السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي مشكلة مزعجة جدا، تسببت لي في العديد من المشاكل، ومن أهمها: أنها تدفعني للهروب من المجتمع، وتعيق حياتي في عدة جوانب، وبصراحة، فإنها تخيفني من مشروع الارتباط والخطبة، ولا أدري هل هي مشكلة نفسية، أم عصبية؟ وتتمثل في شعوري الدائم بالتوتر الشديد، يصاحبه أحيانا رجفة في جسمي، خصوصا عندما أكون مع مجموعة من الناس، أو مع شخص معين، كذلك في حالات الغضب، تظهر لدي رجفة واضحة في وجهي وشفتي، ونفس الشيء يحدث في حالة الفرح، أو الضحك والمرح؛ مما يدفعني للهروب من العديد من المواقف.
أنا أصلي، وإيماني بالله كبير، وأجاهد نفسي مرارا وتكرارا، لأذلل هذه المشاكل، لكن دون فائدة، فأرجو منكم تشخيص حالتي، وأتمنى أن يكون هناك وصف لدواء عملي، لحل مشكلتي وأعراضها، وهل هي عصبية أم نفسية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنشكرك على هذه الإفادة الجيدة، التي وصفت فيها حالتك بشكل واضح، وأنا سعيد لسماع أنك حريص على صلواتك، وإيمانك بالله كبير، نسأل الله أن يزيدك من ذلك، ويثبتك ويثبتنا على المحجة البيضاء.
إن حالتك بسيطة، وتشخيصها يشير إلى أنك تعاني من قلق اجتماعي بسيط، والذي يسمى أحيانا بالرهاب، أو الخوف الاجتماعي. وهذه مصطلحات مقبولة، ولكن عموما حالتك بسيطة، وهذا الخوف لا يعني -أبدا- ضعفا في شخصيتك، أو قلة في إيمانك، وربما يكون قد نتج عن خبرات سابقة؛ حيث تعرضت لمواقف شعرت فيها بالخوف أو عدم الطمأنينة، أو ربما تكون شخصيتك في الأصل مهيأة لمثل هذه المواقف.
أما الرجفة الواضحة: والتي تحدث في حالات الغضب، أو القلق، أو حتى الانفعالات المفرحة، فهي ناتجة من تغير فسيولوجي في الجسم؛ نتيجة لإفراز مادة تسمى الأدرينالين، وهذه ظاهرة فسيولوجية طبيعية، فلا داعي للانزعاج منها.
المخاوف أيا كان نوعها تعالج بضدها، والضد هنا يعني المواجهة، فالذي أنصحك به هو: أن تكثر من المواجهات، وأن لا تهرب منها أبدا، حين تبدأ بالمواجهة سوف تحس بشيء من القلق، وهذا أمر طبيعي، وهذا نسميه بقلق الإنجاز، أو قلق الأداء، وهو مطلوب، فالذي لا يقلق لا ينجح، وبعد ذلك وبالاستمرار في المواجهة، يبدأ القلق في التلاشي والاختفاء -إن شاء الله-.
أنصحك بممارسة الرياضة، وهنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، ووجد أنها مفيدة، ولتطبيقها اجلس في الغرفة، أو قم بالاضطجاع على السرير، وأنت في حالة استرخاء أغمض عينيك، وفكر في حدث سعيد، ثم خذ نفسا عميقا وبطيئا، واجعل صدرك يمتلئ بالهواء، وبعد ذلك أمسك الهواء قليلا في صدرك، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم، ويجب أن يكون إخراجه بكل قوة وبطء وتؤدة، كرر هذا التمرين خمس مرات متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، لمدة ثلاثة أسابيع، ثم مرة واحدة يوميا لمدة أسبوعين، هذا التمرين جيد ومفيد -أخي الكريم-.
بقي بعد ذلك أن أقول لك: إن العلاج الدوائي متوفر، وتوجد أدوية فعالة، منها دواء يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) ، أو يسمى تجاريا باسم (لسترال Lustral)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، ودواء آخر يعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، ويعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) إذا تحصلت على الباروكستين فابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة، أي 10 ملغ، لأن الحبة تحتوي على 20 ملغ، تناول نصفها يوميا بعد الأكل في المساء، لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة يوميا، لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.
أما إذا كان اختيارك هو اللسترال: فتناوله بجرعة حبة واحدة، والحبة تحتوي على 50 ملغ، تناولها يوميا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، هذه الأدوية جيدة، -وإن شاء الله- بتناولك إياها بانتظام، واتباعك للإرشادات، وما أسلفناه من وصايا، سوف تجد أن خوفك قد انتهى تماما، وأنصحك بأن تبحث عن عمل، فالعمل فيه نوع من التأهيل النفسي، والتأهيل الاجتماعي.
ختاما: نشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب، وبالله التوفيق.