لفظ (السوء) في القرآن الكريم

0 1217

متابعة لمقال تقدم حول الألفاظ المتعددة المعاني في القرآن، نقف في هذا المقال عند لفظ (السوء) لنرى المعاني المتعددة والمختلفة التي يفيدها هذا اللفظ، باختلاف ضبط حركة السين فيه، ووفق اختلاف السياق الذي سيق فيه .

في القواميس اللغوية نقرأ حول هذه المادة ما يلي:

(السوء) بفتح السين: مصدر ساءه يسوءه سوءا، فعل به ما يكره، وهو نقيض سره، فهو مصدر، وغلب عليه أن يضاف إليه ما يراد ذمه، تقول: هذا رجل سوء، وهذه امرأة سوء، ونحو هذا؛ ويقال: ساء ما فعل فلان صنيعا، يسوء: أي قبح صنيعه صنعا، وفي التنـزيل: {ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآيتنا} (الأعراف:177).

و(السوء) بضم السين: الاسم من السوء، جرى مجرى الشر، وكلاهما في الأصل مصدر؛ فتقول من السوء: استاء فلان في الصنيع، كما تقول في الغم: اغتم.

وهذا اللفظ في القرآن الكريم ورد بمعان عدة، نستعرض بعضا منها فيما يلي:

و(السوء) بالضم: بمعنى الشدة، ومنه قوله تعالى: {يسومونكم سوء العذاب} (البقرة:49).

و(السوء) بالضم: بمعنى العقر - وهو الجرح للبعير - ومنه قوله تعالى في قصة ناقة صالح عليه السلام: {ولا تمسوها بسوء} (هود:64).

و(السوء) بالضم أيضا: يطلق على البرص، وعليه قوله تعالى: {تخرج بيضاء من غير سوء} (طه:22).

و(السوء) بالضم: الشر، قال تعالى: {ما كنا نعمل من سوء} (النحل:28).

و(السوء) بالضم: الشتم والكلام القبيح، ومنه قوله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} (النساء:148).

و(السوء) بالضم: الذنب، وعليه قوله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب} (النساء:17). 

و(السوء) بالضم: الضر، ومنه قوله تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} (النمل:62). 

و(السوء) بالضم: القتل والهزيمة، وبه فسر قوله تعالى: {لم يمسسهم سوء} (آل عمران:174). 

و(السوء) بالضم: بمعنى بئس، قال تعالى في حق الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، قال: {ولهم سوء الدار} (الرعد:25). 

و(السوء) بالفتح: الزنا، ومنه قوله تعالى، مخاطبا مريم عليها السلام: {ما كان أبوك امرأ سوء} (مريم:28)، ولا يصح بحال ضم السين في الآية، ولا في قوله تعالى: {وظننتم ظن السوء} (الفتح:12)؛ لأن (السوء) لا يضاف إلى الرجل، ولا إلى الظن، وإنما يضاف إلى الأفعال، فتقول: عمل عمل سوء. 

و(السوأى) في قوله تعالى: {ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى} (الروم:10) تأنيث الأسوأ، خلاف الحسنى؛ أو مصدر، كالبشرى، وهي في الآية بمعنى جهنم، أعاذنا الله منها.

و(السوأة): العورة والفاحشة، قال تعالى: {بدت لهما سوآتهما} (الأعراف:22) قال ابن الأثير: السوأة في الأصل الفرج، ثم نقل إلى كل ما يستحيا منه إذا ظهر وبدا، من قول وفعل.

وقال الفراء في سورة براءة عند قوله تعالى: {عليهم دائرة السوء} (التوبة: 98) قال: قرأ القراء بنصب السين {السوء} والمراد بالسوء المصدر، من سؤته سوءا، ومساءة؛ فهذه مصادر؛ قال: ومن قرأ بضم السين {السوء} جعله اسما، كقولك: عليهم دائرة البلاء والعذاب، والمعنى هنا: عليهم الهزيمة والشر.

وكما نلاحظ، فإن المعاني المتعددة والمتنوعة للفظ (السوء) تفيد معنى الشر والأذى، والسياق هو الذي يحدد نوعا خاصا ومعينا من أنواع الأذى والشر. فكن على بينة من هذا، ففي ذلك عون لك على فهم كتاب الله، وبه تعرف - فوق ذلك - وجها من وجوه اختلاف القراءات القرآنية.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة