ابني لا يندمج مع الأطفال ويغضب بسرعة!

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استشارتي بخصوص ابني، وهو من مواليد 2005، حيث أعاني من صعوبة تأقلمه مع الأطفال؛ إذ لا يلعب معهم، ويميل إلى الشجار والعنف، كما أنه سريع الغضب والانفعال، والأمر ذاته تكرر في الروضة، حيث تشتكي معلمته من عدم جلوسه، وكثرة حركته، وعدم انسجامه مع الأطفال.

سلوكه يتعبنا نفسيا، ويسبب لنا الكثير من الإحراج، خاصة في المناسبات الاجتماعية، وعندما نضغط عليه -أنا ووالده-، نلاحظ تحسنا مؤقتا، لكنه سرعان ما يعود إلى طبعه السابق، خصوصا عند زيارة الضيوف، أو اجتماعه مع الأطفال.

وهو لا يستجيب للتوجيهات، ولا يخاف منا، وقد بدأنا نفقد الأمل في أن يكون طفلا طبيعيا كبقية الأطفال، ويمكنه أن يلعب ويتأقلم مع محيطه، أرجو منكم بيان السبب، وتقديم الحلول العلاجية الممكنة.

ولكم منا كل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن الأمر المهم في حالة هذا الطفل هو ضرورة وجود تشخيص لحالته: هل هو طفل طبيعي مع وجود بعض الفوارق البسيطة عن بقية الأطفال؟ لأن بعض الأطفال يظهرون اندفاعية زائدة، وعصبية، وتوترا، وهذه المظاهر قد تكون جزءا من مراحل النمو الطبيعية لدى بعض الأطفال، خاصة إذا كان المنهج التربوي المتبع قد ساهم -دون قصد- في ترسيخ العصبية كوسيلة لإقناع الكبار وتحقيق المطالب.

وبالطبع، لا أقصد بتاتا أن أوجه اللوم لكم كأسرة فاضلة وكريمة، وإنما أذكر ذلك من باب العموم في مثل هذه الحالات.

أما الأمر الآخر: وهو بالغ الأهمية، فهو أن هذا الطفل يعاني على الأرجح من مشكلة حقيقية، وفي هذا السياق، تبرز مشكلتان رئيستان ينبغي التحقق منهما:
أولا: هل يعاني الطفل من اضطراب فرط الحركة؟ وهذه علة تصيب الأطفال، يكون فيها الطفل كثير الحركة، وضعيف التركيز، وكثير الاندفاع والانفعال والعنف، ويوصف بـ (الطفل المشاغب)، ونجد أن حركته مفرطة جدا وزائدة، لدرجة يصعب تحملها، وتكون زيادة الحركة في جميع المواقف، وفي جميع المرافق وفي كل الحالات، وأعني بذلك: أن يكون بعض الأطفال في حالة من السكون والهدوء، مثلا إذا طلبت منه أن يجلس أمام التلفزيون، أو أعطيته لعبته المحببة والمفضلة لديه، ربما ينسجم، ولكنه في لحظات أخرى قد يكون سريع الإثارة والعصبية، هذا الطفل الذي يهدأ لفترات، يعاني من درجة بسيطة من داء فرط الحركة، أما الطفل الذي لا يهدأ مطلقا، فهذا يعاني من علة رئيسة، وهي داء فرط الحركة وضعف التركيز.

الأطفال من هذا النوع ينبغي التأكد من مستوى الذكاء لديهم، ورغم عدم وجود مؤشرات حقيقية على أن هذا الطفل يعاني من ضعف في الذكاء، إلا إنه –من الناحية النظرية– يلاحظ أن الأطفال الذين لديهم انخفاض بسيط في معدل الذكاء، أو من يصنف ذكاؤهم ضمن الحدي -كما يسمى-، يكونون في الغالب أكثر ميلا إلى السلوك العدواني نسبيا.

الوضع الأمثل: هو أن تعرضي ابنك على طبيب نفسي، وإذا كان هذا الطبيب متخصصا في الطب النفسي للأطفال؛ هذا سوف يكون هو الأفضل والأجدر، والطبيب بالطبع سوف يقوم بتقييمه وتشخيص الحالة بدقة، هل يعاني فعلا من داء فرط الحركة أم لا؟ وإذا كان يعاني من هذا الداء، فلا تعطى الأدوية المثبطة للحركة في هذا العمر، إنما تعطى من عمر 7 سنوات، ويكتفى في هذه المرحلة العمرية بالعلاج السلوكي، وهذا العلاج السلوكي يقوم على مبادئ أساسية وهي كالتالي:

- أن يتم تجاهل السلوك العنيف بقدر المستطاع؛ لأن الطفل حين ننهاه عن سلوكه العنيف والعصبي ربما يزداد، والتجاهل بالطبع يتطلب الصبر، والتجاهل هو نوع من العلاج، ولا شك في ذلك، وفي ذلك الوقت نقوم ببناء سلوكيات إيجابية جديدة لدى الطفل، وهذه دائما تأتي بتحفيزه وتشجيعه، وجعله يدرك الفرق ما بين السلوك الخاطئ وغير الخاطئ.

- نتيح له الفرصة للعب مع الأطفال، وهذه مهمة جدا، مهما كان يغضب ويتعانف مع الأطفال، إلا إنه بالصبر وبالتدريب السلوكي المعقول عن طريق المعلمة في الروضة، سوف يبدأ في الهدوء -إن شاء الله تعالى-.

هنالك مبدأ تربوي ضروري، وهو أن الطفل يجب أن يعامل من جانب الوالدين وكل من حوله على منهج واحد، ومسلك واحدة، ووسيلة تربوية واحدة، بمعنى أنه لا ينصح أبدا أن يشد عليه أحد الوالدين، وأن يرخي ويكون متهاونا جدا معه الطرف الآخر، لا، بل يجب أن يكون المنهج واحدا، يقوم على التجاهل لبعض الأفعال السلبية، والتشجيع على الأفعال الإيجابية، والتوبيخ البسيط والتنفير السلبي في حالة السلوكيات السلبية الكبيرة وغير المقبولة.

هذه هي المبادئ الأساسية، وأسأل الله تعالى لابنك الشفاء والعافية، وأؤكد لك أن هذه المراحل تكون لدى الكثير من الأطفال، فإن 90% من هؤلاء الأطفال هم أطفال لا يعانون من علة حقيقة أبدا، وهذه المرحلة -إن شاء الله- ستنتهي.

في بعض الحالات لا بد أن نشير إلى أن صبر الوالدين يكون قد قل، أي أن الطفل ربما يكون لديه صعوبة بسيطة، ولكن الأمر قد ازداد وأصبح أكثر تعقيدا؛ لأن صبر الأم أو الأب أصبح قليلا، وهناك دراسة أشارت إلى أن الكثير من الأمهات قد أصبن بنوع من الاكتئاب النفسي، وهو الذي دفعهن نحو عدم تحمل أبنائهن.

أرجو أن لا تفهمي هذا على محمل أنك كذلك، ولكنها معلومة علمية وددت أن أذكرها لك، وفي نفس الوقت أرجو أن تراجعي نفسك، وأن تقيميها على أساس صحيح، لعل صبرك نفد، أو لعله قد قل تحملك.

نسأل الله تعالى لابنك الشفاء والعافية، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات