زملائي أتموا دراساتهم الجامعية وتزوجوا بينما أنا ما زلت أتفرج!

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله الذي وفقني وأتاح لي فرصة سؤالكم.

مشكلتي أني بلغت من العمر 31 عاما ولم أتزوج حتى الآن، أعمل منذ 10 سنوات في شركة سيارات، وقد عانيت في بدايتي معها حتى من الله علي براتب 3000 ريال بعد أن بدأت براتب زهيد، مشاكلي تتلخص فيما يلي:

1. راجعت طبيبا للمخ والأعصاب بسبب عصبيتي الزائدة أحيانا، وبكائي المستمر، وشعوري بالحزن على حالي، شخص الطبيب حالتي باضطراب القلق العام، ووصف لي دواء سيبرالكس، واستمررت عليه 10 أيام فقط، وشعرت ببعض التحسن، لكن اطلاعي على آثاره الجانبية -خاصة تأثيره المحتمل على الناحية الجنسية كما قرأت- دفعني للتوقف عن تناوله.

2. يؤرقني عدم إكمال دراستي الجامعية؛ مما أفقدني الثقة بنفسي وأشعرني بنقص دائم، وحاولت إكمال الدراسة في معهد دبلوم ليلي، لكن طول الدوام حتى السادسة مساء حال دون ذلك.

حاولت الدراسة في جامعة خارجية، لكنني شعرت بالإرهاق وبأن جهودي ستذهب سدى لعدم الاعتراف بالشهادة، وحاليا -وبعد مرور 10 سنوات على تخرجي من الثانوية- أدرس بالمراسلة في كلية عبر الإنترنت؛ للحصول على دبلوم إدارة.

3. حصلت على بعض الشهادات في الحاسوب واللغة الإنجليزية (دورات قصيرة)، وشهادة اجتياز اختبار اللغة الإنجليزية العام من معهد كامبردج بالمراسلة.

4. أشعر بقلة إنتاجيتي في عملي كسكرتير، حيث تقلصت مهامي الوظيفية عما كانت عليه؛ مما يثير لدي شعورا بعدم الاستقرار الوظيفي، وخوفا من الفصل في أي لحظة، بالإضافة إلى قلقي وتخوفي من المستقبل.

5. سعيت لإيجاد عمل آخر براتب ودوام أفضل، لكن ضعف ثقتي بنفسي وتجربتي الفاشلة مرتين أحبطتاني، ووجدت عملا جيدا في مدينة بعيدة جدا، مما كان سيؤثر سلبا على حالتي النفسية، كما وجدت فرصا أخرى اشترطت إتقانا شديدا للغة الإنجليزية، وهو ما لا أملكه، فلغتي الإنجليزية جيدة وليست قوية جدا.

6. تراودني رغبة شديدة في الزواج، خاصة بعد زواج جميع أصدقائي تقريبا، ولم يتبق إلا قلة منهم، تتراوح أعمارهم بين 27 و 28 عاما، لكني أخشى الإقدام على هذه الخطوة لشعوري بعدم الاستقرار، مع أني لست مهددا بالفصل، إلا أن هذا الشعور بالنقص والعجز يثنيني عن الإقدام نحو هذا الأمر.

7. تشتد علي الفتن وأمارس العادة السرية السيئة أكثر من ثلاث مرات في الأسبوع، وألجأ لمشاهدة الأفلام السيئة لإشباع رغبتي عند الحاجة.

8. ينتابني شعور بالخجل أمام الأشخاص الجدد، وأحيانا أكون شديد الحساسية، وأتردد قبل الإقدام على أي فعل؛ مما يعوقني عن القيام بالكثير من الأمور.

9. أشعر بالذنب تجاه والدي لتقصيري في إسعادهما والتواصل معهما إلا نادرا، كما ينتابني شعور بأنني لست طبيعيا كبقية الناس، وأجد صعوبة في الاستمتاع بالحياة بشكل طبيعي.

10. يحزنني رؤية زملائي وقد أتموا دراساتهم الجامعية وتزوجوا، بينما أنا ما زلت أتفرج، علما بأن العائق المادي هو ما منعني من إكمال الدراسة في البداية، ثم حالت ظروف نقل الكفالة -لأني في بلد غير بلدي- دون ذلك لاحقا.

ما الحل لهذه المشكلات؟ مع العلم أني أحرص على أداء الصلوات إلا في الأيام التي أسهر فيها أو أرتكب ذنبا في الليل، كمشاهدة فيلم أو الاستمناء، فأتهاون في صلاة الفجر.

أرجوكم مد يد العون لي، وقدموا لي النصح، فأنا شارد الذهن، ومتردد، وقلق، وحائر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

من خلال ما سردته في رسالتك -من ناحية الأعراض النفسية- يشير إلى أنك تعاني من قلق نفسي عام، وهذا شائع، وكثير من الناس يعاني من القلق، والقلق له مكونات إيجابية وسلبية؛ يمكن للإنسان أن يستفيد من مكوناته الإيجابية ويتغاضى عن السلبية، أو يمكنه أن يحولها إلى دوافع نفسية إيجابية جديدة؛ لأن القلق بصفة عامة هو الذي يرفع من درجة يقظة الإنسان واستعداده وإقدامه على الإنجاز وعلى القيام بما هو مفيد له وللآخرين.

والقلق النفسي من هذه الدرجة لا شك أنه يتطلب العلاج الدوائي، وأعتقد أن الطبيب كان محقا حينما وصف لك عقار سبرالكس، فهو من الأدوية الجيدة والممتازة جدا، ولكن نسبة لحالة القلق التي تعاني منها أصبحت أيضا قلقا حول آثاره الجانبية، بالرغم من أنه من أفضل وأحسن وأسلم الأدوية.

أنت -أخي الكريم- في حاجة إلى العلاج الدوائي، وهذه الأدوية -بفضل الله تعالى- خاضعة لشروط علمية دقيقة جدا، والأدوية الآن خاصة المضادة للاكتئاب –لا أقول جميعها إنما معظمها– يمكن الحصول عليها دون وصفة طبية، ونحن نفضل إعطاء الأدوية المضادة للاكتئاب، حتى وإن لم يكن اكتئابا عميقا؛ وذلك لأن هذه الأدوية أيضا فعالة في علاج القلق، والقلق في حد ذاته يمكن أن يكون مقدمة للاكتئاب.

فأنا أنصحك -أيها الفاضل الكريم- بأن تبدأ في تناول الدواء مباشرة. والدواء الذي أفضله عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت، zoloft) ويعرف تجاريا أيضا باسم (لسترال، lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين، sertraline)، وهو متوفر الحمد لله في المملكة، وسعره أقل من سعر السبرالكس، وفعاليته جيدة وممتازة جدا. أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم لمدة تسعة أشهر، بعد ذلك اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

هذه هي النقطة الأولى، وأعتقد أنها نقطة هامة؛ لأن انفعالاتك التوترية والقلقية حقيقة لن يكبح جماحها غير الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب، وهي -بفضل الله تعالى- متوفرة كما ذكرت لك، وقد قمت بوصف هذا الدواء، فأرجو أن تلتزم بتناوله، ولا تلتفت أبدا لما يذكر حول الآثار الجانبية، فالدواء سليم جدا بصفة عامة، والآثار الجانبية التي تذكر هي نتيجة لإلزام قانوني للشركات بأن تذكر كل الأعراض الجانبية حتى ولو حدث لشخص واحد من بين مليون شخص تناولوا الدواء.

الأمر الثاني: أن تصحح مسارك في أخطائك الواضحة والظاهرة والتي تحت إرادتك وتصرفك ومسؤوليتك الشخصية، وهي مشاهدة الأفلام السيئة الإباحية وكذلك ممارسة العادة السرية.

أيها الفاضل الكريم: حتى وإن كانت لك مشاكل لا يمكن أن تحلها بمشاكل أفظع وأسوأ منها، يجب أن تكون لك الإرادة، يجب أن تكون لك الحنكة والحكمة وأنت على بعد خطوات من الحرم المكي الشريف، فكيف تسمح لنفسك -أيها الأخ الكريم- بمثل هذه الممارسات؟ أنا أقدر مشاعرك جدا، وأقدر الظرف الذي أنت فيه، ولكن قطعا لا أجد لك عذرا لمثل هذه الممارسة أبدا، فالنفس مهما كانت ضعيفة يمكن أن يكبح جماحها، والإنسان إذا كان يستطيع أن يروض الحيوان الأعجم ويجعله يستأنس فمن الأولى أن يبدأ بترويض نفسه، وهذا ليس بالصعب أبدا.

الأمر الثالث: ترددك حول الزواج، لماذا تتردد؟ أنت حقيقة في حاجة إلى الزواج من أجل الاستقرار النفسي، ومن أجل إخراج هذه الشهوات الجنسية في مخارجها الصحيحة، وأن يهبك الله الذرية.

فيا أخي الكريم: لا تجعل موضوع العمل وعدم تأمين الوظيفة والخوف من الدخل؛ هذه حقيقة كلها أسباب في نظري واهية، وهي تزيد من قلقك وتوترك، والرزق مكفول من الله تعالى، والزواج هو في نفسه -إن شاء الله- سبب لمزيد من الرزق ورغد العيش.

أنت لديك جوانب إيجابية كثيرة جدا، وقد أعجبتني محاولاتك حقيقة لأن تتحصل على مؤهل علمي، أنت رجل لك مقدرات، ولكنك تنظر لنفسك نظرة سلبية وتعتقد أن ما قمت به من محاولات دراسية هنا وهناك هو إخفاق، هذا ليس إخفاقا، هذا هو قمة النجاح نفسه؛ فأنت تعمل وفي نفس الوقت تجاهد في أن تتحصل على مؤهل إضافي، أنا أعتقد أنك إيجابي جدا في هذا الأمر، وعليك أن تواصل مساعيك، وليس هنالك أكثر من ذلك سأقوله في هذا السياق.

بقي أن أقول لك: من الضروري جدا أن تكون لك رفقة وصحبة طيبة، وأن تمارس الرياضة، وأن تقرأ ما هو مفيد، وأن تبني صورة إيجابية عن نفسك، وأعتقد أنك لست في حاجة أصلا لأن تتردد على أطباء الأعصاب أو المخ أو غيرهم، فموضوعك واضح وبسيط وهو قلق نفسي زاد عن المعدل قليلا، ويمكن توجيهه توجيها إيجابيا بالتخلص من التفكير السلبي، وبأن تجعل لحياتك معنى، وبأن تنظم وقتك، وبأن تتزوج، وبأن تحجم نفسك عن الوقوع في الحرام.

هذا هو الذي أراه، وأنصحك حقا بأن تتناول الدواء، يجب أن أكرر هذا، وأنا على ثقة تامة بإذن الله تعالى أن الدواء في حد ذاته سوف يجعلك تحس بالراحة والاستقرار مما يمهد لك أن تطبق الآليات العلاجية الأخرى من أجل المزيد من التقدم والرفعة -بإذن الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأقول لك إن ما وصفته من تردد ومن قلق ومن حيرة هو في الحقيقة ناتج من القلق وليس أكثر من ذلك.

عليك بأن تثق في نفسك، وعليك بأن تكون لك رؤية وأهداف واضحة، وهي في نظري واضحة جدا؛ فأنت تسعى للتعليم، فواصل هذا المسار كما ذكرنا لك، وعليك بأن تتزوج، وعليك بالدعاء، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات