الذهان والاكتئاب أثناء النفاس وأثره على إرضاع الطفل

0 577

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا امرأة أبلغ من العمر 25 عاما، وأعاني من مرض لا يأتي إلا في النفاس، وهو مرض الذهان والاكتئاب، ولقد أصبت به في حملي الأول والثاني في فترة النفاس، ثم أخذت علاجا له، ثم تعافيت.
علما أنه قبل الولادة يوقف الدكتور العلاج في الحمل؛ لأن حالتي مستقرة، وبعد حملي الثاني وأنا مستمرة على العلاج، وأنا الآن في حملي الثالث في الشهر الثامن ومستمرة على العلاج، وهو (Seroquel) 200 mg أربع حبات أي 800mg، وعلاج الاكتئاب Seroxat 20 حبة واحدة، والحمد لله حالتي مستقرة.

أريد أن أسأل عما إذا ولدت وأرضعت طفلي أثناء النفاس بالحليب الصناعي في الليل والحليب الطبيعي في النهار، فهل لهذا العلاج تأثير على الطفل، بحيث إنه قد يصاب بمرض في عقله أو توحد أو أي مرض آخر في صغره أو كبره؟
وإذا كانت له أعراض بسيطة، فهل أقدر أن أرضع الطفل لما أرى من فائدة إرضاع الطفل طبيعيا أكثر من الصناعي لي وللطفل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن مثل حالتك ينظر لها من منظار ما هو في مصلحتك، وما هو في مصلحة الرضيع، وأنت تعانين من حالة معروفة ومشخصة، وكما تفضلت وذكرت هذه النوبات تأتيك دائما في فترة النفاس، وهذه تعتبر مؤشرات ومعايير جيدة وممتازة؛ لأننا أصبحنا مستبصرين بطبيعة الحالة، وهنا يجب أن نتخذ الآليات والتحوطات التي تفيدك.

أنا أقول لك أيتها الفاضلة الكريمة: لا أنصح مطلقا بإرضاع الطفل في مثل هذه الحالات، أعرف أن هذا الأمر قد يكون مؤلما لك بعض الشيء أو غير مقبول، ولكنه هو الأمر الأفيد بالنسبة لك وبالنسبة للطفل، والسبب في اتخاذ مثل هذا القرار أن حالتك تتطلب جرعات عالية من الدواء، وهذه الجرعات الكبيرة لابد أن يفرز فيها جزء معتبر في الحليب، ويعرف أن كبد الطفل في الثلاثة الأشهر الأولى تكون بدرجة من الضعف وعدم التحمل لاستقلاب الأدوية بصورة واضحة جدا، وذلك لأن إنزيمات الكبد تكون في مستوى خاص جدا، وأنت لا تقبلي أبدا أن تسببي أذى لطفلك، وكثير من الأمهات يشعرن بالذنب إذا أرضعن الطفل، ويشعرن كذلك بالذنب إذا لم يرضعن الطفل، ولكن هنا يجب أن نسدد ونقارب، فلا يوجد أي بديل لتناولك للعلاج، ولكن يوجد بديل لتغذية الطفل، وهو الرضاعة الصناعية، وهي الآن الحمد لله أصبحت متوفرة، وهنالك عدة أنواع من الألبان تناسب الطفل حسب مرحلته العمرية.

أيتها الفاضلة الكريمة: استمري على علاجك، وأسأل الله تعالى أن ييسر لك أمر الوضع، وأنصحك حقيقة بأن لا ترضعي الطفل، ولا تحسي بأي نوع من الحرج أو الذنب، وتناولي الدواء، وبصراحة جرعة ثمانمائة مليجرام في اليوم من السوركويل لا أعتقد أنه سوف يكون أمرا رشيدا من جانبنا أن ننصحك بإرضاع الطفل معها.

في حالة أن الحالة يمكن أن يتم التحكم فيها بجرعات صغيرة من الدواء، هنالك بعض الطرق التي ربما تكون مقبولة لبعض الأطباء، ولكن الأطباء الأكثر تحفظا لا ينصحون بها، ومن هذه الطرق أن يتم تناول الدواء، وبعد ثمان ساعات من تناول جرعة الدواء تقوم الأم بإفراغ الحليب الذي في ثديها، وبعد ذلك يمكن أن ترضع الطفل من الحليب الذي سوف يتكون بعد مدة ثمان ساعات التي ذكرناها، وحينما تقوم الأم بتناول الجرعة الثانية للدواء تتوقف عن إرضاع الطفل، وهكذا.

هذه الطريقة ربما تكون مقبولة إذا كانت جرعة الدواء صغيرة، ولكن من وجهة نظري أن سلامة الطفل مهمة جدا، ولا توجد لدينا ضمانات أبدا لهذه السلامة خاصة في فترة الثلاثة الأشهر الأولى.

أرجو أن أكون قد أوضحت ما هو مفيد بالنسبة لك، وأسأل الله تعالى أن يسهل لك أمر الوضع، وأن يرزقك الذرية الصالحة.

بالنسبة لإصابة الطفل بمرض نفسي أو خلافه، أرجو أن لا يشغلك هذا الموضوع أبدا؛ لأن معظم الأمراض النفسية والعقلية لا تعرف أسبابها، إنما هنالك عوامل ربما تلعب دورا، ومنها الاستعداد الوراثي، لكن هذا أيضا نسبته ضئيلة جدا، فالذي أرجوه هو أن لا تهتمي بهذا الموضوع أبدا، وحاولي أن تنشئي أطفالك التنشئة الصحيحة، فالتربية السليمة تقلل كثيرا من أثر الجينات والموروثات حتى وإن كان يوجد هنالك مرض نفسي أو عقلي في الأسرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.


مواد ذات صلة

الاستشارات