أتمنى أن أكون طبيعيًا في المواقف الاجتماعية، فكيف ذلك؟

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرغب في تشخيص حالتي، وأتساءل: هل أنا مصاب بالرهاب الاجتماعي أم أن ما أشعر به مجرد أوهام؟

سأعرض ما أعانيه في نقاط:

- عندما أكون في مجلس يملؤه الضحك والمرح والمزاح، أشعر بالتوتر، ولا أستطيع أن أضحك من قلبي، رغم أن الجميع يضحك، إلا أن ضحكتي تكون خجولة ومتوترة، ولا أعلم إن كان ذلك يبدو علي أم لا، حتى لو لم يكن الحديث موجها إلي.

- إذا دخلت على مجلس وبدأت بالسلام على الحضور، ينتابني توتر شديد ويجف فمي، وأخشى أن يلاحظ أحدهم أنني أبتلع ريقي.

- أحرص على تجنب بعض الأشخاص المعروفين بكثرة الانتقاد، حتى لا أشعر بالانزعاج أو التوتر.

هناك أمور أخرى لا تحضرني حاليا، وما أتمناه ببساطة هو: أن أتمكن من الضحك من أعماقي كباقي الناس.

جربت استخدام "إندرال"، وقد ساعدني قليلا في تخفيف التوتر، لكنه لم يقض على القلق بشكل كامل، وأسأل: هل "سيبرالكس" مناسب لحالتي؟

وأضيف أمرا آخر: رغم هذه المعاناة، إلا أن بعض الأشخاص يلاحظون غيابي ويسألون عني: "أين أنت؟ لماذا لا تتصل أو تسأل؟"، وهذا يجعلني أحيانا أشعر أنني بخير، لكن سرعان ما تتبدل حالتي إذا تعرضت لموقف سلبي أو انتقاد بسيط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أحسنت وصف حالتك، ومن هذا الوصف الذي أستطيع أن أستنتجه هو أنك تعاني من درجة بسيطة من القلق أو الخوف الاجتماعي، وهذه الحالة منتشرة وكثيرة جدا، ويظهر أنك حساس أيضا، وتركز كثيرا على انفعالات وتفاعل الآخرين حين تتواصل معهم، وأنك تقوم أيضا بمراقبة نفسك كثيرا.

وهذه الأعراض من توتر وشعور بجفاف الريق هي من صميم أعراض القلق النفسي، والقلق النفسي له مكون عضوي ومكون نفسي، فالمكونات العضوية مثل جفاف الحلق والرعشة وزيادة ضربات القلب والتعرق، وهكذا.

أما الجانب النفسي فهو الشعور الداخلي بالقلق وبشيء من الخوف وعدم الطمأنينة، مخافة أن تفقد السيطرة، والشعور بأن الآخرين يقومون بمراقبتك.

هذه كلها هي أعراض القلق النفسي الذي نسميه في مثل هذه الحالة (الخوف/الرهاب/الخجل الاجتماعي)، لكن حالتك من النوع البسيط جدا، وأقول لك: إنك غير متوهم، وصفك صحيح وطيب ودقيق، وحالتك أيضا إن شاء الله بسيطة كما أوضحت لك، وبما أن الحالة بسيطة ولا تستحق كل هذا الانزعاج فعليك بتجاهلها، عليك أن تبني الثقة في نفسك، وأنا أريد أن أوضح لك أنه لا أحد يقوم بمراقبتك أبدا، هذا مجرد شعور غير صحيح.

أنصحك أيضا بأن تكثر من الزيارات لأصدقائك وأرحامك وأن تتواصل اجتماعيا، وأن تشارك الناس في مناسباتهم الاجتماعية، وهذا مهم جدا، وأن يكون لك حضور في كل ما يهم أهلك وأصدقائك، وحاول دائما أن تطرح مواضيع للنقاش حين تكون جالسا مع الآخرين، أي: لا تكن مستمعا فقط، انظر إلى الناس في وجوههم حين تتحدث إليهم، وأفضل بداية للحديث مع الناس بالطبع هي أن تبدأ بالسلام وأن تتبسم في وجوههم، هذا إن شاء الله فيه أجر كبير، وفي ذات الوقت يجعلك لا تحس بهذه الرهبة وهذا الخجل الاجتماعي.

الصلاة يجب أن تكون في الصف الأول في المسجد، هذا وجد أيضا أنه يفيد كثيرا في التخلص من الرهاب الاجتماعي، وممارسة الرياضة خاصة مع مجموعة من الشباب، وحضور حلقات التلاوة ومجالس العلم، هذه كلها علاجات سلوكية مهمة جدا ومفيدة في مثل حالتك.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فأقول لك: نعم توجد أدوية كثيرة وجيدة وفعالة تساعد في زوال هذا الخوف وهذا الرهاب، وإن شاء الله تؤدي إلى تحسين مزاجك؛ لأن عكر أو كدر المزاج الذي تعاني منه هو ثانوي، أي أنه ليس هو الأصل، إنما الأصل هو القلق والقلق هو الذي أدى إلى هذا الشعور بالاكتئاب البسيط وعدم الارتياح، والأدوية إن شاء الله تزيل ذلك تماما.

سؤالك: هل الـ (سيبرالكس، Cipralex) يفيد في مثل حالتك؟
أقول لك: نعم السيبرالكس مفيد، لكن الدواء الأفضل هو زيروكسات، وهو قريب جدا من الـ سيبرالكس، ويعمل تقريبا من خلال نفس المواد الكيميائية التي تسمى بالموصلات العصبية، وهي موجودة في المخ، لكن الـ زيروكسات.

يتميز على الـ سيبرالكس بأنه أكثر دقة في فعاليته في علاج مثل هذا النوع من الخوف الاجتماعي، والسيبرالكس له مميزات أخرى؛ حيث إنه يتفوق على الـ (زيروكسات، Seroxat) في علاج حالات تعرف بحالات الهلع أو الفزع، وبالطبع حالتك ليست من حالات الهلع أو الفزع.

جرعة الزيروكسات في مثل حالتك هي جرعة صغيرة، وتبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام) تتناولها يوميا بعد الأكل، استمر عليها لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، وأنت لست في حاجة لجرعة أكبر من ذلك، ولكن لابد أن يكون هنالك التزام شديد جدا من جانبك في أن تتناول الدواء يوميا.

استمر على جرعة الحبة يوميا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين أيضا، ثم نصف حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين أيضا، ثم توقف عن تناول الدواء، وقد كنا حريصين على أن نقسم لك مراحل العلاج الدوائي: جرعة البداية، جرعة العلاج، ثم جرعة الوقاية والتوقف عن الدواء.

هذه هي الطريقة الأفضل، والمدة التي وصفناها لك ليست مدة طويلة، والدواء بفضل الله لا يسبب الإدمان أو التعود، وليس له مضار حقيقية.

نسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات