قائلا له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلا يحضره الرئيس عبد الناصر، فما كان من الشيخ إلا أن أجابه قائلا: ولماذا لا يكون الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي، ورفض أن يلبي الدعوة.

أمضى الشيخ رحمه الله حياته قارئا لكتاب الله، إلى أن وافاه الأجل بعد مرض عضال ألـم به، وكان ذلك سنة (1388هـ-1969م)، ولما يتم الشيخ الخمسين من العمر. رحم الله الشيخ رحمة واسعة، وجزاه الله خيرا عن المسلمين.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة