السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من الوسواس القهري المتعلق بأمور الدين.
بدأت هذه الهواجس تحديدا في شهر رمضان الماضي عندما كنت أؤدي صلاة التراويح للمرة الأولى، وظننت حينها أنها مجرد أفكار عابرة ستزول بعد النوم والاستيقاظ، لكنها استمرت معي حتى الآن، أي لمدة سنة ونصف.
في بداية الأمر، كدت أفقد صوابي بسبب هذه الوساوس، وكنت أعتقد أنني منافق؛ مما سبب لي حزنا شديدا، ولكن عندما علمت بأن هذا الأمر هو مرض نفسي، وأصبحت هذه الأفكار تأتيني دون أن أشعر بالحزن أو الخوف منها، لعلمي أنني معذور، إلا أنني مع ذلك أشعر بقسوة في قلبي نتيجة كثرة هذه الأفكار، وأجد صعوبة في الخشوع أثناء الصلاة، كما بدأت أشعر بانقباضات عضلية تزداد وتيرتها عما كانت عليه في السابق، وجدير بالذكر أني أعاني في الأصل من سمات الانطوائية، والحساسية المفرطة في التعامل مع الآخرين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنك قد وصلت إلى قناعة ويقين بأن الذي تعاني منه هو وساوس قهرية، وأن هذه الوساوس هي حالة أو ظاهرة أو مرض نفسي، وإن كنت لا أميل إلى تسميته مرضا في بعض الأحيان، إلا أن ذلك قد يكون مقبولا أيضا حسب التشخيصات العالمية.
وحين تحسنت قناعاتك وأصبحت أكثر إلماما بطبيعة حالتك، قلت حالة الكدر والأحزان التي كانت تنتابك، ولكن في نفس الوقت بدأت تنشأ عندك مشاعر بأنك قاس، ولا تستطيع أن تخشع في الصلاة.
أعتقد أن هذه الجزئية الأخيرة، وهي الشعور بعدم الخشوع في الصلاة، ربما يكون الوسواس قد أوصلك لهذا الأمر، فيجب أن تحافظ على صلاتك في وقتها، ويجب أن تكون منتبها في الصلاة ومركزا، وهذا بالطبع يحسن من الخشوع ما دام القلب حاضرا.
وأنت لا شك في حاجة إلى علاج دوائي، وبفضل الله توجد أدوية ممتازة لعلاج الوساوس القهرية، ولتحسين المزاج؛ لأن عسر المزاج كثيرا ما يأتي مع الوساوس القهرية، وأنت لك تجربة في ذلك.
وحتى وصفك بقسوة القلب هذا، أعتقد أن الكدر فصل بين مشاعرك الحقيقية، وهذه المشاعر التي تصفها بالقسوة، وأصبحت هذه المشاعر السالبة هي الطاغية على وجدانك، مما أعطاك هذا الشعور الوسواسي بأنك لا تخشع في الصلاة.
ولكن عموما، أكثر من الاستغفار والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأكثر من ذكر الله تعالى، وكن مركزا ومنتبها في صلاتك، وحاضر القلب كما ذكرت لك.
ويأتي ذلك بالتركيز على ما تقوله من قرآن وأدعية وصلوات، وعليك بالدعاء في كل وقت بأن يرزقك الله خشيته في الغيب والشهادة.
الانقباضات العضلية التي تحدث لك الآن لا تشغلك أبدا ولا تهتم بها، وهي دليل على وجود القلق النفسي؛ لأن الوساوس في الأصل هي نوع من القلق النفسي، والقلق بجانب المكونات النفسية لديه مكونات عضوية أو جسدية، ومنها الشعور بالانقباضات العضلية أو الشد العصبي، فأرجو ألا تستغرب هذا الأمر.
أما بالنسبة لمعاناتك من الانطوائية والحساسية كجزء من شخصيتك، فيعرف أن الشخصية الوسواسية كثيرا ما تكون على هذا النمط، وحينما تعالج الوساوس إن شاء الله كل شيء سوف يتحسن.
العلاج الدوائي الذي أود أن أصفه لك عقار يعرف باسم (فلوزاك - Fluoxac)، وهذا هو مسماه التجاري في مصر، ومسماه التجاري الآخر هو (بروزاك - Prozac)، واسمه العلمي هو
(فلوكستين - Fluoxetine)، أرجو أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميا.
وقوة الكبسولة هي عشرون مليجراما، تناول الدواء بعد تناول الطعام – لأن هذا هو الأفضل –، واستمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراما – وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، ويجب أن تستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة عام، وهذه المدة ليست طويلة أبدا، وبعد انقضاء هذه المدة يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.
الفلوكسيتين دواء سليم وفعال وغير إدماني، فأرجو أن تتناوله دون أي تردد، ولا بد أن تلتزم التزاما قاطعا بالجرعة حتى تجني الثمار الحقيقية لهذا الدواء، فهو فعال جدا في قهر الوساوس القهرية.
بجانب العلاج الدوائي عليك:
1) أن تحقر هذه الوساوس.
2) لا تلتفت لها أبدا.
3) اعمل وفكر بما هو ضدها، فهذا يساعد كثيرا.
4) ركز على دراستك.
5) مارس الرياضة.
6) عليك أن تدير وقتك بصورة إيجابية وفاعلة.
7) عليك أن تحرص على الصلاة في المسجد.
وإن شاء الله تعالى سوف تحس في ظرف ثلاثة إلى أربعة أسابيع أن التحسن قد بدأ يأتيك، وهذا التحسن يصل إلى ذروته وقمته، بعد مضي ثمانية إلى عشرة أسابيع من تناول الدواء بجرعته العلاجية، وهي أربعون مليجراما يوميا.
وبالله التوفيق.