الوساوس القهرية والعلاج الكيميائي والسلوكي لها.

0 379

السؤال

السلام عليكم..

أعاني من وسواس قهري شديد، بدأ على شكل أفكار، ومن ثم ارتبطت الفكرة بالفعل؛ إذ أصبح شيء يقول لي كلما أريد أن أعمل حركة ما، إنك تعملها للشيطان!

كذلك انتشر الوسواس إلى أن أصبحت أريد أن أضحك بدون إرادتي، وكذلك كلما أتذكر شيئا يمس الدين يأتيني شعور كره، أكتفي بهذا القدر ولا أريد أن أطيل، مع العلم أني أعاني كثيرا من ذلك، فوقتي يضيع كثيرا بسببه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي وصفته هي أفكار وأفعال وسواسية قهرية استحواذية، والوسواس القهري أو الاستحواذي هو نوع من القلق النفسي الشديد، ولا تعرف أسبابه بدقة، ولكنه منتشر ونشاهده في أعمار معينة بكثرة، ففي مرحلة اليفاعة وبعد سن البلوغ – أي مثل سنك – نلاحظ أن نوبات الوساوس قد تأتي لبعض الناس، ويحدث للكثير منهم التحسن التلقائي، وتزول هذه الحالات.

أعرف أن الوساوس القهرية تسبب الكثير من المضايقة والكثير من الألم النفسي، خاصة حين تكون الوساوس متعلقة بأمور العقيدة، وأؤكد لك أن وجود هذه الوساوس لا يعني أبدا ضعفا في إيمانك أو علة في شخصيتك، هي ابتلاء من الابتلاءات التي تصيب الناس، وتعتبر من الابتلاءات البسيطة.

العلاج يتمثل في:
أولا: يجب أن تستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ومن هذه الوساوس.
ثانيا: يجب أن تفهم أن هذه وساوس وليس أكثر من ذلك.
ثالثا: عليك أن تحقرها، وترفضها، وتستبدل كل فكرة وسواسية بفكرة مخالفة لها، وهنالك تمرين سلوكي بسيط جدا، وهو حين تأتيك الفكرة أو يمكنك أن تستجلب هذه الفكرة، قل لنفسك وكأنك تخاطب هذه الفكرة: (أقف، أقف، أقف) كرر هذا عدة مرات.

تمرين آخر: هو أن تربط الفكرة أو الفعل الوسواسي بشيء مضاد ومنفر لهذا الفكر أو الفعل الوسواسي، مثلا تذكر حدثا غير سعيد، حين تأتيك هذه الفكرة الوسواسية، أو قم بشم رائحة كريهة أو قم بالضرب على يدك بشدة وقوة حتى تحس بالألم.

الهدف هو أن تربط ما بين الفكرة والفعل الوسواسي، وهذه المنفرات أو المقززات.

لا شك أن هذه التمارين تتطلب الجدية، تتطلب التركيز، وتتطلب أن يقتنع الإنسان بفائدتها العلاجية، والتي هي مثبتة وقائمة على دلائل وأبحاث علمية دقيقة ورصينة جدا.
أيها الفاضل الكريم: نحن دائما ننصح أيضا أصحاب الوساوس بأن يحاول أن يمرر شريط الوسواس بسرعة، حين تأتيه الفكرة يحاول أن يجعلها تتسارع حتى تذهب، أي لا يظل الإنسان يتمعن فيها ويسترسل فيها ويشرحها ويدقق فيها، هذا يتعب أهل الوساوس كثيرا؛ لأن صاحب الوساوس لديه أيضا درجة عالية من التردد ومن التدقق في الأمور، ويحاول أن يشرح الفكرة كما ذكرت ويبحث فيما وراءها وفيما وراء ورائها، وهذا قطعا يدخله في حلقة مفرغة من القلق والتوتر.

أيها الفاضل الكريم: أود أن أبشرك أنه توجد أدوية علاجية مفيدة جدا لعلاج الوساوس القهرية، خاصة مثل هذا النوع من الوساوس، ومن الأدوية الجيدة عقار يعرف علميا باسم (فلوكستين) وهو متوفر في فلسطين المحتلة، هذا الدواء له مسميات تجارية كثيرة منها (بروزاك) لكن ربما تجده كمنتج تجاري في فلسطين، واسأل عنه تحت اسمه العلمي، وهو كما ذكرنا (فلوكستين)، تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة عشرون مليجراما، تناولها بعد الأكل، واستمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم، واستمر عليها – وهي الجرعة العلاجية – لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية السليمة، من الأدوية الفعالة جدا، وبعد ستة أسابيع من بداية تناول الدواء سوف تحس بفرق كبير أن هذه الوساوس قد ضعفت وقد ذبلت، وتفقد قوة استحواذها عليك، وهنا يجب أن تسارع دائما بتطبيق التمارين السلوكية الإرشادية التي ذكرناها لك؛ لأن الدواء حين يدعم بالعلاج السلوكي أو العلاج السلوكي يدعم بالدواء هنا تكون النتائج العلاجية رائعة جدا.

فأرجو أن تجتهد في دراستك، وأن تستفيد من وقتك بصورة جيدة وفعالة، ولا تدع لهذه الوساوس مجالا لأن تستحوذ عليك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات