حالة الاكتئاب جعلتني أنظر بعدائية للآخرين ..فما تعليقكم؟

0 317

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حياكم الله جميعا، وأشكركم على هذا الصرح العظيم.

أعاني من حالة اكتئاب منذ مدة، سببت لي نظرة عدائية شديدة، علما أني تابعت حالتي مع دكتور استشاري خاص نفسي للمتابعة، وشعرت بتحسن بسيط، وفي مدة ليست بالكثيرة -تقريبا شهرين- قمت بمراقبة نفسي مراقبة شديدة سببت لي الزيادة في النظرة العدائية، فقررت التوقف، ولكن اتبعت الأسلوب الخطأ في العلاج، فأصبحت أبتسم أمام من أتكلم معه حتى لا يظن أني أقصد به سوءا، فأصبحت إن تكلمت مع أحد الأشخاص بطريقة عادية أشعر أني أكلمه بمنتهى العدائية حتى لو لم أكن أقصد، وتصدر مني ابتسامات غير مقصودة مني في الكثير من الأحيان، وخوف كثير عند الحديث.

فأرجو منكم إرشادي على طرق للتخلص من هذه المشكلة.

وكيف يمكنني التغلب على العدائية التي نتجت من مراقبة النفس وكيفية ضبط النفس وعدم الضحك الغير إرادي كثيرا؟

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فالاكتئاب النفسي قد ينتج منه مشاعر سلبية جدا، فالإنسان قد يحس بشيء من الحمق وشيء من الغضب الداخلي قد لا يكون مقصودا أو موجها نحو شخص معين، وتجد صاحب الاكتئاب قد يقسو حتى على ذاته في أوقات كثيرة.

ما وصفته بمشاعر العدائية حيال الآخرين، أرى أنه نوع من الفكر الوسواسي الذي شغلك، وليس هنالك ما يدل أبدا أنك تحقد على الآخرين أو أنك تريد أن تعتدي على أي إنسان، هذا غير موجود ولم ألاحظه خلال رسالتك، لكن أقدر ما ذكرته لأنها أفكار مستحوذة ومسيطرة عليك، وأنت حاولت أن تتغلب عليها عن طريق الابتسامة، لكن هذه في حد ذاتها رأيتها أصبحت تسبب مشكلة بالنسبة لك.

فأنا أرى أن الأمر كله متعلق بشيء من الوسوسة، والوساوس أخي الكريم تعالج دائما بتحقيرها وتجاهلها وعدم إعطائها أي أهمية، وهذا يعني أن تكون على طبيعتك وعلى سليقتك، ولا تراقب نفسك الرقابة المطلقة، وعليك أن تكثر من الاستغفار؛ فشرور النفس أيا كانت يزيلها الاستغفار والإكثار منه..هذا يا أخي الكريم فيه تذكرة وتهذيب للنفس، فالجأ لهذا الأسلوب.

الأمر الآخر أخي الكريم: دائما حين تأتيك أفكار سلبية حول الآخرين أيا كان نوعها مثل الشعور العدواني كما ذكرت: ضع نفسك مكان الشخص الذي تعتريك مثل هذه المشاعر حياله، وفكر وتأمل وقل (أنا لا أرضى مثل هذا الأمر إذا وقع علي من شخص آخر فكيف أرضاه للآخرين) وبمنطق بسيط جدا سوف تجد أن مثل هذا الشعور بدأ في التلاشي.

أخي الفاضل الكريم: الجأ للانخراط في الأعمال الخيرية، هذا النوع من الأنشطة يبني في الإنسان قيما جديدة تكون قائمة على التسامح، وعلى حب الآخرين، وعلى الإيثار..وهذه هي مضادات العدائية، فركز على ذلك كثيرا.

ممارسة الرياضة أيضا تمتص الطاقات والمشاعر السلبية والشعور بالعدائية وإن كان شعورا وسواسيا، إلا أنه يمكن حقيقة أن يجهض ويتم امتصاصه عن طريق ممارسة الرياضة، والرياضة تساعد كثيرا في ضبط النفس.

بالنسبة للمهارات الاجتماعية التي من خلالها تتخلص من هذه المشاعر بجانب تحقير فكرة العدائية نفسها، ليس من الضروري أن يصل الأمر فيها إلى الضحك حين الكلام مع الآخرين، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، قال صلى الله عليه وسلم: (وتبسمك في وجه أخيك صدقة) التبسم اللطيف الطيب والذي لا يصل لمرحلة الضحك هو تعبير إنساني راقي جدا، فسر أخي الكريم على هذا المنوال وسر على هذا الطريق، وأعتقد أن الأمر سوف يكون أسهل بكثير مما تتصور.

أخي الكريم: نسبة لوجود الاكتئاب لا بد من أن يكون هناك تدخل دوائي، وأنت لم تذكر عن هذا الأمر شيئا، لكن إذا كنت لا تتناول دواء فأنا أنصح لك بأحد الأدوية المضادة للاكتئاب والوسواس في نفس الوقت، ويعرف أن عقار (موادبكس) وهذا اسم تجاري في مصر، ويعرف علميا باسم (سيرترالين) جيد لعلاج مثل هذه الحالات، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة وهي أن تبدأ بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - تناولها ليلا لمدة عشر ليال، بعد ذلك ارفعها إلى حبة كاملة يوميا لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه جرعة بسيطة وصغيرة جدا، وهذا الدواء من الأدوية السليمة جدا، ويفضل أن تدعمه بعقار فلوناكسول والذي يعرف علميا باسم (فلوبنتكسول) فهو مضاد للقلق وللانفعالات السلبية، ويجعل الإنسان في حالة استرخائية، وجرعته المطلوبة هي نصف مليجرام يوميا في الصباح لمدة ثلاثة أشهر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات