لماذا أكون قاسية على من يحبني ولطيفة مع من يؤذيني؟

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أطرح مشكلة تؤرقني منذ فترة، وهي أنني عندما يعاملني أحد بلطف واحترام، ويظهر لي محبة واهتماما، أجد نفسي أتعامل معه بعكس ما يستحق، فأكون قاسية ولا أحسن معاملته.

وفي المقابل: إذا كان الشخص قاسيا في تعامله معي، أقابله بلطف وأحسن معاملته!
لا أفهم سبب هذا التناقض في مشاعري وتصرفاتي، وأشعر بالحيرة حيال نفسي.

فأتمنى أن تساعدوني في حل هذه المشكلة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن ما ذكرته يستحق التأمل والاعتبار، ولا بد من وضعه في إطار علمي وتفسيره تفسيرا سلوكيا مقبولا.

لقد وجد علماء النفس أن بعض الأشخاص يمتلكون سمات عدوانية في شخصياتهم، وهذه العدوانية قد تكون موجهة نحو الذات أو نحو الآخرين. وقد صنف علماء النفس الشخصية إلى عدة أنواع، من أبرزها ما يعرف بـ"الشخصية الحدية".

ومن سمات هذا النوع من الشخصيات: عدم القدرة على بناء علاقات مستقرة وسوية، والميل إلى محاولات إيذاء الذات، وأحيانا معاملة الآخرين بقسوة، بالإضافة إلى اضطرابات في الهوية والانتماء، وتقلبات شديدة في المزاج.

هذا النوع من الشخصيات غالبا لا يقدر المعاملة الطيبة، بل يشعر بالارتياح تجاه المعاملة القاسية، ويعيش في حالة مزاجية مضطربة، ويميل إلى الشقاء لنفسه ولمن حوله.

أيتها الفاضلة الكريمة: لا أقول ذلك لأجرح مشاعرك، بل لبيان حقائق علمية معروفة.

أما النوع الثاني من الشخصيات: فهو ما يعرف بـ"الشخصية المعادية للمجتمع"، وهي شخصية تتسم بالغلظة والفظاظة، وتكون معايير الفضيلة ضعيفة لديها، فلا تقدر المعروف، وغالبا ما يعاني من حولها من سلوكها. وكما وصف بعض العلماء، فإن أصحاب هذه الشخصية يعيشون في تعاسة، ويرغبون أن يكون الآخرون مثلهم.

هذا النوع من الشخصيات قد يظهر التصرفات والمشاعر التي ذكرتها، وأنا لا أقول إنك مضطربة الشخصية، ولكن أنصحك بزيارة أخصائية نفسية لإجراء تقييم دقيق لشخصيتك، من خلال الفحص والتحليل النفسي المتخصص. وإذا تبين وجود هذه السمات، فالأفضل أن تخضعي لعلاج نفسي سلوكي متكامل، وقد يستغرق بعض الوقت، لكنه سيكون نافعا بإذن الله.

وفي الوقت نفسه، أنصحك بأن تجلسي مع نفسك، وتتأملي في هذه المشاعر وتتعاملي معها بعقل ومنطق. ستجدين أنها مشاعر غير مناسبة، ويجب رفضها واستبدالها بمشاعر إيجابية. كما أن الاقتداء بالنساء الصالحات، ومجالسة الطيبات، يعين على بناء شخصية متوازنة وسليمة.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات