تجاهلت الوساوس وأصبحت لا أعيد الصلاة..هل فعلي صحيح؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لكم جهدكم في مساعدة المسلمين وإعانتهم في أمور دينهم، جزاكم الله عنا خير الجزاء.

كنت أعاني في السابق من الوسوسة في النظافة والطهارة، وكان ذلك عندما كان عمري نحو أربع عشرة سنة، ولكن بفضل الله وعونه تخلصت منها وأصبحت أموري طبيعية.

ومنذ ما يقارب السنة، عادت إلي الوسوسة ولكن بشكل مختلف؛ فهذه المرة لم تكن في النظافة، بل جاءت في ديني، في بداية الأمر، بدأت تأتيني أفكار غريبة عن الدين، وخصوصا أثناء الصلاة، ثم تطور الأمر إلى وسواس في الخشوع؛ حيث أصبحت أشعر بأنني لا أخشع في صلاتي؛ ونتيجة لذلك كنت أطيل كثيرا في الصلاة.

وصرت كلما تخلصت من وسوسة أتتني أخرى، واستمر هذا الحال حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن، حيث أشعر بأنني لا أستطيع التغلب عليه.

ففي وقت الصلاة، تأتيني أفكار جنسية تؤدي -بطريقة غير إرادية- إلى خروج مذي أو رطوبة لا أستطيع التحكم بها، وتبدأ هذه الحالة مع بداية الوضوء وتنتهي بانتهاء الصلاة، وتتكرر مع كل صلاة.

وأنا أعلم أن خروج المذي يبطل الوضوء، لذلك أعيد الوضوء والصلاة مرة أخرى، ولكن يحدث أن يبطل الوضوء مجددا، وأحيانا أكرر ذلك أكثر من ثلاث مرات.

أعاني كثيرا من هذا التكرار، خاصة أنني أسكن أثناء فترة الدراسة في السكن الداخلي للجامعة مع زميلة في الغرفة، فأشعر بحرج كبير عندما تراني أكرر الوضوء والصلاة، كذلك كثيرا ما ينزعج أهلي من خروجي معهم؛ لأنني أؤخرهم بسبب تكرار الصلاة وإعادتها.

بعد ذلك، وبحكم تجربتي السابقة، كنت أعلم أن الوسواس يعالج بالإعراض وعدم الاستجابة، فقررت أن أتجاهل هذه الأفكار وألا أبالي لها، وعندما تراودني، أحاول إنكارها قدر المستطاع، وأركز على الصلاة والخشوع فيها.

وفي حال اضطررت إلى إعادة الصلاة، أكررها مرة واحدة فقط، حتى لو كان الوضوء قد بطل، مع حرصي على المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأرجو أنه إذا استمررت على هذا الحال، ولم أستجب للوساوس، أن تنتهي -بإذن الله-، لكنني الآن لا أعلم هل ما أفعله صحيح أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية رحمة ربها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فلا شك أن الوسواس هو أحد الابتلاءات البسيطة، وهو دليل -بإذن الله تعالى- على صدق إيمان المؤمن، والحقيقة أن الوسواس أيضا من طبيعته أن يتغير وأن يتبدل من موضوع إلى آخر، وخاصة ما يكون ناشئا من البيئة، الوساوس ذات الطابع الديني كثيرة جدا، -وإن شاء الله- هذا دليل على خيرية هذه الأمة، فنسأل الله تعالى أن يحفظ الجميع، وأن يعافي الجميع، وأن يبعد عنهم الشيطان ومكره.

لا شك أن المنهج العلاجي الذي تنتهجينه هو المنهج الصحيح، ومنهج أن تحقري الوساوس، أن تتجاهليها، وأن لا تستجيبي لها هي المبادئ السلوكية الرئيسية، والإنسان حين يقاوم وحين يجاهد وحين يتجاهل وحين لا يستجيب لهذه الوساوس، يحس بشيء من القلق، وهذه ردة فعل طبيعية جدا من الناحية النفسية، وهنا –أي حينما يحدث القلق– يجب أن يكون الصمود والإصرار على التجاهل وعدم الاستجابة السلبية، فأرجو أن تسيري على هذا المنهج، وهذه طريقة جيدة جدا ومفيدة جدا، وما دام لديك الرغبة ولديك الإصرار فسوف يبتعد عنك هذا الوسواس -إن شاء الله تعالى-.

هناك تمارين سلوكية أخرى، مثل: أن تربطي الوساوس مع منفر، وأكثر منفر هو إدخال الألم على النفس، أي فكري في الفكرة الوسواسية مثلا، وقومي بالضرب على يدك بقوة وشدة، حتى تشعري بألم شديد، اقتران الألم بالوسواس سوف يضعف الوسواس، وهذا من خلال ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، التمرين يتطلب أن تكرريه في كل جلسة عشر مرات، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة أسبوع، ثم بمعدل مرة واحدة لمدة أسبوعين، ومعظم الناس يستفيدون كثيرا من هذا التمرين، والبعض يقوم بالتفكير في الوسواس، وشم رائحة مقززة ومنفرة، الهدف أيضا هو ربط أو التزاوج بين المنفر وبين الفعل أو الفكر الوسواسي.

هناك حيل سلوكية أخرى، كأن تفكري في الوسواس ثم تخاطبيه وتأمريه بالتوقف، تقولي له: (قف قف قف)، هذه فكرة مفيدة، وهنالك ما يعرف بإدخال النقيض، وهو علاج سلوكي، وهنالك من يلجأ إلى تكرار الفكرة الوسواسية حتى يحس الإنسان بالجهد، لا تكرري الفعل، ولكن كرري الفكرة المرتبطة به، حتى تجدي نفسك أنك قد شعرت بنوع من الإنهاك أو التعب، هذه كلها وسائل سلوكية جيدة ومفيدة جدا.

الأمر الآخر والمهم جدا: والذي أريد أن أضيفه وأنصحك به هو تناول الأدوية، الآن -وبفضل الله تعالى- توجد أدوية ممتازة وسليمة وفعالة، وهذه الأدوية وجد أنها تنظم المنظومة الكيميائية والبيولوجية الخاصة بشبكة ما يعرف بالموصلات العصبية، والتي يعتقد أن اضطرابها وعدم انتظامها في إفراز بعض المواد الكيميائية في الدماغ، هو الذي يؤدي أو يساعد على استمرار الوساوس القهرية.

هذه الأدوية يمكن الحصول عليها دون وصفة طبية، ومن أفضلها دواء يعرف علميا باسم (فلوكستين FLUOXETINE)، ويسمى تجاريا باسم (بروزاك PROZAC)، فأرجو أن تتناوليه دون أي تردد، ابدئي بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي 20 مليجراما، يفضل أن تتناوليها بعد تناول الأكل، استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتوقفي عن تناول هذا الدواء.

الدواء كما ذكرت لك فعال وسليم، وهو غير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر أبدا على هرمونات النساء، وفوق ذلك هو يدعم العلاج السلوكي بصورة ممتازة، كما أنه يحسن المزاج، ويزيل -إن شاء الله- الكدر وعسر المزاج الذي يكون مرتبطا بالوساوس القهرية؛ لأنها في الأصل هي نوع من القلق النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

مواد ذات صلة

الاستشارات