مشكلتي ضعف شخصيتي وإرضائي للآخرين، ما هو العلاج؟

0 544

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من ضعف شخصيتي بصورة غير طبيعية, تجولت وقرأت عبر الانترنت عن ضعف الشخصية، ووجدت ما يتطابق مع شخصيتي, خفت كثيرا من المستقبل، خصوصا أني في عمر لم يتجاوز حتى الثامنة عشرة, مشكلتي أنني أحس بتكبر أحيانا, كلما أرى شخصا ينظر لي أفكر أنه يفكر تفكيرا سلبيا عني، ويعطيني سلبيات في شخصيتي, مظهري أو وضعيتي.

لا أطيل النظر إلى عين الشخص الذي أتحدث إليه، دائما أنظر لفترة قصيرة جدا تتجاوز الثواني المعدودة وأرجع أنظر لأماكن أخرى.

هذا الضعف في الشخصية جاءني وأنا في عمر الـ11 تقريبا، كنت قبل هذا العمر أعيش حياة طبيعية دون قلق عما حولي ودون تفكير فيما هم يفكرون فيه، وكنت أعيش سعيدا، كنت أعيش محبوبا وأستطيع التحدث مع الآخرين بكل ثقة، ضاعت هذه الثقة في التحدث ولا أستطيع إجادة التحدث الآن, دائما ألقي حبي للناس مما يجعلهم يبتعدون عن هذا الحب ويتجاهلونني كثيرا.

لا أستطع التحدث بجدية مع الآخرين, دائما آرائي فقط لإرضائهم، ويعرفون أنني متجاوب معهم في الحديث وأفهم ما يقولونه جيدا, نادرا ما أرد ردا لكي أستفيد منه, ودائما ما أخسر أصدقاء وثقتهم وحبهم لي بسبب أسلوبي في الحديث، لا أستطيع أن أجيده، ويسبب لي الإحراج أحيانا، ولا أستطيع التفكير فيما هم يفكرون فيه جيدا.

أعتقد أن سبب الطفرة التي حدثت هي المدرسة, قال لي البعض فيها أشياء تشوه شخصيتي والتي ضعفت ثقتي كثيرا، خصوصا أنها لم تقل من شخص واحد، فهل لهذا المرض علاج بالدواء؟ فلا أعتقد أن العلاج العملي سينفع، لأن المرض سيكون بداخلي, أريد التخلص ولو من جزء منه، هل يجب أن أقلق على المستقبل؟ هل يجب أن أقابل دكتورا نفسيا؟ فكرت كثيرا في زيارة الدكتور النفسي، ولكن ترددت في نفس الوقت وخفت، لأنني في عمر يمكن أن يضحك علي الناس فيما أقوله.

لا أعرف ماذا أفعل! ساعدوني فأنا في مشكلة حياتية يمكن أن تدمر حياتي في المستقبل، ويمكن في الوقت الحالي، لأنها بالفعل نصفها مدمر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن مسمى (ضعف الشخصية) هو حقيقة مسمى مشوه جدا، وأضر كثيرا بالناس، وأنا حقيقة لا أريدك أبدا أن تقرأ كثيرا عما يكتب حول هذا الموضوع، لا أقصد بذلك أن أحرمك المعرفة، ولكن معظم الذي يكتب مشوه وليس حقيقيا ولا يقوم على أسس علمية.

أعتقد أن الذي لديك ليس ضعفا في شخصيتك، إنما هو تصورات وآراء وأفكار سلبية حول ذاتك، وأعتقد أيضا أن لديك درجة من الخوف الاجتماعي، والرهاب الاجتماعي أو الخجل الاجتماعي يعطي الإنسان دائما الشعور بأن شخصيته ضعيفة وأن أداءه ليس جيدا، وأنه ربما يكون محط سخرية واستهزاء من قبل الآخرين، وهذه الأفكار السلبية تتكون وتزداد وتدخل الإنسان في حلقة مفرغة.

الذي أنصحك به أولا هو: أن تزيل هذا الاعتقاد من نفسك تماما -أي اعتقاد أنك ضعيف الشخصية- لأن الأمر أمر نسبي ولا يمكن قياسه، وهذا الحكم السلبي نفسه يضر بك كثيرا، قل لنفسك (أنا لست بضعيف الشخصية أبدا، أنا إنسان عادي مثل الآخرين، ولكني محتاج أن أطور ذاتي، محتاج أن أزود نفسي بالعلم وبالمعرفة، وأن أكون فاعلا ومفيدا لنفسي وللآخرين) هذا هو الشعور الذي يجب أن تبنيه.

ثانيا: أؤكد لك أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك أو يصدرون أحكاما عليك بالصورة التي تتصورها، هذا ناتج من حساسيتك حول شخصيتك، وهذا أمر يجب أن تتجاهله.

ثالثا: أنصحك بكثرة الاطلاع، فالاطلاع يفيد الإنسان، والمعرفة مهمة، وأنت الآن عمرك ثمانية عشر سنة، وهذه بدايات سن الشباب، وأمامك الكثير الذي يمكن أن تقوم به، فزود نفسك بالمعرفة، واجعل نفسك متميزا في هذا السياق، وسوف تجد أنه أصبح لك حضور اجتماعي كبير.

رابعا: أرجو أن تمارس الرياضة، خاصة الرياضة الجماعية؛ لأنها تفيد الإنسان كثيرا.

خامسا: انضم لحلقات التلاوة؛ لأن هذه الحلقات تقوي شخصية الإنسان، تقوي من درجة تفاعله الاجتماعي، ويحس الإنسان بثقة كبيرة في نفسه.

سادسا: ضع جدولا يوميا لتنظيم الوقت، فتنظيم الوقت واللجوء إلى التطبيقات العملية المختلفة يجعل المشاعر السلبية تتغير؛ لأن الإنسان سوف يحكم على نفسه من خلال أعماله وإنجازاته وليس من خلال مشاعره، وهذا مهم جدا.

سابعا: بالنسبة للعلاج الدوائي أقول لك نعم، يوجد الحمد لله دواء جيد، فعال، وهو حقيقة يساعد في إزالة القلق والتوتر وكذلك درجة الخوف الاجتماعي البسيطة التي لديك، كما أنه يحسن مزاجك.

الدواء موجود في مصر ويعرف تجاريا باسم (مودابكس) ويعرف أيضا باسم (لسترال) أو (زولفت) ويعرف علميا باسم (سيرترالين) وهو لا يحتاج لوصفة طبية، أرجو أن تتحصل عليه وتبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – تناولها ليلا بعد الأكل، وبعد عشر أيام اجعلها حبة كاملة، تناولها أيضا ليلا، وبعد انقضاء ستة أشهر – وهذه هي المدة العلاجية المطلوبة – خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، وهو من الأدوية الجيدة والفعالة والسليمة والتي سوف تساعدك كثيرا.

بالنسبة لسؤالك: هل يجب أن أقلق على المستقبل؟ أقول لك نعم .. القلق بدرجة معقولة يمثل طاقة نفسية إيجابية، لكن اعرف دائما أن المستقبل بيد الله تعالى، وأنت عليك أن تسعى، وأنت في سن الشباب، واعرف أن المستقبل الآن هو للشباب، زود نفسك بالعلم، زود نفسك بالدين، زود نفسك بالمعارف المختلفة - وإن شاء الله تعالى - سوف تجد أن مستقبلك مستقبل ناجح، عش على الأمل والرجاء واسع، ولا بأس من درجة قلق بسيطة حول المستقبل، وفوض أمرك إلى الله.

سؤالك: هل يجب أن أقابل دكتورا نفسيا؟ لا مانع في ذلك إذا أردت أن تذهب إليه إذا كان ذلك ممكنا، وإن لم يكن ممكنا فأعتقد ما ذكرناه لك من إرشاد وما وصفناه لك من دواء سوف يكون كافيا.

هذه المشكلة التي تحدثت عنها وأبديت مخاوف بأنها تدمر حياتك، أنا أؤكد لك أنها بسيطة ولا يوجد - إن شاء الله - أي تدمير لحياتك، فقط طبق ما ذكرناه لك من إرشاد وتناول الدواء، وكن متفائلا حول المستقبل، واسع واجتهد، واعرف أنك لست بأقل من الآخرين أبدا.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول كيفية تقوية الشخصية سلوكيا 225512 - 239454 - 249371 .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات