السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني يبلغ من العمر 16 سنة، وكان متفوقا في دراسته، لكنه أصيب فجأة بحالة نفسية، حيث بدأ يعيد الوضوء مرات عديدة، -لم يعد يكرر الوضوء كما في السابق- ويبكي أحيانا، ويصاب بنوبات اكتئاب حاد، كما أصبح أحيانا يهدد إخوته بالسكين، وفقد تركيزه في الدراسة بشكل شبه كامل، حيث انخفض مستواه الدراسي من 97% إلى 84%.
عرضناه على طبيب نفسي، فوصف له نوعين من الأدوية، لكن بعد شهرين لم نلحظ تحسنا ملحوظا في حالته.
نحن نخشى عليه من نفسه، كما نخشى على إخوته منه، وقد قال الطبيب إن ما يعانيه ناتج عن تغيرات تصيب بعض المراهقين، لكننا لا نعلم هل هو مريض نفسي أم مريض عقلي.
كما نود معرفة الفرق بين المرض النفسي والمرض الذهاني، علما أنه لا يستطيع النوم ليلا، وإذا نام يكون نومه متقطعا، مما يؤثر في حالته العامة، وأحيانا يفقد شهيته، وأحيانا يأكل بشكل جيد، لكنه لا ينام إلا بعد تناول حبة منومة، وإذا توقف عنها لا يستطيع النوم، ونحن نخشى أن يدمن عليها.
نرجو أن نعرف متى يمكن أن يستعيد صحته النفسية؟ وبم تنصحوننا في طريقة التعامل معه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هناك الكثير من المعلومات غير المستوفاة في حالة هذا الابن، وبما أنك مقيمة في دولة قطر، فأقول لك: أبشري، فهناك العديد من الأطباء المتميزين والمختصين في الطب النفسي، وسيكون من الأفضل أن تقومي بعرض ابنك على أحدهم، وأنا على ثقة تامة بأنك ستجدين كل المساعدة التي تحتاجين إليها.
بالنسبة للأعراض التي ذكرتها، فهي تشير إلى وجود أعراض وسواسية وأخرى اكتئابية، كما أن تهديده لإخوته بالسكين، واضطراب نومه ليلا؛ يدفعني للظن بأن هناك احتمالا لوجود بدايات حالة ذهانية.
ومع ذلك، ينبغي التعامل مع هذا التشخيص بحذر من جانبنا ومن جانبكم أيضا، مع التأكيد على حرصنا في موقع إسلام ويب على تقديم المعلومات بدقة، انطلاقا من روح التناصح والرغبة الصادقة في المساعدة.
اضطراب النوم، خاصة لدى اليافعين، يعد عرضا مهما، فهو لا يفتعل عادة، بل يكون علامة على بداية اضطرابات ذهانية، كما أن السلوك العدواني، أو التهديدي تجاه الآخرين؛ يعد من الأعراض المهمة التي لا يصح التغافل عنها، ومن المهم التنويه إلى أن هناك تداخلا شائعا بين الاضطرابات النفسية -مثل القلق والاكتئاب والوسواس- وبين الاضطرابات الذهانية، مما يؤدي أحيانا إلى اختلاط الأعراض وتشابكها.
أما الفرق بين المرض النفسي والذهاني، فهو أن المريض النفسي يكون مدركا لحالته، يعلم أنه يعاني من القلق أو الوسواس أو الحزن، وغالبا ما يطلب المساعدة، كما أن حكمه على الأمور يكون سليما وواقعيا، أما الشخص المصاب باضطراب ذهاني، فإنه يعاني من فقدان الاتصال بالواقع، ويختل لديه الإدراك الزمني والمكاني، وكذلك إدراك الأشخاص من حوله، وقد تصدر عنه سلوكيات غير مألوفة اجتماعيا، وقد تظهر عليه هلاوس سمعية أو بصرية، كأن يسمع أصواتا، أو يرى أشياء لا وجود لها، بالإضافة إلى أفكار مشوشة، أو غير منطقية.
نحن لا نميل إلى استخدام الحبوب المنومة من فئة (البنزوديازيبينات - Benzodiazepines)؛ نظرا لما تحمله من مخاطر الاعتماد والإدمان عند استخدامها لفترات طويلة، وبدلا من ذلك، نفضل اللجوء إلى الأدوية التي تساهم في تحسين جودة النوم، وفي الوقت ذاته تستهدف السبب الجذري لاضطراب النوم، فعلى سبيل المثال، في حالات الاكتئاب، نستخدم مضادات الاكتئاب ذات الخصائص المهدئة، مما يساعد على تحسين النوم ومعالجة الاكتئاب معا، أما في الاضطرابات الذهانية، فنلجأ إلى مضادات الذهان التي لا تنظم النوم فحسب، بل تسهم أيضا في التخفيف من الأعراض الذهانية
أرجو ألا تنزعجي، واختفاء الأعراض الوسواسية لدى ابنك يعد مؤشرا طيبا، ولكنني أؤكد مرة أخرى على ضرورة عرضه على طبيب مختص في الصحة النفسية، وستجدين -بإذن الله- كل العون والمساعدة.
وفي الختام، نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.