العنوسة والزواج بالجميلات

0 551

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة غير متزوجة، جمالي عادي، وليس لدي ما يلفت من الملامح أو ما يجعلني مميزة، والحمد لله على كل حال، فلا اعتراض على ذلك، ولكن لدي قريبات جميلات بصورة أخاذة، وأصبحن مغرورات ومتعاليات، لدرجة أنهن لا يتحدثن مع أحد، ويرين أن مستواهن أعلى من أن يجلسن مع أي أحد.
وبسبب ذلك أصبحت أكرههن وأغار منهن جدا؛ لأن الجميع يمدحهن ويثني عليهن، ويبرر غرورهن بالحياء، مع أنهن غير ذلك، ويطرق الخطاب أبوابهم دائما، ولكن لا أحد يتقدم لخطبتي حاليا؛ كل هذا لأني غير جميلة مثلهن، وأدعو دائما، ولكن عندما أخرج إلى مكان وأرى الفتيات من حولي لا أتخيل أبدا أن يتقدم أحد لخطبتي، فلا شيء يميزني عنهن، وكلهن مخطوبات مع أنهن أصغر مني سنا.

أنا حزينة جدا، فأنا في أمس الحاجة للزواج، لعدم وجود من يعولني، ودائما أدعو الله تعالى، فهل عدم جمالي سيجعلني دون منزل مستقل أو أبناء؟ أريد الزواج لكني غير جميلة والحمد لله!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غيداء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.

ونحن نشكر لك أيتها الأخت الكريمة رضاك بما قدر الله عز وجل لك وقسم، وهذا دليل على رجاحة عقلك ووفرة إيمانك، فإن الله سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا، وهو سبحانه وتعالى يعطي عبده وأمته ما يصلحه، فكوني على ثقة بأن ما قدره الله لك هو الخير، وأنه سبحانه وتعالى لو علم أن الخير في خلافه لساقه إليك، فهو أرحم بك من نفسك.

وأما ما تشتكين منه من أنك عادية الجمال أو نحو ذلك، فثقي أيتها الكريمة أنه كل ما خلق الله سبحانه وتعالى حسن، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عن هذا الإنسان: (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ))[التين:4] وقال سبحانه وتعالى: (( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك ))[الانفطار:6-8] فأنت ولله الحمد مهما أحسست من نقص في الجمال فيك ينبغي أن تتذكري دائما أنه لا زال فيك الشيء الكثير من الجمال، فإن كنت أنت لا تدركين هذه الحقيقة فغيرك يدرك، وليس من الضرورة أيتها الأخت أن تكون كل فتاة وكل امرأة تتزوج بارعة الجمال، فإن الزوجة تطلب لصفات عديدة، فليس الجمال وحده هو المقصود الأول في الزواج، وهذا هو تفكير العقلاء من الرجال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينصح من يتزوج: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).

وكم من امرأة جميلة بقيت من غير زواج، وكم من امرأة أقل منها جمالا تزوجت ورزقها الله عز وجل الذرية الصالحة الطيبة؛ لهذا لا داعي لكل هذا التخوف والحزن الذي تعيشينه، فإنه من عمل الشيطان الذي يريد أن يدخل الحزن إلى قلبك، وهذا دأبه وجهده، وقد قال الله تعالى عنه: (( ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله ))[المجادلة:10]، فهو حريص على أن يدخل الحزن إلى قلبك، فاستعيذي بالله من وساوسه، وارضي بما قسم الله عز وجل لك.

ونحن ننصحك بأن تتوجهي إلى الله تعالى، فتحسني علاقتك بالله ابتغاء مرضاته، وطلب الثواب بجنته، والنجاة من ناره، وتحقيق العبودية له في هذه الدنيا، وسيسوق لك سبحانه من الرزق ما لا تحتسبين، فقد قال سبحانه: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ))[الطلاق:2-3] فأكثري من طاعة الله تعالى واستغفاره ودعائه في أوقات الإجابة بأن يرزقك الله عز وجل زوجا صالحا، وأحسني الظن بالله أنه سيستجيب لك هذا الدعاء، والله عز وجل على كل شيء قدير.

وكوني على ثقة بأن الجمال الباطن وهو جمال الروح وجمال الخلق أهم -عند كثير من الرجال- من مجرد جمال الظاهر، ولا يزال الشعراء والأدباء والعقلاء والحكماء يتكلمون عن الجمال في الأخلاق والجمال في الصفات ويقدمونه على غيره من أنواع الجمال، ومن ذلك تلك الأبيات المشهورة التي يقول فيها الشاعر:

ليس الجمال بمئزر *** فاعلم وإن رديت بردا
إن الـجمــــال مـآثر *** ومناقب أورثن حمـدا.

فهذا هو الجمال الحقيقي، ويقول آخر:

ليس الفتاة بمالها وجمالها *** كلا ولا بمفاخر الآبـــــاء
إن الفتـاة بديـنهــا وحيائهــا *** وصلاحها للزوج والأبناء

ولا يزال الأدباء والشعراء يرددون هذا المعنى في كثير من كلامهم المنظوم والمنثور، وهذا يدلك على أن الرجال لا يهتمون فقط بمجرد جمال الصورة، لهذا نحن نوصيك بأن تهتمي بأخلاقك، وتزكية نفسك، وتثقيف عقلك، فتكتسبي الخصال الطيبة والصفات الحميدة، وتتعلمي ما ينفعك في دينك ودنياك، وأنت لا تزالين في سن صغيرة، ولا تزالين في مقتبل العمر، وفرص الزواج لا تزال كثيرة أمامك، فأحسني الظن بالله تعالى، وأكثري من دعائه، ولا تيأسي فتتركين الدعاء، ولا تستعجلي الإجابة وتنقطعي عن الدعاء بسبب الاستعجال، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل) ثم لما سئل: كيف يعجل؟ قال: (يقول دعوت دعوت ولم أر يستجاب لي، فيستحسر – يعني يترك الدعاء -)، فهذه آفة حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم، فأكثري من دعاء الله سبحانه وتعالى، ولن تعدمي خيرا بهذه الدعوة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوج الصالح.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات