أكره الحياة ولا أجد فيها أي شيء ممتع وأفكر بالانتحار، فما توجيهكم؟

0 761

السؤال

منذ سنة تقريبا فقدت الأمل في هذه الحياة لا أجد في حياتي أي شيء ممتع أشعر بضيق شديد وبالوحدة، لا أخرج وأفضل البقاء وحدي، لا أملك أصدقاء، فبعد انتقالي من مدرستي لم أقم علاقات جديدة أمضيت السنة كاملة منعزلة عن الآخرين، بالإضافة إلى المشاكل العائلية التي أثرت في كثيرا خصوصا بعد رحيل أختي التي كانت كل شيء بالنسبة لي، فقدت أشياء كثيرة ولم يبق لي اليوم أي شيء، حتى عند التفكير في المستقبل والدراسة أشعر باليأس والعجز، لم أعد أشعر بالسعادة، حياتي ليس لها أي طعم فأنا حية الجسد ميتة الروح.

أحيانا أفكر بالانتحار، لكن خوفي من الله سبحانه وتعالى وحبي له يمنعاني من ذلك، فرغم معاناتي هذه إلا أنني أشكوا له همومي فهو الوحيد المتبقي لي.

فعلا أكره حياتي كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا، وأن يقوي عزيمتك وأن يشد من أزرك، وأن يمن عليك بصحبة صالحة طيبة مباركة تعيد إليك الثقة في نفسك والأمل في الحياة.

وبخصوص ما ورد برسالتك ابنتي الكريمة الفاضلة، فأنت حقيقة كما ذكرت منذ أن انتقلت من المدرسة التي بها إلى مدرسة أخرى ولم تقيمي أي علاقات جديدة، ومضى عليك عاما كاملا وأنت منعزلة عن الآخرين، إضافة إلى ذلك المشاكل العائلية التي ألقت بظلالها على نفسيتك، خاصة بعد رحيل أختك – غفر الله لها – وتقولين بأنك فقدت أشياء كثيرة ولم يبق لك اليوم أي شيء، حتى التفكير في المستقبل والدراسة تشعرين باليأس والعجز، ولم تعودين تشعرين بالسعادة، وأصبحت حياتك لا طعم لها، بل إنك أحيانا تفكرين في الانتحار، ولكن خوفك من الله تبارك وتعالى يمنعك.

أقول لك ابنتي الكريمة الفاضلة (سلمى): إنه مما لا شك فيه أن الحالة التي تمرين بها حالة ليست طبيعية، وأن هذه الهزيمة النفسية والشعور باليأس والعجز إذا سيطر عليك فإنه لن يزيدك إلا خورا وضعفا وأيضا رسوبا في هاوية المشاكل وعدم قدرة على التخلص منها، وتعلمين ابنتي الفاضلة أن الله جل جلاله وضع نواميس في هذا الكون لا يمكن أن تتغير ولا أن تتبدل لوجود شخص أو أكثر يعانون معاناة معينة، من هذه النواميس يا بنيتي قول الله تبارك وتعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

فأنت على سبيل المثال فضلت البقاء وحدك وابتعدت عن الناس، وترتب على ذلك أن شعرت بالعزلة، وحل هذه المسألة إنما هو تغيير هذه الفكرة، وأنت الآن ما بين طالبات من أمثالك في سنك مسلمات وفيهن ملتزمات وغير ملتزمات، فإذا أردت التغيير فلابد أن تقيمي علاقة مع هؤلاء، هم لا يشعرون بالمشكلة ولذلك لا يفكرون فيك، والمشكلة مشكلتك أنت، ولذلك المتعين عليك أن تبدئي في كسر هذا الحاجز النفسي أولا، وفي أسرع وقت ممكن، وهو أن تقيمي علاقات، وهذه العلاقات تبدأ بإلقاء السلام وبالابتسامة والمصافحة مع زميلاتك على الأقل في الصف الدراسي الذي أنت فيه، أو في محيط الأسرة أيضا، لابد أن تبدئي أنت الخطوة الأولى تجاه الآخرين، لأننا نعاني من مشكلة ولا يشعر بها إلا نحن، فحتى يشعر الناس بنا لابد أن ننتقل إليهم وأن نعيش معهم وأن نخالطهم وأن نعاشرهم حتى يشعروا بنا وحتى نستفيد من وجوهم في حياتنا بتغيير هذه الصورة التي أنت عليها.

إذن الحل في يدك ابنتي سلمى، الحل في يدك وهو كما ذكرت لك التواصل مع المجتمع، لا يلزم أن تتواصلي مع الناس جميعا، ولكن على الأقل أفراد قلائل تستطيعين من خلالهم أن تكوني علاقات متوازنة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

إذن ابدئي بإفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف، وكذلك أيضا المصافحة، لأن النبي أخبر عليه الصلاة السلام أنه (ما من مسلمان يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا)، كذلك أيضا الابتسامة في وجه كل من تقابلينهن من زميلاتك وقريناتك، وهذا ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام (تبسمك في وجه أخيك صدقة).

بهذه الطريقة سوف تكسرين هذه الحواجز وتخرجين من هذه الحالة النفسية المتردية، وسوف تحتكين مع أناس طبيعيين وأخوات طبيعيات يتمتعن بحيوية ونشاط، ومن خلال هذه اللقاءات سوف ترتفع معنويات إلى حد كبير وسوف تشعرين بنوع من الاستقرار والسعادة التي تفقدينها أنت الآن، ولابد أن تلك المشاكل العائلية أو الزوجية التي ذكرتها ما زالت هي على أشدها لم تتوقف، ولذلك عليك أن تجتهدي في ذلك قدر الاستطاعة بأن تجنبي نفسك ظلال هذه المشكلات، وأن تحرصي على أن لا تكوني طرفا فيها، وإنما تجتهدي في أن تقللي من تأثيرها وآثارها السلبية على نفسك.
والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات