القلق النفسي الذي ينتج عنه الخوف من الموت وسائر المصائب وكيفية علاجه

0 456

السؤال

السلام عليكم.

أصبت بحالة من الخوف الشديد من الموت أعقبه الخوف من كل ما يخيف في الدنيا، جربت التجاهل بإصرار وإيمان بالنتيجة فكان الفرج.

سؤالي دكتورنا الجليل ـ محمد عبد العليم ـ إذا تذكرت ما مضى أحس كأن الأعراض تعاودني، ويقول لي الشيطان: ستنهزمين أمام الأعراض كالعادة، فما الذي تغير الآن رغم أني أحس بأن شيئا ما ازداد عندي فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، فجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب وثقتك فيما يقدمه.

فإن نوبات الخوف من الموت والتي أعقبتها مخاوف أخرى هي دليل على حدوث حالة من القلق الحاد غالبا تكون بدأت في شكل نوبة نسميها بنوبة الهلع أو الهرع، وهو قلق حاد جدا يتخلله شعور بالقلق والتوتر الداخلي والضيقة وربما تسارع في ضربات القلب وخفقان، والشعور بأن المنية قد دنت، وبعد ذلك يتولد للإنسان هذا الشعور بالخوف من الموت، وربما تتطور المخاوف وتمتد لتشمل مخاوف أخرى.

إذن الحالة ما هي إلا نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، ـ والحمد لله تعالى ـ أنت قد تغلبت على ذلك بالإصرار والمواجهة وكذلك عدم الاستجابة لهذه المخاوف، وهذه هي الأسس الرئيسية بما نسميه بالعلاج المعرفي السلوكي، فأنت قد انتهجت المنهج الصحيح والمنهج السليم، ولا شك أن العلاج السلوكي المعرفي إذا قام على أسس وفكر إسلامي يساعد الإنسان كثيرا في أن تزول أعراضه بسرعة.

ما يعاودك الآن هو ظاهرة طبيعية جدا؛ لأن كل الذين تعرضوا لنوبات الخوف والهلع تأتيهم ما نسميه بالروابط، أي أن يكون هناك نوع من الخوف التوقعي أن هذا الأمر سوف يقع وسوف يحدث بالرغم أني قد تحسنت أو أني قد شفيت منه. هذه الظاهرة معروفة لدينا جدا، ونحن نقول إن علاجها يتمثل في أني لماذا أخاف من أمر لم يحدث، وهو أمر قد حدث في الماضي وقد تغلبت عليه؟

إذن خبرتي وتجربتي وما تعلمته سابقا سوف يفيدني في ألا تحدث لي هذه الحالة مرة أخرى، أي أن الخبرة السابقة والتجارب السابقة هي بالقوة والثبات والفعالية التي تقيني - إن شاء الله تعالى – مما حدث لي سابقا.

إذن تغلبي على الخوف أو القلق التوقعي بانتهاج نفس المنهج السلوكي المعرفي وهو إقناع الذات بإجراء هذا الحوار الداخلي الذي ذكرناه لك والذي يقوم على مبدأ يجب ألا أخاف من أمر لم يقع، ويجب أن أتذكر تماما أن خبراتي السابقة تكفي لمقاومة أي مخاوف قد تقع.

هذا هو المنهج الصحيح والمنهج المفيد جدا في مواجهة مثل هذه الحالات، وفي بعض الأحيان قد يصاب الإنسان أيضا بشيء من الوساوس حول هذه المخاوف، أي أنها تشغل باله وتظهر في شكل اجترارات فكرية، وبالرغم من مقاومته الشديدة لها وإيمانه بسخفها وأنه قد تغلب عليها إلا أنها قد تأتي من وقت لآخر.

هنا ننصح باستعمال الأدوية؛ لأن الأفكار إذا تكررت بهذه الكثافة وبهذه الكثرة هذا دليل على أنه يوجد مكون بيولوجي قوي، ونقصد بذلك هو أن هنالك منظومة كيميائية تعرف باسم (الناقلات – أو – المرسلات – أو – الموصلات العصبية) وجد أنها تلعب دورا في تسبيب القلق والمخاوف والرهاب والوساوس بصفة عامة، ومن الأدوية التي ننصح باستعمالها كثيرا عقار يعرف تجاريا باسم (سبرالكس CIPRALEX) ويعرف علميا باسم (استالوبرام ESCITALOPRAM)، هو عقار سليم وجيد، وحقيقة أنا لا أقول لك أنه يجب أن تتناولي هذا الدواء بصورة حتمية، ولكن إذا كانت الأعراض مسيطرة عليك سيطرة شديدة فلا مانع في ذلك، فالدواء بسيط وسليم جدا، وفي مثل حالتك ليس هنالك حاجة لجرعة كبيرة أو لمدة طويلة لتناول الدواء.

الجرعة تكون نصف حبة (خمسة مليجرام)، هنالك حبة من فئة عشرة مليجرام وحبة أخرى من فئة عشرين مليجراما، وأنت لست في حاجة للحبة التي من فئة عشرين مليجراما، إنما العشرة مليجرام تكفي تماما، والجرعة كما ذكرنا هي نصف حبة ليلا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك تحول إلى عشرة مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى خمسة مليجرام ليلا لمدة أسبوعين، ثم يمكن التوقف عن تناول الدواء.

توجد أيضا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، هي تمارين جيدة جدا ولابد أنك قد سمعت عنها، وهذه التمارين يمكن تطبيقها بمقابلة الأخصائي النفسي حتى يقوم الإنسان بالتدريب عليها – وهذا هو الأفضل – والبديل الثاني هو أن تتحصلي على أحد الأشرطة أو الكتيبات التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين، ويمكن الاسترشاد بها واتباع التعليمات والإرشادات الموجودة بها، ومن الضروري الالتزام بالتطبيق حتى يجني الإنسان الفائدة المرجوة من مثل هذه العلاجات السلوكية.

أرجو أن تعيشي حياتك بصورة عادية وبكل فعالية ولا تتركي أبدا أي فرصة لهذه الأفكار حتى تسيطر عليك، وعليك بالدعاء، ونسأل الله لك العافية والشفاء، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات