افتقدت الثقة في نفسي بسبب خوفي، فما الحل؟

0 482

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وجزاكم الله خيرا على ما تقدموه للمسلمين.
مشكلتي تكمن في نقطتين:

اكتئاب بسيط، بحيث أنه لا أشعر بالسعادة التامة مهما كان الأمر مفرحا بالنسبة لي مقارنة بأيام الطفولة والمراهقة، وأنا شخصية حساسة نوعا ما وقلقة.

والنقطة الثانية: شعوري بالرهبة والخوف في بعض المواقف، مثل التجمعات، وخصوصا مع وجود الأشخاص أصحاب المناصب والكبار في العائلة، والأشخاص الكثيرين المزاح، والتعليق على الناس لما تحدث لي من أعرض مثل زيادة ضربات القلب في بادئ الأمر، وعند التعليق علي أمام الناس بالمزاح أو بالمشادة الكلامية تتغير ملامح وجهي، لدرجة أني أفقد الابتسامة وأحس بثقل في وجهي، وأحيانا أقاوم، وأحيانا لا أستطيع، مما يسبب لي الإحراج وثم الهروب من التجمعات.

وأيضا عندما أسافر لبلد آخر أشعر بخوف من الناس في البلد الأجنبي وأني في خطر، ويجب أن أكون حريصا زيادة عن اللازم لتوقعي أنه سوف يحدث مكروه لي أو لزوجتي.

لذلك لا أحب السفر لوحدي مع زوجتي، وأفضل مرافقة أحد، وأحب الاعتماد على الآخرين غالبا رغم أني شخص مؤدب ومحبوب وموهوب ـ ولله الحمد والشكر ـ.

استخدمت دواء سيروكسات خمسة أيام لكني شعرت بآثار بسببه مثل سخونة في الجسم وضعف جنسي، ثم غيرت الدواء إلى لوسترال، واستخدمته لمدة شهر بجرعة 50، وقد ناسبني بأعراضه الخفيفة، وشعرت بتحسن بسيط خصوصا من ناحية الخوف، فهل أستمر عليه وبنفس الجرعة أو تنصحني بدواء آخر؟
وآسف على الإطالة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي تعاني منه واضح جدا أنه يتمثل في وجود مخاوف، خاصة المخاوف الاجتماعية، وتعاني أيضا من درجة بسيطة جدا من الاكتئاب، وهذا النوع من الاكتئاب غالبا يكون اكتئابا ثانويا.

قبل أن نتحدث عن الأدوية أريدك أولا أن تصحح مفاهيمك حول المخاوف من هذا النوع.

أولا: هذا الخوف لا يعني أبدا أنك ضعيف في شخصيتك أو لديك ضعف في إيمانك.

ثانيا: أنا أؤكد لك أن الآخرين لا يقومون أبدا بمراقبتك.

ثالثا: من أهم وسائل علاج الخوف الاجتماعي هي المواجهة.

رابعا: حين تواجه أي نوع من الناس مهما كانت درجاتهم، تذكر دائما أنهم بشر مثلك لا يتميزون عليك بأي شيء، فما يحدث لك يحدث لهم، يأكلون وينامون ويتغوطون ويبولون ويمرضون ويموتون، وهكذا، هذا أخي الكريم مهم جدا أن ننزل الناس إلى وضعهم الطبيعي جدا كبشر، نعم هنالك بعض الناس لديهم مواقع ولديهم حظ في الدنيا، ولكن هذا لا يعني أبدا أنهم أرفع منك في أي شيء.

فيا أخي الكريم: لابد أن تغير من هذا الفكر الاستحواذي السلبي وتفكر بالطريقة التي ذكرتها لك.

من المهم جدا أيضا أن تدرب نفسك على ما نسميه بالتعرض في الخيال، فتصور نفسك أنه طلب منك أن تصلي بالناس في المسجد، هذا قد يحدث، وتذكر أن هذه خاصية عظيمة، وما اختارك الناس إلا لأنك تستحق هذا الاختيار، والحمد لله بدأت تصلي بالناس وكانت صلاة جهرية، وقد وفقت، قد يكون أتاك شيء من الخوف في أول الأمر، ولكنك بعد ذلك تطبعت ووجدت أن الأمر فيه الكثير من الراحة النفسية لك.

تصور موقف آخر طلب منك أن تقدم درسا أو محاضرة أو موضوعا معينا أو تدير حلقة نقاشية أمام مجموعة من الناس، عش هذا الخيال بكل دقة وتركيز لمدة لا تقل عن عشرة دقائق.

خيال آخر أخي الكريم: تخيل أنه لديك مناسبة كبيرة في البيت كاحتفال أو كعرس، ولابد أن تقابل الضيوف، ولابد أن تكرمهم، وهكذا. فالتعريض في الخيال مهم جدا.
التجنب من أخطر الأشياء التي تزيد من الخوف والقلق الاجتماعي، وهنالك أخي الكريم أمر مهم جدا وهو في السفر: احرص على دعاء السفر، دعاء السفر يبعث في الإنسان طمأنينة عالية جدا، فكن حريصا على ذلك.

بالنسبة للعلاج الدوائي، أقول لك نعم اللسترال دواء ممتاز جدا ودواء فاعل جدا، ولكن أنصحك بعد أسبوعين من الآن أن ترفع الجرعة إلى حبة ونصف، هذا أفضل كثيرا، ولو تمكنت أن ترفعها بعد شهر إلى حبتين تكون قد تناولت الجرعة الكاملة والمفيدة لعلاج المخاوف الاجتماعية، حيث أن مائة مليجرام هي الجرعة الجيدة، والجرعة التي أثبتت البحوث والدراسات أنها أكثر فائدة، ويجب أن تستمر عليها على الأقل لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة ونصف لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة لمدة ثلاثة أشهر أخرى.

هذا أخي الكريم سيكون هو الأمر الأفضل والأمر الأجود لمتابعة حالتك، وأنا أطمئنك تماما أنك بتطبيقك للإرشادات السابقة وتناول الدواء سوف تحس إن شاء الله تعالى أنك على خير وبخير.

وهنالك أمور أخرى لو مارسها الإنسان تساعده في نواحي كثيرة جدا، ومنها التخلص من الخوف الاجتماعي، مثلا المشاركة في رياضة جماعية مع مجموعة من الأصدقاء، الحرص على حلقات التلاوة وحلقات العلم، هذا أخي الكريم فيه إن شاء الله خيرا الدنيا والآخرة، فكن حريصا على ذلك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.
والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات