السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا على هذه الخدمات النافعة، والاستشارات المفيدة، ولقد كان لدي استفسار وهو كالآتي: أنا طالب بالسنة النهائية بكلية الهندسة، ومنذ خمس سنوات -تقريبا- أصبت بالوسواس القهري، أي في بداية دخولي للجامعة، وفي البداية لم أكن أعلم ما هو أصلا الوسواس؛ مما ساهم في تفشيه وتضخمه، وقد تنوع معي في الصلاة، والوضوء، والطهارة، وغيرها، الآن- ولله الحمد- تكيفت معه، وقد قل، وبقي بعض منه معي في الوضوء -وهو ليس مشكلة كبرى في الوضوء-، لكنه يرهقني الآن في الصلاة، ويجعلني في حالة مزاجية غير جيدة بعد الفراغ من الصلاة، وأنا أتبع العلاج السلوكي، ولا أتمادى مع الوسواس كثيرا، وأعلم عموم أدلة رفع الحرج والمشقة على المكلفين، لكن المشكلة في القلق الذي يصيبني بسببه.
عزمت على أن أتبع العلاج الدوائي، بعد اطلاعي على استشاراتكم بخصوص هذا الموضوع، لكن وجدت كلاما كثيرا حول الأدوية، وسؤالي هو: هل أتناول الفافرين أم البروزاك أم غيرهما؟ وما هي الجرعة المناسبة لحالتي؟ مع العلم أنني أعاني من بعض الرهاب الاجتماعي، لكن ليس بصورة كبيرة، ولا يسبب هذا لي مشكلات كبرى غالبا.
علما بأني أعاني من بعض الاضطرابات في المعدة والقولون، وأتناول لها أدوية ترايتون (Triton)، ومتيوسبازميل (Meteospasmyl)، ودروتازيد (Drotazide)، إن توفر الفافرين والبروزاك، -والبروزاك أغلى ثمنا من الفافرين- فهل تنصحونني بالبروزاك إن قدرت على تكاليفه، أم أن في الفافرين الكفاية؟ وأيضا أيهما أفضل البروزاك الأصلي أم غيره؟ وأعتذر على الإطالة.
شكر الله لكم، وجعل ذلك في ميزان أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد أحسنت باتباعك المنهج السلوكي الخاص بعلاج الوساوس القهرية، والذي يتمثل في مقاومة هذه الوساوس وتحقيرها، واستبدالها بأفكار وأعمال مضادة لها، ولا شك أن مقاومة الوساوس تسبب نوعا من القلق، وهذا مؤشر إيجابي؛ لأن القلق إن لم يحدث، فهذا دليل على أن الوساوس قد توطنت وتوطدت، وأصبحت مطبقة بدرجة كبيرة، فوجود شيء من القلق، نعتبره طاقة نفسية إيجابية في مثل هذه الحالات، فلا تقلق حياله.
أنا أشجعك على استعمال الأدوية، وهذه الأدوية -بفضل الله تعالى- ساعدت الكثير من الناس، وهي سليمة جدا، والثابت الآن أن الوساوس القهرية فيها جزء كبير، ناتج من اضطرابات في كيمياء الدماغ، ولا شك أن هذه علة بيولوجية لا يمكن تصحيحها، إلا بالوسائل الكيميائية والبيولوجية، وهذه الأدوية -الحمد لله- متوفرة وهي جيدة وغير تعودية، ومستوى السلامة فيها عال جدا.
البروزاك دواء ممتاز وكذلك الفافرين، فإذا أردت أن تتناول البروزاك فابدأ بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، ويفضل تناوله بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم -أي 40 مليجراما-، وأفضل أن تستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر؛ حيث إن الوساوس تعتبر مقاومة بعض الشيء للدواء، ولكن بهذه الجرعة -أي 40 مليجراما- يوميا -إن شاء الله- سوف تتحصل على نتائج رائعة، وجرعة 40 مليجراما هي جرعة وسطية؛ لأن الجرعة الكلية أو القصوى في اليوم للبروزاك هي ثمانون مليجراما -أي 4 كبسولات-، ولكنك لست في حاجة لهذه الجرعة.
بعد انقضاء ستة أشهر، خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم، لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء، وكما تلاحظ فإننا قسمنا المراحل العلاجية إلى مرحلة البداية، ثم مرحلة العلاج الأساسي، وبعد ذلك تأتي مرحلة الوقاية.
أما إذا أردت أن يكون خيارك الفافرين، فلا مانع من ذلك أبدا، والجرعة المطلوبة في حالتك هي حتى 200 مليجرام في اليوم، يمكنك أن تبدأها تدريجيا، ابدأ بخمسين مليجراما يوميا، تناولها في المساء بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى 200 مليجرام، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة في المساء، أو بمعدل 100 مليجرام في الصباح ومائة مليجرام في المساء، استمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى مائة وخمسين مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى مائة مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، ثم إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.
الفافرين -كما ذكرت لك- دواء فعال وسليم، أما فيما يخص السعر فأعتقد أن البروزاك ربما يكون هو الأرخص؛ حيث يوجد في مصر مستحضر محلي تجاري يعرف باسم (فلوزاك)، وهو جيد جدا وفعال، وفعاليته لا تقل عن تسعين بالمائة من فعالية البروزاك الأصلي، وأعتقد أن تناوله بالتزام سوف يكون كافيا، ولا داع لأن تجهد نفسك ماليا.
بعض الإخوة يفضل أن يتناول كبسولة واحدة من البروزاك (الفلوزاك)، ومائة مليجرام من الفافرين ليلا، لكن أعتقد لا داعي لهذا المنهج، فحالتك -إن شاء الله- بسيطة، ويمكنك أن تتناول أحد الدوائين.
ختاما: نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.