كيف أرضي ربي وأتوقف عن معصيته؟

1 1075

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

ارتكبت ذنبا عظيما ، نظرت إلى أقبح ما يمكن أن يراه أحد في حياته، ربي رآني وأنا أنظر إلى ما يكرهه، والملائكة استحت مما أنظر إليه، وأنا أغرق بذنبي وكأن لا أحد يراقبني .. عصيت ربي في خلوتي بعد معاهدتي له أنه لن يراني أفعل ما لا يحبه، لكنني نظرت إلى ما هو أقبح وأعظم مما رأيته في المرات السابقة، بالله كيف يرضى ربي عني؟ فأنا خائفة أن يكون ربي قد صرف نظره ووجهه الكريم عني، خائفة أن يكون ربي قد طردني من رحمته، فما أعظم ذنبي!

ما الحل؟ أشعر بأن لا شيء يطهرني، ولا شيء بعدها سيرضي ربي عني، فأنا كاذبة أمام الله، ارتكبت الحرام وأنا عاهدته على تركه، خائفة ألا يقبل ربي لي توبة بعدها، فأنا أشعر بأني خسيسة ودنيئة، ربي الذي عصيته وعلمت بمراقبته ولم أراقبه، يئست من نفسي، أصبحت أفعل الذنب ولم تنزل مني دمعة بسبب يأسي من نفسي ومما أفعله، فقط أشعر بالندم الشديد وأشعر أني أبعد ما أكون عن ربي، فكم مرة تبت وعدت!

أعرف قوله تعالى: { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقوله: { ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا } وأعرف قوله: { ولمن خاف مقام ربه جنتان } وقوله: { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى } وأعرف قوله صلى الله عليه وسلم: ( لأعلمن أقواما يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء، فيجعلها الله هباء منثورا، قال ثوبان: يا رسول الله: صفهم لنا، جلهم لنا؛ أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها } وأعرف الكثير، لكن لا جدوى، فكل ذلك سيشهد علي، وكل آية سأقرؤها في كتابه تعالى تلعنني، لأنني أعرف ما أفعل، وأعرف أنه حرام، لكني أفعله.

كيف المخرج؟ وكيف أرضي ربي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غفرانك ربي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، واليأس من رحمة الله من أكبر الجرائم، وربنا ما سمى نفس رحيما إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وهو القائل: { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا } وقد جاء جماعة وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن الله يقول: { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر } ونحن دعونا غير الله، وقال: { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } ونحن قتلنا، وقال: { ولا يزنون } ونحن وقعنا في الزنا، فنزلت رحمة الرحيم بقوله: { إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما } وهو سبحانه يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، ولن يعدم الناس من رب يفرح بتوبة العصاة خيرا.

ولا يخفى عليك أن هناك أمورا تعين الإنسان على الثبات بعد التوبة، وهي كما يلي:-

1- اللجوء إلى الله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.

2- مفارقة بيئة المعصية وأماكنها وكل ما يذكر بها من المناظر والمواقع والأرقام والإيميلات والذكريات.

3- الابتعاد عن رفقة المعصية.

4- الإخلاص في التوبة بأن تكون لله، وليس خوفا على الشرف أو من الفضيحة أو من المرض أو غيرها.

5- الصدق في التوبة، فتوبة الكذابين هي أن يتوب الإنسان باللسان ويظل القلب متعلقا بالمعصية متشوقا إلى أيامها، ويكون اللسان متفاخرا بها وبذكرياتها.

6-الإكثار من الحسنات الماحية، قال تعالى: { إن الحسنات يذهبن السيئات }.

7- شغل النفس بالمفيد، وتلاوة كتاب ربنا المجيد.

8- تجنب الوحدة، لأن الشيطان مع الواحد.

9- وضع الأجهزة الخاصة كالكمبيوتر واللابتوب في أمكان مفتوحة.

10- استحضار مراقبة الله.

11- عدم اليأس من رحمة الله بعد المعصية - وإن تكررت - لأن هذا ما يريده الشيطان، وقد قيل للحسن البصري رحمه الله: ( نذنب ونتوب ونذنب ونتوب .. إلى متى؟ قال حتى يكون الشيطان هو المخذول ) وكان السلف يقولون: ( رب معصية أورثت ذلا وانكسارا أفضل من طاعة أورثت افتخارا ).

وقد أحسن الشافعي في قوله:

تعاظمني ذنبي فلما قرنته ** بعفوك ربي كان عفوك أعظما

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بتفادي أسباب الوقوع في المخالفة، وعليك بمعاداة الشيطان الذي همه أن يحزن أهل الإيمان، واعلمي أنه يدفع للمعصية ثم يقول للعاصي لا فائدة من التوبة، وقد يقول لك أتظن أن الناس لا يعرفونك فيكف تجلس معهم؟ فاحذري من تيئيس الشيطان وتقنيطه لك من توبة الله.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات