السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي طفلة وحيدة عمرها أربع سنوات وأربعة أشهر، أخاف عليها كثيرا -خاصة بعد وفاة والدها-، ومنذ أن كانت بعمر السنة، وأنا أتنقل بها بين المستشفيات، وقد أجريت لها جميع التحاليل، وكانت -ولله الحمد- سليمة، كما أجريت لها أشعة رنين، وتبين أن دماغها سليم، ومنذ العام الماضي بدأت أعطيها حبوب الغدة، لأن المشكلة ظهرت في الغدة، وقيل لي إن من الضروري الاستمرار في العلاج.
ابنتي مشت في عمر السنتين، لكن مشكلتها أنها إلى الآن لا تتكلم بشكل جيد، ووزنها 11 كلغ، وطولها 88 سم، أي أنها من حيث النمو الجسدي تبدو كأنها بعمر سنتين، وليس أربع أو خمس سنوات.
أعطيها حبوب الغدة بجرعة 25 ميكروغرام منذ سنتين، ولم ألحظ تحسنا في وزنها أو صحتها العامة، فمتى يبدأ مفعول العلاج بالظهور؟ وهل تحتاج ابنتي إلى أخصائي نطق؟ لأنها تنطق نصف الكلمات فقط، مثل: شمس، تقول: شم، وملعقة، تقول: ملعق.
طفلتي ذكية جدا، وأشعر أنني أعرف موضع الخلل، لكن ما يظهرها بهذا الشكل هو الضعف الجسدي، وكأن ملامحها فيها شيء من التخلف، وألاحظ أنها أحيانا عندما تغضب، تقوم بحك ركبتها في ساقها الأخرى، وقد أخبرت الطبيبة بذلك لكنها لم تعلق، والطبيبة تقول: يمكنها دخول الروضة.
لكن كيف تدخل وهي لا تعتمد على نفسها؟ أنا في حيرة، متى تبدأ نتائج العلاج بالظهور؟ وهل صحيح أن مرضى الغدة الدرقية قد يكون لديهم قصر قامة أو تخلف عقلي؟ وهل يمكن الشفاء من هذا التخلف بالعلاج؟
أرجو أن توضحوا لي جزاكم الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم، وحرم الله وجهكم على النار، ماذا أفعل؟ وأين أذهب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن المشكلة الأساسية في هذه الطفلة -حفظها الله- عجز الغدة الدرقية، وعجز الغدة الدرقية الذي يولد به الطفل قد يؤدي إلى تبعات كثيرة، إذا لم يعط العلاج في وقت مبكر، وإذا لم تكن هنالك متابعة دقيقة مع أخصائي الغدد، وأنت تبحثين عن الحقائق، ونحن من واجبنا أن نعلمك هذه الحقائق دون أن نسبب لك قلقا فوق طاقتك.
أبدأ وأقول لك: إن أعراض هذه الطفلة -حفظها الله- مرتبطة تماما بضعف الغدة الدرقية، أنت وصفت وصفا بليغا، ووصفا ممتازا، ولكن هذه الأعراض سوف تتحسن -إن شاء الله-، فقط المطلوب هو الالتزام القاطع بجرعة الدواء، وجرعة خمس وعشرون ميكروجرام، أعتقد أنها جرعة صحيحة، ولكن هذا الأمر يجب أن يحددها طبيب الغدد المختص في أمراض الأطفال، والمتابعة يجب أن تكون دقيقة، ويجب أن تكون لصيقة، ويجب أن يكون هنالك التزام قاطع من جانبك.
بالنسبة للجزء الأخير في سؤالك: هل الأطفال الذين يعانون من عجز الغدة الدرقية يكونون أقزاما، ويكون بهم تخلف عقلي؟ نعم هذه حقيقة إذا لم يبدأ العلاج مبكرا، إذا تأخر العلاج ولم يبدأ مبكرا فإن هؤلاء الأطفال معظمهم يكون لديهم محدودية في تفكيرهم المعرفي، كما أن أجسامهم تكون قصيرة.
هذه حقائق، ويجب أن تكون واضحة، ولكن -بفضل الله تعالى- هذه الابنة قد بدأت العلاج -فيما أعتقد- في وقت صحيح.
بقي الآن الالتزام بمواصلة العلاج، و-إن شاء الله- بشيء من التأهيل مثل أن تتاح لها فرصة التفاعل مع الأطفال الآخرين، والطبيبة حين اقترحت عليك الذهاب إلى الروضة، هذا اقتراح ونصيحة جيدة جدا؛ لأن اكتساب المهارات يعتمد اعتمادا كاملا على تفاعل الطفل مع محيطه، وأفضل محيط يتفاعل معه الطفل هو التفاعل مع الأطفال الآخرين، فيجب أن تكوني حريصة جدا في هذا الأمر.
مسألة أنها تحك ركبتها في ساقها الأخرى عن الغضب، فهذا نوع من الوساوس الطقوسية التي تحدث للأطفال، هذا الأمر ليس أمرا مرضيا، إنما هو نوع من الاستحواذ الوسواسي، أي أن الطفل قد يلجأ إلى تفاعل يتميز بالرتابة، ويستمر على نمط واحد متى ما حدث له استشعار مخالف لما يريده، فهذه أمور عادية تحدث للأطفال، فلا تشغلي نفسك بها أبدا.
هناك نصيحة مهمة: اعرفي أن طفلتك هذه هي طفلة خاصة، هي الطفلة الوحيدة، وهي تعيش ظروف اليتم بعد وفاة والدها –عليه رحمة الله-، ولا شك أن من الطبيعي سوف تكونين شفوقة عليها لدرجة كبيرة، هذا أمر يحدث في الحياة، ولكن الذي أريد أن ألفت نظرك إليه هو أنك إذا قمت بفرض رقابة صارمة على الطفلة، وحاولت أن تحميها حماية مطلقة، هذا لن يكون في مصلحتها أبدا من الناحية التربوية، وفوق ذلك يجب أن تكوني أكثر توكلا على الله، وهي في حرز الله، وعليك بالدعاء لها، وأن يكون حرصك وحمايتها في حدود ما هو معقول.
نسأل الله لها العافية، وأن يجعلها قرة عين لك، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.