السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 33 سنة، عانيت منذ فترة البلوغ من تفكك أسري، وسوء معاملة من والدي، كان هذا يسبب لي شعورا دائما بالضيق والظلم، خاصة أنني كنت أساند والدتي، باعتباري الكبرى بين إخوتي، كنت كثيرا ما أتعرض لمضايقات من أسرتي، بسبب تأخري في الزواج، مما جعلني ألجأ للعزلة والبكاء، وأحيانا الصراخ.
بعد وفاة والدتي، ازدادت حالتي سوءا؛ فأصبحت حساسة جدا تجاه أي كلام يوجه لي، حتى لو كان مزاحا، أصبح شعوري بالظلم من الآخرين أقوى، وصرت أشعر بالحقد والغيرة، حاولت في إحدى المرات الانتحار بواسطة الطعن، لكن خوفي منعني! كما أن تأخر زواجي وعدم حصولي على وظيفة ساهم في تدهور حالتي النفسية، حاليا أشعر بالكسل الشديد، وأفتقر للرغبة في مغادرة المنزل، وأصبحت أفرط في تناول الطعام، وأهملت نفسي بشكل كبير.
أبحث عن علاج لحالتي، وأرجو منكم مساعدتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه المشاعر التي تسيطر عليك، من شعور بالظلم والحقد نحو الناس، وشعور بالغيرة، ومحاولتك الانتحار في إحدى المرات، وما تعانين منه الآن أيضا من كسل، وعدم الرغبة في الخروج من المنزل، والإكثار من الأكل، وإهمال النفس، هذه كلها تدل على وجود حالة اكتئابية، وهذه الحالة الاكتئابية يظهر أن الرواسب السلبية السابقة، ساعدت في ظهورها بهذا الشكل.
الذي أنصحك به هو: ألا تتحسري على ما مضى، ولا تأسي على ما فاتك، وعلماء النفس يركزون على هذا الأمر كثيرا، حيث إن النظرة السلبية للماضي -حتى وإن كان سلبيا- ليست مفيدة، وأنت الآن -الحمد لله- لديك القوة النفسية والجسدية والعقلية والفكرية، وحتى الاجتماعية، التي تستطيعين من خلالها أن تبدلي وأن تغيري من حياتك بصورة أفضل، فمشاعر الحقد والغيرة، أمور ليست محبذة أبدا، والإنسان يجب أن يجاهد نفسه فيها، حتى يتخلص منها، فأنا أعتقد أنها لم تنشأ من سوء في نفسك، إنما نتيجة لهذا الاكتئاب الذي يسيطر عليك الآن.
لذا أقول لك -أيتها الفاضلة الكريمة-: بجانب التفكير الإيجابي، بجانب تغيير نمط الحياة الذي نطالبك به، فإنني أرى أن الأدوية سوف تفيدك، والعلاج الأفضل للذين يعانون من الاكتئاب الذي يتميز بالكسل وزيادة تناول الطعام يعتبر الـ (بروزاك Prozac)، والذي يعرف علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) هو الدواء الأفضل، وذلك حسب الأبحاث الكثيرة في هذا المجال وكذلك التجارب العملية.
الذي أرجوه منك هو الالتزام التام بتناول هذا الدواء، وهو دواء طيب جدا، ابدئي في تناوله بجرعة 20 مليجراما (كبسولة واحدة) يوميا، والجرعة تتطلب الالتزام والصبر عليها، والدواء -بفضل الله تعالى- سليم وغير إدماني، وليس له آثار جانبية مخلة أو سلبية، بعد انقضاء شهر من تناول هذه الجرعة يجب أن ترفعي الجرعة لتكون كبسولتين في اليوم، وهنا تكونين قد انتقلت من مرحلة بداية العلاج إلى مرحلة العلاج الحقيقي، والذي أسأل الله تعالى أن يجعل لك فيه خيرا كثيرا، استمري على الجرعة العلاجية لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة، لتنتقلي إلى مرحلة ثالثة في العلاج، وهي مرحلة الوقاية والتوقف التدريجي، وهنا يجب أن تستمري على جرعة كبسولة واحدة لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، و-إن شاء الله- سوف يفيدك هذا الدواء كثيرا.
بجانب ما ذكرناه لك سابقا، يجب أن تسعي لتغيير نمط حياتك، تواصلي مع الآخرين إيجابيا، ابني علاقات طيبة، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، واحضري الدروس ومجالس العلم، احرصي تماما على الصداقات والعلاقات، مع الداعيات والخيرات من النساء، هذا يحسن من الدافعية لديك، ويشعرك -إن شاء الله- بقيمة نفسك، وعليك أن تمارسي الرياضة بصورة مستمرة، رياضة تناسب المرأة المسلمة، وأكثري من الاطلاع والقراءة فيما هو نافع، ولا بأس من البرامج التليفزيونية المفيدة.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.