تحسنت من الرهاب الاجتماعي لكني ما زلت أعاني من بعض أعراضه!

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم على ما تقدمونه للناس من مساعدة، وفقكم الله، وجزاكم عنا كل خير.

في البداية: أنا إنسان ابتلاني الله بالرهاب الاجتماعي -والحمد لله على كل حال-، وتعود أسباب ذلك إلى تسلط والدي علي كثيرا؛ حيث كانا يمنعان عني كل شيء، دون أن يعطياني فرصة لاتخاذ القرار، أو للتجربة والاستفادة منها، وكل ذلك بدافع الخوف الزائد علي.

كما أنهما أرادا أن أكون مهندسا، وبالفعل أصبحت كذلك، لكنني فقدت ثقتي بنفسي، وأصبت برهاب شديد، وانعزلت بسببه عن الناس، حتى أصبحت أخاف الصعود إلى سطح المنزل، وكان ينتابني شعور بالخوف من التعرض للاختطاف كلما خرجت من البيت.

أنا أعيش في الريف، حيث المجتمع مغلق، والصغير دائما يعد مخطئا بحكم قلة خبرته، وقد تعرضت أيضا للاستهزاء من بعض الطلاب أيام المدرسة، بسبب اجتهادي وثناء المعلمين علي؛ مما ولد لديهم الغيرة، واستمر هذا الوضع حتى دخلت الجامعة، وبدأت باستخدام الإنترنت، وهناك عرفت أنني مصاب بالرهاب الاجتماعي، فبدأت أبحث عن العلاج، وتوصلت إلى وجود علاجات سلوكية ودوائية.

استخدمت العلاج السلوكي، مثل تمارين الاسترخاء، ومواجهة المواقف، ولم أستخدم الأدوية في البداية، بسبب خوفي من آثارها الجانبية.

وقد تحسنت حالتي تحسنا ملحوظا؛ فتخلصت من شعور العزلة، وأصبحت مؤمنا بأنني قادر على مواجهة المواقف الاجتماعية، كحضور المناسبات، وأصبحت أرى نفسي كأي إنسان، لا أقل من أحد، ورغم هذا التحسن، فقد توقفت عن تمارين الاسترخاء بعد فترة بسبب صعوبتها، لكنني واصلت تدريبات المواجهة.

ولا أخفيكم أنني تعرضت لمواقف محرجة كثيرة، تمنيت في بعضها أنني لم أولد، خاصة عند التحدث أمام الناس أو إلقاء محاضرة.

أما الآن -فالحمد لله- فقد تحسنت كثيرا، وأصبحت أخرج وأمارس حياتي بشكل أفضل، ولدي طموح كبير للنجاح، وأنا أعمل حاليا مهندسا في شركة كبرى، وعلاقاتي بزملائي ممتازة.

ومع ذلك ما زلت أعاني من أعراض الرهاب، مثل: احمرار الوجه -خاصة أن بشرتي بيضاء جدا-، وتسارع ضربات القلب، ومغص شديد في المعدة، وتلعثم، وأحيانا رجفة في الأطراف، وارتباك عند التحدث أمام كبار السن، أو عند إلقاء محاضرة، أو في مقابلات العمل، أو عند الحديث مع البنات، أو عند إبداء رأيي أمام مجموعة من الناس، وكذلك التردد في اتخاذ القرار؛ حيث إن آراء الناس تؤثر في كثيرا.

أنا الآن على يقين بأن العلاج السلوكي والمواجهة مفيدان وفعالان، كما أدركت مؤخرا أن الأدوية النفسية تساعد على تخفيف الأعراض، وتمنح فرصة لإثبات الذات في المواقف التي نخاف منها؛ مما يساعد على بناء الثقة بالنفس، وإعادة برمجة العقل، ولا أنسى أهمية التوكل على الله، مع الأخذ بالأسباب، والدعاء، والصدقة.

الآن، أرغب في استخدام دواء السيروكسات، فهل هو آمن ومفيد لحالتي بإذن الله؟ علما بأن لدي وزنا زائدا، لكنني عازم على ممارسة الرياضة، وتنظيم الأكل لمعالجة ذلك، وهل يتوفر هذا الدواء في الأردن؟ وهل هو باهظ الثمن؟ وهل يصرف بدون وصفة طبية؟ وما الطريقة المثلى لاستخدامه؟ وكيفية التوقف عنه في حالتي؟

شكرا لكم، وبارك الله فيكم، وجزاكم عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا بد أولا أن أثني على الطريقة التي عرضت بها حالتك، وكذلك على التزامك الجاد بالدخول في برامج علاجية سلوكية، ومن الواضح أنك ملم بجميع متطلبات العلاج السلوكي، ولا شك أن ذلك قد ساعدك كثيرا في التخفيف من وطأة الخوف والرهاب الاجتماعي الذي تعاني منه.

وأنا أؤكد دعمي لك، وأشد على يدك، وأدعوك للاستمرار في المنهج السلوكي الذي تتبعه، والذي يقوم على تحقير فكرة الخوف، والمواجهة، وإعادة برمجة العقل بصورة أكثر إيجابية.

أما بالنسبة للأعراض الفسيولوجية التي تظهر عليك، كالتسارع في ضربات القلب واحمرار الوجه، فلا شك أنها ناتجة عن الخوف والرهاب، وهنا يكون الدواء ذا فائدة كبيرة، لا سيما أن الأدوية تساعد أيضا على التخفيف من الأعراض النفسية المصاحبة.

وأقول لك بكل وضوح: إن دواء الـ (سيروكسات، Seroxat)، هو دواء ممتاز وفعال، ومتوفر في الأردن، ولا يتطلب وصفة طبية في بعض الصيدليات، والسيروكسات يوجد منه نوعان:
- السيروكسات العادي، وتحتوي الحبة على 20 ملغ.
- السيروكسات (CR) وتحتوي الحبة على 25 ملغ.

لا توجد فروق كبيرة بين هذين النوعين، إلا إن بعض المصادر تشير إلى أن سيروكسات CR يتميز بفعالية تدوم لفترة أطول في الدم، وقد تكون آثاره الجانبية -لا سيما تلك المتعلقة بالجهاز الهضمي وأعراض الانسحاب- أقل حدة، ومع ذلك فإن الواقع العملي لا يثبت وجود اختلافات جوهرية بينهما.

أما عن زيادة الوزن، فقد يسبب السيروكسات زيادة بسيطة، لكنها ليست من الآثار الجانبية الشائعة أو المستمرة.

وأعتقد أنك ستستفيد من السيروكسات حتى ولو بجرعة صغيرة، فأنصحك ببدء العلاج بنصف حبة (10 mg) يوميا لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة كاملة (20 mg) يوميا، ويفضل تناولها بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة 6 أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، وبعدها يمكنك التوقف عن تناوله.

وبجانب السيروكسات، سيكون من المفيد أيضا أن تتناول دواء يعرف تجاريا باسم (اندرال، Inderal)، والاسم العلمي له هو (بروبرانولول، Propranolol)؛ لأنه يساعد في السيطرة على الأعراض الجسدية، خصوصا تسارع ضربات القلب.

تناول الإندرال بجرعة 10 mg صباحا ومساء لمدة شهر، ثم 10 mg صباحا فقط لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله.

أما من الناحية المادية، فربما يكون السيروكسات مكلفا نسبيا، فإن تعذر عليك الحصول عليه، فهناك بديل فعال ومناسب من حيث التكلفة، وهو دواء يعرف تجاريا باسم (زولفت، Zoloft)، أو (لوسترال، Lustral)، والاسم العلمي له هو (سيرترالين، Sertraline)، وهو دواء فعال جدا، وقد يتوفر منه مستحضر محلي أردني بسعر مناسب وفعالية جيدة.

الجرعة الموصى بها من السيرترالين هي 50 mg يوميا، أي حبة واحدة، لمدة ستة أشهر، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة شهرين، وبعدها يمكن التوقف عن تناوله.

إذا لديك خياران ممتازان، وكلاهما بجرعات بسيطة، وأوصيك أيضا بالاستمرار في العلاج السلوكي، كما نصحتك سابقا، ولا تهمل تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة وفعالة، ونسأل الله تعالى يبارك فيك، وجزاك الله خير الجزاء، ونشكر لك تواصلك مع استشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات