السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 32 سنة، أعمل مهندسا في إحدى الدول الخليجية، و-الحمد لله- وضعي جيد، وأنا مقبل الآن على مشروع زواج في القريب العاجل -إن شاء الله-.
مشكلتي التي تؤرقني هي أنني أشعر بعدم الثقة بالنفس، أجد نفسي دائما مترددا في اتخاذ أي خطوة في حياتي، حتى لو كانت بسيطة، مثل شراء الملابس، أتردد كثيرا، وأحيانا لا أجد مبررا لهذا التردد، لكنني لا أستطيع إيقافه.
إذا حدثت معي أية مستجدات في حياتي، مثلا في عملي، أجد نفسي أخاف من الفشل، وأحيانا أشعر أنني لن أستطيع إنجاز المطلوب مني بنجاح، لكن بعد أن أنجز المهمة أستغرب من نفسي وأقول: لماذا أحمل الأمور دائما أكبر من حجمها؟
منذ فترة قريبة قررت الزواج، وتقدمت لخطبة فتاة وتم عقد القران، وكان ذلك بتشجيع من أهلي؛ لأنني كما أسلفت أخاف من الفشل في الزواج، وأخاف من المسؤولية، لكنني استخرت الله تعالى وتقدمت، والحمد لله هي فتاة طيبة، لكن بصراحة ما زلت أشعر بالخوف من أنني قد لا أقدر على تحمل مسؤولية الزواج!
أشعر بالعذاب من هذا الشعور، حتى إنني صرت لا أشعر بطعم الحياة، ودائما ألجأ إلى الله تعالى، والحمد لله أنا مواظب على الصلوات، لكن ما الحل لكي أتخلص من هذه العقدة؟ أتمنى منكم المساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا النوع من القلق والمخاوف التي تسيطر عليك، وأسوأ ما فيها هو شعورك بالتردد عند اتخاذ القرارات، وكذلك الشعور بالفشل وعدم الثقة بالنفس.
أقول لك: هذه كلها مشاعر وسواسية، والمطلوب منك هو أن تحقر هذه الأفكار، وأن تنظر إلى نفسك بصورة أكثر إيجابية، وأن تفصل ما بين مشاعرك وإنجازاتك، وكما يقولون: "البيان بالعمل" ويقولون "الأفعال أبلغ من الأقوال"، "الحكم على الإنسان بأفعاله"، وأنت -كما ذكرت- في صدر رسالتك، تعمل مهندسا، والحمد لله وضعك جيد، وأنت مقبل على مشروع زواج قريب -إن شاء الله-.
هذه كلها إنجازات عظيمة وعظيمة جدا، فإذا نظرت إلى الأمور بموضوعية أكثر، وتأملت وتدبرت؛ فسوف تصل إلى قناعة أن عدم الثقة بالنفس والتردد، ما هو إلا نوع من القلق السلبي، والذي يجب أن لا يسيطر عليك، أنت تعمل وتنجز، وإيجابياتك كثيرة جدا، و-إن شاء الله تعالى- المستقبل هو لك.
الذي أريد أن أصل إليه هو أن الفكر القلقي والوسواسي والترددي يعالج دائما بالتجاهل، وحاول أن تضع لنفسك جدولة يومية تدير من خلالها وقتك، إدارة الوقت بصورة صحيحة تقلل كثيرا من التردد، وتعطي الإنسان الثقة بالنفس.
وأرجوك أيضا أن تكثر من صلاة الاستخارة، فالاستخارة حقيقة من أطيب الوسائل التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يقضي على التردد، والاستخارة مجربة في أنها قاتلة للتردد، فأرجو أن تلجأ إليها، وإذا عزمت فتوكل على الله، {واستعينوا بالله ولا تعجزوا}.
كل إنسان يحتاج إلى درجة ما من التردد، ويحتاج إلى درجة ما من الوساوس، فهذه كلها طاقات إيجابية تساعد الإنسان في الإتقان فيما يود القيام به، ولكن حين تخرج عن المعدل المطلوب تصبح معيقة.
وبجانب إدارة الوقت والتفكير الإيجابي، هذه هي الأسس الثلاثة التي تستطيع من خلالها أن تبني صورة أكثر إيجابية عن نفسك.
ربما يكون من الجيد أيضا أن أصف لك علاجا دوائيا بسيطا يساعدك -إن شاء الله- على أن تكون أكثر استقرارا من الناحية النفسية، ويقضي على هذا التردد.
الدواء يسمى تجاريا (فافرين، Faverin) ويعرف علميا (فلوفكسمين، Fluvoxamine)، وهو متوفر في المستشفى، وكذلك في معظم الصيدليات الخاصة بالدوحة، والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة جدا، وهي 50 ملغ تؤخذ ليلا بعد الأكل، تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى 50 ملغ يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.
هذا الدواء من الأدوية السليمة والفعالة، وأنا قصدت بوصفه أن تقضي تماما على هذه الأعراض القلقية، وبذلك نكون قد قضينا على كل قلق أو تردد، خاصة وأنت مقبل على الزواج، وأسأل الله تعالى أن يتمه لك على خير، وأن يجمع بينك وبين زوجتك على الخير والصلاح.
ومن الجميل أن نسمع أنك تتجه إلى الله دائما، وأنك مواظب على صلواتك، ولا شك أن هذه دعائم قوية للإنسان، فكن في معية الله، وحافظ على العبادات، وأكثر من الدعاء والذكر، وتلاوة القرآن، فهذه إن شاء الله تضيء لك الطريق، وتمنحك ثباتا أكثر.
ختاما: نشكر لك تواصلك مع استشارات إسلام ويب، وبالله التوفيق.