يتعامل زوجي مع ابنته بقسوة مما دفعني للتفكير بالطلاق، ماذا أفعل ؟

0 519

السؤال

أسعد الله أوقاتكم
وشكرا لهذا الموقع الرائع

أنا متزوجة من قريب لي، زواج تقليدي، مع العلم أني جامعية وهو لم يكمل الابتدائية, ولكن مدح لي أهلي به وعن أخلاقه ولثقتي بقرارهم وافقت وتزوجنا وكانت حياتنا طبيعية لمدة سنتين, حتى بدأت مشكلتي عندما أنجبت طفلتي ذات ال 5 سنوات الآن.

منذ أن كانت بالشهر الثاني من عمرها وهو يضربها كل فترة بشكل عنيف (بدون استخدام شيء) ويعاملها معاملة قاسية وبجفاء تام ولا يبدي أي حنان أو حب تجاهها، وفي كل مرة أتدخل لأحمي طفلتي من ضرباته تتضخم المشكلة أكثر ونبدأ بالصراخ والمشاجرة، مع العلم جربت كل الطرق في النقاش معه ولكنه يجد أنه دائما على حق وأن الطفلة تكرهه وتحاول غيظه.

تقبلت الإهانات كثيرا وفي كل مرة يعتذر ولكن بأسلوب المجاملة ولأنه يحتاجني فقط, لا لأنه يحب ابنته أو حتى من أجلها، مع العلم أني مغتربة ولا أستطيع أن أدخل أحد بمشكلتنا.

لقد فقدنا الاحترام لبعضنا وفقدنا الحب، ماذا أفعل؟

إنني أصبر عليه كثيرا, وبصراحة له عيوب كثيرة وأنا لا أحب تجريحه، وكل مرة يعتذر وأقبل اعتذاره ليعيد الكرة بعد فترة؟

هل أتركه يضربها وأقف متفرجة؟
أم أنفصل عنه لسعادة ابنتي؟

شكرا لكم .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نيرمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.

مرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

نحن ندرك أيتها الأخت ونحس بمشاعر الحزن التي تنتابك عندما ترين فتاتك الصغيرة وهي تضرب من قبل والدها، ولكننا نذكرك أيتها الأخت العزيزة أن فطرة الإنسان التي فطره الله عز وجل عليها حبه لولده وبنته، ومن ثم لا ينبغي أبدا أن تغفلي عن هذه الحقيقة، وهي أن فطرة هذا الأب داعية إلى حبه لهذه البنت، وإن كانت مظاهر هذه المحبة قد تكون خافية، وقد لا يحسن بعض الناس التعامل مع الصغير، فربما كان لعدم فهم زوجك للتربية حسنا وصحيحا أثره في تعامله مع ابنته، فكثير من الناس يفهم أن الغلظة مع الطفل والشدة هو الأسلوب الأمثل في تربيته لتحسين تصرفاته، فيقصد بذلك ترويعه وتخويفه من بعض التصرفات، وهذا فهم خاطئ لاسيما في هذا السن الذي تعيشه هذه البنت.

من ثم لا نأمل أبدا أيتها الأخت بأن تفكري في الطلاق والانفصال عن زوجك لهذا السبب، فهو ليس سببا داعيا لمثل هذا القرار الكبير، فتفريق الأسرة وكون هذه البنت تعيش بعد ذلك عن والدها في جو أسري غير متلائم، كل هذه الأضرار والمساوئ أعظم مما أنت فيه الآن.

إذن فأملنا أن تصرفي الفكر تماما عن هذه الفكرة والتفكير فيها، ويبقى بعد ذلك أيتها الأخت أن تحسني الظن لزوجك وأن تحملي تصرفاته معك على المحمل الحسن، فإذا اعتذر إليك ينبغي أن تحملي هذا الاعتذار على أحسن المحامل، وأنه فعلا يعترف بتقصيره بإساءته، وأن تتجنبي إساءة الظن وأنه لا يفعل ذلك إلا لحاجته، فإن الظن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أكذب الحديث، وقد نهانا الله عز وجل عن إتباع الظنون التي لا تبنى على شيء، فقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}.

حتى تطيب الحياة بينك وبين زوجك ويعود الود والاحترام ينبغي أن تتأدبي بهذا الأدب القرآني وأن تهتدي بهذا الهدي النبوي العظيم، وهو إحسان الظن وحمل تصرفات زوجك على المحمل الحسن، إذ أنك لم تشقي عن قلبه حقيقة.

اعتذاره أيتها الأخت مهما كانت إساءته شيء ينبغي أن يشكر عليه ويحمد عليه، فإن العرب تقول (دية الذنب الاعتذار).

أما عن تصرفاته مع ابنته فالأمر هين سهل، فإنه بحاجة أن يذكر أيتها الأخت بأن ضرب الطفل في هذا السن اعتداء عليه وهو ضعيف لا يملك لنفسه قوة ولا حولا، ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه، ومن ثم فالاعتداء عليه بالضرب والإيلام محرم، فينبغي أن تذكريه بأسلوب هادئ، وتتحري أوقات هدوئه لتناقشي معه هذا الأسلوب والسلوك، وأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم كما حذر الله عز وجل في كتابه من الظلم والاعتداء، وظلم الصغير بلا شك أشد من ظلم غيره، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) أي الصغير والمرأة، فإن الإنسان كلما كان ضعيفا كان ظلمه والاعتداء عليه أشد قبحا عند الله تعالى.

الزوج بحاجة إلى أن يذكر بهذه المعاني العظيمة، وأن ضرب البنت والاعتداء عليها بإيلامها ليس هو الأسلوب الصحيح في تربيتها، لاسيما وأنها أنثى، فإن طبيعة البنات الاستجابة للتوجيهات بالكلام والترغيب والترهيب.

حسن جدا أيتها الأخت أن تطلعيه على بعض ما كتب في التربية، وما يقال أيضا من محاضرات التربويون في كيفية التعامل مع الأطفال وتقويم سلوكهم، فإنه بإذن الله تعالى إذا بصرته بهذه الحقائق وإذا فهم هذه الحقائق واطلع على هذه القضايا سيتعدل سلوكه مع ابنته.

نسأل الله تعالى أن يصلح حالكم كله، وأن يقر أعينكم بهذه البنت الصغيرة، وأن يديم جمع شملكم.

نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، هذا ومن الله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات