آلام بمناطق متفرقة من جسدي مع عصبية مستمرة.. ما علاج ذلك؟

0 6

السؤال

الدكتور الفاضل والمحترم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا أعاني منذ ثلاث سنوات من مرض نفسي جسدي، يتمثل في آلام متفرقة بالقولون والمعدة والصدر والحلق، حيث أشعر بوخز في المعدة وأسفل البطن والصدر، خصوصا في منطقة القلب، إلى جانب الحموضة وكثرة البلغم وانسداد الأنف.

كما أني أشعر بثقل في المعدة، وكثرة غازات بشكل مزعج جدا، وأعاني من العصبية المستمرة على مدار اليوم، باستثناء فترات قصيرة بعد تناول المنبهات مثل القهوة أو الكابتشينو، وأعاني من خمول شديد طوال اليوم، باستثناء وقت العمل.

راجعت عددا من أطباء الباطنية، وأكدوا أن لدي جرثومة المعدة، فتناولت أدوية متعددة لها، لكنها ما إن تختفي حتى تعود بعد أيام قليلة، وقد استمر هذا الوضع على مدى ثلاث سنوات، حتى تسلل اليأس والإحباط والخمول إلى قلبي، وأصبحت مشغولا طوال اليوم بمرضي وهمومي الصحية.

لم أحقق خلال هذه الفترة أي إنجاز يذكر، وكلما حاولت معالجة نفسي بالقراءة أو تطوير الذات، لم أستطع الاستمرار أكثر من يوم أو يومين، مما زاد من شعوري بالخمول والقلق حول وضعي الصحي والنفسي.

كنت قد عزمت على إكمال دراستي العليا، لكنني فقدت هذه الفرصة رغم أنني أنهيت المقررات ولم يتبق لي سوى إعداد الرسالة والمناقشة.

زرت أطباء نفسيين، فكان أحدهم قد وصف لي دواء (سيمبالتا 60 ملغم) مع (ستابلون)، بعد أن شكوت له من الخمول والإحباط، وأخبرته بأني أتناول أدوية مثل (نيكسيوم) للجرثومة، لكن بعد استخدام العلاج، شعرت بضعف في ساقي وعدم القدرة على الوقوف باتزان، مع دوخة وضعف جنسي، فاكتفيت بتجربته ليومين فقط.

ثم توجهت لطبيب نفسي آخر وشرحت له ما أعانيه من هم وحزن، وأنني أضطر دائما لحمل أدوية الحموضة معي، وأخاف من السفر خاصة لمسافات طويلة، وهي أعراض ظهرت مؤخرا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فوصف لي (سيبرالكس 10 ملغم) مع (بنتازول 20 ملغم للحموضة)، ولكني لم أذكر للطبيب أنني أعاني من مشكلات في القولون.

استخدمت الدواء لمدة شهرين، لكن لم أشعر بتحسن في ما يخص القولون، أو الغازات، أو الوخز في الصدر والبطن، والغصة في الحلق، ولم تتحسن قدرتي على القراءة أو التركيز على الأهداف.

أخبرته بعد شهرين أن الدواء لم يقدم لي سوى تحسن طفيف في الرهاب، فقام بتغييره إلى (إفيكسور 75 ملغم) مع (انديب Endep 10 ملغم)، لكنني تركته بعد خمسة أيام بسبب آلام المعدة، وجفاف الشفتين.

عدت لطبيب باطنية مرة أخرى، فوصف لي "بروتيكسين" (وهو أعشاب) مع "تربتزول"، لكني لم أستخدمه بعد أن قرأت عن سلبيات الدواء.

أنا الآن في الثانية والثلاثين من عمري، متزوج، ولا أعاني من مشكلات في النوم، سوى الخمول الشديد الذي ينهكني يوميا.

أرجو من الله ثم منكم أن تمدوني بحل لمشكلتي، وأسأل الله أن يبارك لكم في أنفسكم وأموالكم وأهليكم، وأن يجعلكم ممن يفرج عنهم الكربات، كما تفرجون عن الناس.

وأحب أن أذكر أيضا أنني استخدمت دواء "دوجماتيل" بجرعة 150 ملغم، و"ليبراكس" ثلاث مرات يوميا، لكن لم ينصحني أحد باستخدامها لفترات طويلة.

أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من الواضح جدا أن أعراضك في الأصل نفسوجسدية (Psychological)، إذ تعاني من الكثير من الأعراض الجسدية، ومعظمها متمركز حول الجهاز الهضمي. ومن المؤكد تماما أن منشأ هذه الأعراض نفسي، وغالبا ما تعاني من نوع من أنواع القلق، وربما يكون قد امتزج بشيء من عسر المزاج، مما أدى إلى ما يعرف بالقلق الاكتئابي، ولا شك أن تفاقم الأعراض زاد من شعورك بالإحباط.

أخي الفاضل الكريم، أود التأكيد على أن حالتك بسيطة، وأكرر ذلك لما له من أهمية بالغة، وحتى في ما يتعلق بالجرثومة التي عولجت منها عدة مرات، فأرى أنه لا حاجة لتكرار العلاج، ما دمت قد تلقيته سابقا، إلا إذا أثبت الفحص المعملي بقاء الجرثومة.

ثانيا: التردد المستمر على الأطباء، خاصة عند غياب الحاجة الطبية المباشرة، قد يؤدي إلى حالة من التوهم المرضي، وهذا لا يفيدك.

ثالثا: من الضروري جدا أن تغير نمط حياتك، ويشمل ذلك إدخال أنشطة جديدة، والتخلص من العادات القديمة، فاجعل للرياضة نصيبا ثابتا في يومك، واهتم بالتواصل الاجتماعي، وخصص وقتا للقراءة، وركز في عملك، تغيير نمط الحياة، وإدارة الوقت بشكل فعال سيساعدك كثيرا.

رابعا: أنصحك بتناول مشروب النعناع المركز مرة أو مرتين يوميا، إذ قد يساعدك كثيرا -بإذن الله-.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فالأدوية المتاحة متقاربة من حيث الفعالية، لكنها تحتاج إلى الصبر والمواظبة، والسبرالكس من الأدوية الجيدة، لكن يبدو أنك لم تحصل على الاستفادة المرجوة منه، وهو أمر مستغرب بعض الشيء.

في هذه المرحلة، أنصحك باستعمال دواء يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول، Flunaxol)، ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول، Flupenthixol)، بجرعة نصف ملغ (حبة واحدة) مرتين يوميا، لمدة أسبوعين.

ثم بعد ذلك، ارفع الجرعة إلى ثلاث مرات يوميا (أي ثلاث حبات يوميا)، واستمر عليها لمدة شهر، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى حبتين يوميا، وابدأ بتناول دواء يعرف تجاريا باسم (زولفت، Zoloft) ويعرف علميا باسم (سيرترالين، Sertraline)، بجرعة 25 ملغ (نصف حبة) يوميا لمدة أسبوعين، ثم ارفعها إلى حبة كاملة يوميا، واستمر عليها لمدة عام.

هذه ليست مدة طويلة، وبعدها يمكن خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم التوقف عن تناوله.

أما بالنسبة لدواء فلوناكسول، فاستمر على جرعة حبتين يوميا لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة صباحا لمدة ستة أشهر أخرى.

أرى أن هذه الخطة العلاجية ستكون مفيدة جدا بإذن الله، إذا التزمت بها إلى جانب تطبيق التغييرات السلوكية التي ذكرتها لك.

أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات