العنوسة.. أسباب و آثار ( 2 )

0 878

إن ظاهرة العنوسة في المجتمع وعزوف كثير من الشباب والفتيات عن الزواج له مضاره الخطيرة وعواقبه الوخيمة على الأمة بأسرها، سواء أكانت هذه الأخطار والآثار نفسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم أخلاقية وسلوكية، لا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه أسباب الفتن، وتوفرت فيه السبل المنحرفة لقضاء الشهوة، فلا عاصم من الانزلاق في مهاوي الرذيلة والردى، والفساد الأخلاقي إلا بالتحصن بالزواج الشرعي، فالقضية أيها الغيورون قضية أعراض وقضية فضيلة ورذيلة.

لقد جمعت هذه البلية - أعني تعسير الزواج وتضييق سبله ووضع العراقيل أمام طالبيه ـ أضرارا ومخالفات دينية ودنيوية:

**آثارها الدينية ***
@(1) تعطيل مقصود الله في الخليقة:@@ وهو استخلاف الناس في الأرض كما قال تعالى : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " ، وقال : " هو الذي جعلكم خلائف في الأرض " أي يخلف بعضكم بعضا جيلا من بعد جيل.. وهذا الاستخلاف وتلك الوراثة لا تكون إلا بوجود النسل والذرية والتي بابها الحلال هو الزواج .. فتعطيل الزواج مخالفة لمقصود الله ولمراده.

@(2) مخالفة أمر الشارع الحكيم:@@ الذي أمر بتزويج الأبكار، وحث الشباب على المسارعة في الاعتصام بهذا الأمر المحبب إلى الشارع.
فالوصول بالمرأة أو الرجل إلى هذا الحال فيه مخالفة لصريح القرآن وصحيح سنة المصطفى العدنان صلى عليه وسلم، حيث قال الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)[الروم:21]، وقال: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون)[النحل:72]، وقال (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم)[النور:32]. والأيم من الرجال: من لا زوجة له، و من النساء من لا زوج لها.

وروى البخاري ومسلم عن ابن مسعود t قال: قال r: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطيع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء".
يقول ابن مسعود: "لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها يوما ، ولي طول على النكاح لتزوجت مخافة الفتنة".
ويقول الإمام أحمد: "ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء، ومن دعاك إلى غير الزواج دعاك إلى غير الإسلام". ولذلك قال عمر لرجل لم يتزوج: "ما يمنع الرجل عن الزواج إلا عجز أو فجور".

@(3) تقليل عدد المسلمين، ومخالفة أمر الرسول الأمين:@@ فقد قال عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم". [رواه أبو داود وغيره] (جامع الأصول 11/428).

@( 4 ) غلق أبواب الخير والأجر على العبد: أعني الرجل والمرأة التي لم تتزوج@@
- فيحرمان أجر التربية الحسنة للأولاد.
- ويحرمان أجر حسن المعاشرة (من الرجل والمرأة) وحسن التبعل من المرأة لزوجها.
- ويحرمان الولد الصالح الذي يبرهما في حياتهما، ويدعو لهما بعد موتهما، : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
- إغلاق أبواب الرزق: "ثلاثة حق على الله أن يعينهم: المجاهد في سبيل الله، والناكح يريد أن يستعف، والمكاتب يريد الأداء".

**الأثار على المرأة***
- أما أثرها على المرأة فهو أثر خطير.. لأن العنوسة تجعل المرأة تعيش بين خيارات أحلاها مر:

* فبين امرأة تعاني الوحدة والاكتئاب وتهاجمها الأمراض والهواجس النفسية فالنهار في هم وقلق، والليل في حزن وأرق، وحياتها كلها انتظار لمن ينتشلها من هذا العذاب.
تقول إحدى طبيبات علم النفس (أستاذة منال زكريا/جامعة القاهرة):"إن العانس إنسانة قلقة نفسيا وعاطفيا خاصة إذا عوملت ممن حولها معاملة فيها نوع من الإحساس بالنقص أو الشفقة، وأحست أن وضعها معيب في المجتمع، والمؤكد أن الزواج وما يتبعه من الأنس والعاطفة وإشباع الحاجات الغريزية والنفسية من أهم أسباب السلامة النفسية والعصبية، فنحن النساء صعب علينا أن نعيش بلا رجال".
وصدق الله العظيم، إذ يقول: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)[الروم:21]،

* وبين امرأة تعاني من الحقد على الناس والمسؤولين وكل المجتمع:
تقول إحداهن: كلما دعيت إلى عرس إحدى رفيقاتي أو زواج إحدى صديقاتي، تجرعت غصص الحسرة وحرقة العبرة، وأوقد في القلب لهيب جراحي. تزف الواحدة منهم تلو الأخرى إلى جنتها المنتظرة، وحياتها المستقرة مع أن فيهن من هي أصغر مني سنا وأقل مني جمالا، وأدنى كمالا وأسوأ حالا.. وأعود بعد ذلك لسجني الكبير حسيرة البال، كسيرة الخاطر، أدعو ربي من كل قلبي "ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا".
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا.. ... .. وحسب المنايا أن يكن أمانيا

وتقول أخرى: "لقد سببت كل المسؤولين، وتمنيت ألو نشبت فيهم أظفاري وأنيابي، ولو كان الأمر بيدي لسننت القوانين التي تجبر الرجال على الزواج من العوانس، وتمنع أن تمكث المرأة بدون زواج".

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة