حياتي أصابها اليأس والملل بعد النشاط والحيوية، أرشدوني

0 412

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر الشيخ أحمد الفودعي والدكتور عبد العليم، وكل العاملين على إنجاح هذا الموقع الرائع.

راسلتكم اليوم، وقلبي يعتريه حزن دفين، وحياتي أصابها سم اليأس الملعون.

سبب كل هذا مشكلة ظهرت في حياتي مؤخرا, تشمل الجانب الديني والنفسي وكذلك تطوير الذات.

بفضل الله وحده ثم بنصائحكم القيمة كنت قد استطعت أن ألتزم في صلاة الفجر، وكذلك قراءة الأدعية والتخشع في الصلاة، كل هذا حول لي الإحساس بشعور غريب أنه شعور السعادة, وذلك لقربي من الله سبحانه وتعالى وصلتي المتينة به.

لكن كل هذا تبخر! والشعور رحل وتركني تائهة.

أما الجانب الثاني من المشكلة فهو من الناحية الدراسية, أنا -والحمد الله- متفوقة، أحصل كل سنة على الرتب الأولى، وكل هذا بفضل ربي.

في الآونة الأخيرة أصبحت أضيع الوقت كثيرا, وأحس بالملل عند المراجعة، وشرود الذهن في أشياء تافهة، فهذا الجمود الذي أصابني أقل من عزيمتي.

للأسف لم يتبق للامتحان الجهوري إلا شهران، وإن بقيت على هذه الحالة سأفشل بالتأكيد، ولن أحصل على معدل ممتاز يخول لي الدخول لأي معهد أريد.

حتى ثقتي بنفسي أضعتها! بسبب عدم وفائي بوعودي مع نفسي، فمثلا اليوم أقول غدا لن أضيع الوقت، ولكن أضيعه في أمور تافهة.

أرجوكم أرشدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يسرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبا بابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونحن نشكر لك دوام تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى لك دوام التوفيق والنجاح.

أما عن المشكلة الأولى أيتها الكريمة، فاعلمي أن من أعظم أدويتها إحسان الظن بالله سبحانه وتعالى، فإن الله تعالى يعامل الإنسان بحسب ما يظنه به، فقد قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء).

نحن ننصحك بأن تتعرفي إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، فتقرئي عن أسماء الله، ومن خلال تعرفك على الله بأسمائه وصفاته ستعلمين بأن الله عز وجل عظيم، فإنه سبحانه وتعالى الرحيم الغفور الكريم الجواد البر - يعني الذي يفعل البر والإحسان - وهكذا، فأسمائه تعالى وصفاته دالة على إحسانه وعلى رحمته بعبده ورفقه به وإرداته الخير له، فهو سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك ومن أمك وأبيك ولا يقدر لك إلا الخير، وقد يقدر لك شيئا تكرهينه أنت، لكن الله عز وجل يعلم أن فيه ما هو مصلحة لك ولكن هذه المصلحة لا تظهر، لذلك يقول سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

أحسني الظن بالله، وتيقني بأن الله عز وجل على كل شيء قدير، وأنه غني كريم وهاب رحيم، ومع هذا كله فهو يريد لك الخير ويقدر لك ما فيه مصلحة وما يختاره لك خير مما تختارينه لنفسك، وبهذا يزول عنك اليأس وتنشط الروح بالإكثار من الخيرات والاستعداد لعمل ما يحبه الله تعالى ويرضاه.

ثم الأمر الثاني أن تتوجهي إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء بصدق واضطرار أن يهيأ لك الخير ويقدره لك، وتحيني أوقات إجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل والدعاء حال السجود وبين الأذان والإقامة، وإذا شغلت نفسك بهذا فإن الله تعالى سيفتح لك من لذيذ منجاته سبحانه وتعالى ما يسعدك .

أما المشكلة الثانية، وهي مشكلة التقهقر في الناحية الدراسية، فنوصيك أولا بتجنب المعاصي، فإن الإنسان يحرم كثيرا من الخير لا سيما العلم والتفوق فيه بسبب معاصيه وذنوبه كما قال الشافعي فيما ينسب إليه:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور*** ونور الله لا يؤتى لعاصي

والنبي عليه الصلاة والسلام قد أخبرنا في أحاديث صحيحة فقال: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) والمعاصي أيتها البنت الكريمة تصيب الإنسان بوحشة في نفسه، وهذا من آثارها ونتائجها العاجلة، فاحفظي نفسك من معاصي الله سواء المعاصي بالنظر أو باللسان أو بغير ذلك، فإذا وقعت في ذنب فسارعي وبادري بالتوبة إلى الله تعالى، واعلمي أن تقوى الله تعالى سبب جالب لكل خير، كما قال جل شأنه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقال: {واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم}.

ثانيا: حاولي أن تتعرفي على الفتيات الصالحات المتفوقات في دراستهن، وهذا النوع من الفتيات هن اللاتي يصلحن قدوة لك، وتجنبي مصاحبة الكسالى والبطالات، فإن الصاحب ساحب كما يقول الحكماء، والمرء على دين خليله، وإذا وجدت القدوة الصالحة فإن هذا يحفز النفس على اكتساب المعالي والوصول إلى ما وصلوا إليه.

الأمر الثالث: حاولي أن تضعي أهدافك أمام عينيك على الدوام، ولتكن هذه الأهداف واقعية مثالية سهلة التطبيق، فضعي أهدافا يومية، إنجازات يومية ينبغي أن تنجزيها وتكون واقعية بحيث تراعي فيها جانب حظ النفس، وتعطي نفسك حقها من الراحة أو التسلية والترفيه، فحاسبي نفسك كل يوم في يومه عن إنجاز ما سلف في هذا اليوم، واعلمي أن الشجاعة صبر ساعة، فأنت تحتاجين إلى مجاهدة نفس لحظات أو ساعات فقط حتى تنجزي ما أنت فيه، وهكذا سينقطع العمر وتنتقلين من إنجاز إلى إنجاز، فتذكري قيمة العمر والوقت وأن الزمن إذا فات لا يمكن أن يسترجع، وهذا يبعثك دائما على العمل وإنتاجه أولا بأول دون تسويف أو مماطلة.

ننصحك أيتها الكريمة بأن تقرئي في الكتب التي تحث على اغتنام الوقت واغتنام العمر، وتقرئي في تراجم وقصص الصالحات من قبلك حتى تعرفي كيف كانت المرأة تحفظ عمرها وتحفظ وقتها، فهذا النوع من الاشتغال ينمي فيك الاقتداء بالصالحين المنجزين، وتقضين على جانب البطالة في حياتك.

نسأل الله تعالى لك الخير كله، وأن ييسر لك أسبابه.

مواد ذات صلة

الاستشارات