صعوبة الكلام والتلعثم، وعلاقته بالرهاب الاجتماعي

0 7

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن أبلغك -يا دكتور محمد- أنني استعملت دواء (زولفت) لمدة ثلاثة أشهر، كما أشرت في استشارتك السابقة رقم (296855)، ولكنني شعرت بتدهور في حالتي، فقررت الذهاب إلى طبيب آخر، فقام بوصف دواءي: سبراليكس، وفافرين لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقفت عن العلاج.

انتهت إحدى مشكلاتي -الحمد لله-، وهي الرهاب الاجتماعي والخوف من الناس، لكن المسبب الأساسي للمشكلة لا يزال موجودا، وهو: الصعوبة في التعبير، ضعف التركيز، صعوبة الانطلاق والاسترسال في الحديث، وعدم القدرة على نطق جملة طويلة بشكل سريع، إضافة إلى ضعف الرد السريع عند الحاجة، التوهان، ضعف ربط الأفكار ببعضها، وكثرة النسيان.

باختصار، مشكلتي الوحيدة في الحياة هي الكلام، لدرجة أنني -أستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله-، أتمنى أحيانا لو أنني ولدت أبكم، حتى لا أعاني ما أعانيه اليوم.

ولأعطيكم نظرة شاملة عن حالتي: كنت أظن أن سبب مشكلتي يعود إلى علة في الدماغ، وذلك بسبب حادث تعرضت له وأنا في السادسة من عمري، حيث أصبت في رأسي، وتحديدا في المنطقة الوسطى من الجهة اليسرى، الأقرب إلى مؤخرة الرأس، راجعت أطباء مخ وأعصاب، وأجروا لي فحوصات وأشعة، وأجمعوا جميعا على عدم وجود أي خلل في الدماغ، ومن خلال بحثي المتواصل في الشبكة العنكبوتية، تبين لي أن هناك ارتباطا وثيقا بين المنطقة التي أصبت بها -والتي تعرف بـمنطقة بروكا-، وبين مشاكل الكلام، حيث إن إصابتها قد تسبب ما يعرف بمرض الحبسة الكلامية -الأفازيا-.

أسأل الله أن يجزيكم عني خير الجزاء، وأن يوفقكم لتوجيهي إلى العلاج، أو الدواء المناسب لحالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن منطقة بروكا Broca، أو منطقة روكس Rocks في المخ هي المنطقة الرئيسية، والتي تمثل المرتكز الأساسي للنطق عند الإنسان، وافتقاد القدرة لا يكون في هذه المنطقة يكون ناتجا من إصابات بسيطة، إنما تكون إصابات كبيرة، أو جلطة أو سكتة دماغية، هذه هي الأسباب الأكثر شيوعا.

أخي الكريم: مع احترامي الشديد لوجهة نظرك، لكني لا أعتقد أن إصابة الرأس التي عانيت منها، أدت إلى تغيرات عضوية حقيقية نتج عنها هذا التلعثم، أو عدم القدرة على الاسترسال في الكلام، من وجهة نظري أن الأمر واضح أنه نفسي المنشأ، وارتبط بحالة الرهاب الاجتماعي التي لديك؛ لأن أصحاب الرهاب الاجتماعي دائما يأتيهم هذا الشعور، بأن أداءهم ليس جيدا، وأنهم مراقبون من قبل الآخرين، ويقللون من مقدراتهم، أنا أحترم وجهة نظرك جدا، ولكن أعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي، في صعوبة الكلام التي تعاني منها، وحتى إن كانت الأسباب عضوية -وهذا الاحتمال غير وارد في حالتك-، فإن وسيلة العلاج واحدة، وهي التأهيل، ونقصد بالتأهيل: الاجتهاد في التدريب، والتدريب يتطلب الاستمرارية، وكما ذكرت لك أفضل وسيلة للتدريب هي:

1- أن تثق في مقدراتك.
2- اقرأ بصوت مرتفع، وحاول أن تسجل ما تقرأ ثم استمع إليه.
3- لا مانع أبدا من أن تقلد أحد الخطباء أو المذيعين أو أي شخص تراه مفوها، وهذا التقليد يجب أن يصحبه التسجيل لما سوف تقوله، وبعد ذلك تستمع إلى ما سجلته، هذه الطريقة تتطلب الصبر والتمرين اليومي، وفي نهاية الأمر سوف تعود عليك -إن شاء الله- بعائد إيجابي.

أمر آخر: قراءة القرآن بتدبر وصوت مرتفع، لا شك أنها تحسن من طلاقة اللسان وانفتاح الفكر، وتعطيك -إن شاء الله- الثقة والمقدرة الأكثر في التواصل مع الناس خطابيا، ولا بد بالطبع من زيادة رصيدك المعرفي؛ لأن زيادة الرصيد المعرفي واللجوء إلى تكرار المعلومات يقوي الذاكرة، ويزيل النسيان -إن شاء الله- كذلك تمارين الاسترخاء مهمة وضرورية جدا؛ لأن الاسترخاء يؤدي إلى استرخاء العضلات عامة، وعضلات الرقبة والحنجرة، التي لها وظائف مهمة جدا في إخراج الكلام.

هذا هو الذي أراه، -وإن شاء الله- الأمور سوف تسير نحو الأحسن، ولا أريدك أن تلجأ إلى التفسير العضوي، أي إصابة الرأس، فإصابة منطقة بروكس تنتج عنها تغيرات أخرى، ليس من النوع الذي ذكرته في رسالتك، وحتى إن وجد سبب عضوي بسيط، ليس له علاج إلا التمرين والتدريب والتأهيل، وهذا يقوم على الأسس البسيطة التي ذكرناها لك.

أنا سعيد جدا أن أعرف أن أعراض الرهاب الاجتماعي الأخرى قد اختفت، وعليك بالمزيد من المواجهة، والتواصل الاجتماعي، وتناول الدواء حسب الطريقة التي وصفها لك الطبيب.

نشكر لك التواصل مع استشارات إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات