السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم على هذا المجهود الجبار، وجعلها الله في موازين حسناتكم.
أحببت شخصا ملتزما -لله الحمد-، ولم نلتق ولو لمرة واحدة، كان يكلمني فقط عبر الهاتف، ومنذ بداية معرفتي به، طلب خطبتي، لكن والده رفض، حاول معه بشتى الوسائل، ولكن دون جدوى.
وكان السبب أننا من بلدين مختلفين، وقد مزق والده جواز سفره، وفي الأمس قال له بصراحة: عليك أن تختار الفتاة أو والدك، والشاب سألني عن رأيي، فقلت له: والدك أولى، وستجد غيري، وكان هو قد قرر الشيء نفسه.
مشكلتي أن نفسيتي في الحضيض، وكرهت فكرة الزواج بسببه؛ لأنني كنت أحبه، فكيف لي أن أنساه؟ لقد بنيت حياتي على هذا الحب، فكيف أبدأ من جديد؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإننا نشكر لك اتخاذك هذا القرار السديد، ونصحك لهذا الرجل بأن يقدم رضا والده على اختياره لك، هذا موقف صحيح، وهو الذي يرضاه الله تعالى، فبر الوالدين شأنه عظيم.
وأما أنت -أيتها الأخت العزيزة- فإننا نشعر بما تقاسينه من ترك هذا الرجل لك، وقد تعلق قلبك به، ونحن نضع بين يديك العلاج النافع لتخليصك مما تعانينه، وقد يكون تناوله صعبا وقد يكون طعمه مرا، ولكن هذه هي طبيعة العلاج.
ونتمنى أن تكوني عاقلة بالقدر الكافي حتى تختاري ألم ساعة، لتعيشي بعد ذلك لذة باقي الساعات، ووصيانا لك تتلخص فيما يلي:
1- عليك أن تتوبي إلى الله تعالى وتستغفريه؛ فإن هذا العشق الذي تعانينه كان بسبب محرم عليك، وهو الكلام مع هذا الرجل الأجنبي عنك، ولو كنت لزمت حدود الله تعالى منذ بداية الأمر لما وصل بك الحال إلى ما وصل، وفي الحديث: "والتوبة النصوح تجب ما قبلها".
2- نتمنى أن تتأملي الأمر بهدوء وروية، وتتفكري فيما أنت فيه، وتسألي نفسك هذا السؤال، وهو: هل من المفيد أن يتعلق الإنسان بشيء لا يصل إليه؟! وما هي الثمرات التي ستجنينها من وراء تألم القلب بتعلقه فيما لا يبلغه؟ إن العاقل لا يفعل مثل هذا، فعليك أن تصرفي قلبك عن هذا التعلق، وتحاولي نسيان هذا الرجل (ولو) رويدا رويدا.
3- إن مما يقوي عندك العزم على نسيان هذا الرجل والإقبال على حياتك بشكل طبيعي، أمرين اثنين:
الأول: أن تؤمني بأن صرفه عنك هو قدر الله سبحانه، إنما يقدر لك ما هو خير لك، فإنه يعلم ما لا تعلمين، وهو أرحم بك من أمك وأبيك، بل من نفسك التي بين جنبيك.
الثاني: أن تتفكري جيدا في عيوب هذا الرجل ونقائصه، وفي المقابل تذكري أن هناك رجالا كثيرين قد يرزقك الله تعالى زوجا صالحا منهم، يكون خيرا وأنفع لك من هذا الرجل.
4- أشغلي نفسك بالنافع لك في دينك ودنياك، واحرصي على صحبة النساء الصالحات، فالنفس إن لم تشغليها بالحق شغلتك بالباطل.
5-أكثري من ذكر الله تعالى والاستغفار والدعاء بأن يرزقك الله الزوج الصالح، وإذا تقدم لك من ترضين دينه وخلقه، فبادري بالقبول، وأحسني الظن بربك، وسترين -إن شاء الله- أن السعادة تملأ حياتك.
وفقك الله لكل خير.