السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 27 سنة، أنهيت دراستي الجامعية منذ عامين، ومنذ نحو سنة ونصف بدأت أعاني من شعور بالتشتت والتيه، أنا الآن مخطوبة، وألاحظ أنني كلما بقيت في المنزل دون عمل أو دراسة، تنتابني وساوس وقلق وخوف.
عندما أسمع عن أي مرض، أبدأ بالشك في أنني مصابة به، ومؤخرا، سمعت شخصا يتحدث عن سماعه لأصوات تزعجه، ومنذ ذلك الحين أصبحت خائفة من أن يحدث لي الشيء ذاته، وأترقب الأصوات من حولي بقلق، وأخشى أن أرى أو أسمع أشياء لا يراها الآخرون، هذه الفكرة تؤرقني بشدة، وأخاف أن أفقد عقلي. لم أعد أشعر بالراحة عند الجلوس وحدي، وزادت لدي دقات القلب، وأصبحت أعاني من صعوبة في النوم.
في يوم خطبتي، أصبت بنوبة هلع شديدة، شعرت فيها بالضياع والخوف، وكأنني سأفقد السيطرة أو أغيب عن الوعي، حتى أنني شعرت بعدم الرغبة في إتمام الخطبة، واليوم يساورني القلق من أن يتكرر هذا الموقف في يوم زفافي.
أعلم أن هذه الأفكار ليست منطقية، وأدرك أنني لا أسمع أو أرى شيئا غير حقيقي، لكنني لا أستطيع التخلص من هذا الخوف، أرجو منكم مساعدتي في فهم حالتي النفسية، وهل يمكنني تجاوزها وإكمال حياتي الزوجية باستقرار؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنحن دائما نؤكد أن القلق طاقة نفسية، وهذه الطاقة النفسية يستهلكها الإنسان في أوقات الحاجة إليها، وبعد أن تنتهي حاجة الإنسان لهذه الطاقة الإيجابية قد تتراكم طاقة القلق لديه وتتحول إلى طاقة سلبية، وفي حالتك أرى أن أيام الدراسة كانت توجه طاقاتك كلها نحو الدراسة، وهذا جعل من مكون القلق مكونا إيجابيا، ولكن بعد أن انتهيت من الدراسة وجلست في المنزل، وأصبح هنالك شيء من الفراغ والتفكير، هذا جعل نفس طاقة القلق الموجودة في السابق والتي كانت توجه بصورة إيجابية من أجل التحصيل الدراسي أصبحت تتوجه توجها سلبيا، ونتج عن ذلك شعورك بهذا القلق بصورة واضحة، وأصبحت أكثر حساسية، وعبرت بصورة واضحة أن لديك مخاوف من الأمراض، وأنك سريعة التأثر، وهنالك ما نسميه بالتأثير الإيحائي يظهر عليك بصورة واضحة جدا.
ما ذكرته حول الخطبة وهذا التوجس، هذا أيضا نوع من الوسواس القلقي، وهو جزء من القلق النفسي، والنوبة التي انتابتك من تسارع في ضربات القلب، وهذا الشعور بأنك لا تستطيعين السيطرة على الموقف والخوف الشديد، هو نوبة هلع أو هرع، وهو جزء من القلق النفسي، وليس أكثر من ذلك، لا أريدك أن تنزعجي لكل هذه المسميات، فالأمر كله قلق في قلق، وليس أكثر من ذلك، وأنت مطالبة بأن تسألي نفسك (لماذا أقلق؟)، تذكري إنجازاتك، تذكري أنك انتهيت من دراستك، وأنك -الحمد لله- مخطوبة، وهذا ما تتمناه كل فتاة.
حاولي أن تقرئي، وأن تستفيدي من وقتك بصورة صحيحة، وأن تكوني متطلعة نحو المستقبل، تواصلي مع أهلك ومع صديقاتك، اذهبي لحضور الدروس، والمحاضرات، وإلى مراكز التحفيظ، وانضوي تحت العمل الخيري وجمعيات البر والإحسان..، هنالك أشياء كثيرة يمكنك القيام بها، هذه الطاقات الموجودة لديك لا أريدها أن تحتقن، ولا أريدها أن تتراكم لتتفجر بهذه الصورة السلبية، لكن فجريها ووجهيها بصورة أكثر إيجابية.
لا شك أنه لا يوجد ما يمنعك أبدا من الزواج، وأعتقد أن هذا القلق الذي يسيطر عليك بعد الخطبة والشعور بالمسؤولية ومحاولة إيفاء حقوق الزوج والظهور بالمظهر الطيب؛ هذا في حد ذاته سوف يحول القلق من قلق سلبي إلى قلق إيجابي.
بقي أن أقول لك: إنه لا بأس أبدا من أن أصف لك جرعة دوائية بسيطة من دواء مزيل للقلق والخوف ونوبات الهلع، الدواء يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram)، وأنت محتاجة له في جرعة صغيرة، يوجد في عبوة 10 ملغ و20 ملغ، تحصلي على عبوة 10 ملغ من السبرالكس، واقسميها نصفين، تناولي نصفها (5 ملغ) يوميا بعد الأكل، ويمكنك أن تتناوليها في الصباح، أو في الليل، المهم تناولينها بعد الأكل يوميا لمدة أسبوعين، وبعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة (10 ملغ) يوميا لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة إلى 5 ملغ يوميا لمدة أسبوعين، ثم 5 ملغ يوما بعد يوم لمدة أسبوعين أيضا، ثم توقفي عن تناول الدواء، وكما تلاحظين فإن الجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة، وبسيطة من دواء نعرف أنه سليم وغير إدماني، ولا يؤدي مطلقا إلى تغيرات هرمونية خاصة لدى الإناث.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.