وخزات القلب وضيق التنفس، وعلاقتها بالاكتئاب

0 531

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

لدي استفسار عن شيء حيرني, أنا شاب أبلغ من العمر (21) عاما، حدث لي موقف غريب منذ حوالي 3 أشهر، كان بعد صلاة الجمعة وأثناء الجلوس في المنزل شعرت بنغزة في قلبي شديدة، لكني لم أهتم، لكنها زادت عن الحد فأخبرت والدتي بالأمر، فقالت لي يجب عليك الذهاب إلى المستشفي فقد يكون الأمر خطيرا، بعدما سمعت منها هذا الكلام شعرت بالخوف والقلق الشديد، وانتابني ضيق تنفس فظيع، لدرجة أني شعرت أني أحتضر، فذهبت إلى المستشفى مسرعا، وعملت رسم قلب وأجريت الكشوفات اللازمة، لكنهم أخبروني أن القلب سليم وليس هناك أي شىء, ذهبت بعدها إلى طبيب آخر في عيادته، وطلب مني عمل تحليل للغدة الدرقية، وعمل لي رسم قلب مرة أخرى، وطلب مني أشعة للصدر، والتحاليل والأشعة أثبتت أن كل شيء على ما يرام.

ذهبت أيضا إلى طبيب صدر وأخبرني أن الصدر سليم, وأخبروني أنها أحتمال أن تكون حالة نفسية، فذهبت إلى طبيب نفسي وأعطاني دواء اسمه (زولام) وأخبرني أني أعاني من اكتئاب تفاعلي، ولكن الدواء لم يغير شيئا في حالتي، احترت كثيرا وأنا أصلي وأقرأ القرآن ومحافظ على كل فروضي - والحمد لله رب العالمين على هذه النعمة - لكني أتمنى أن يكون الحل عندكم، ولكم جزيل الشكر والتقدير، ورمضان كريم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بداية أهنئك بحلول شهر رمضان المبارك، وكل عام وأنتم بخير.

وصفك دقيق وجيد لحالتك، والوخزة التي بدأت معك كعرض أولي كانت ناتجة من انقباض عضلي في منطقة الصدر، وهذا الانقباض العضلي أعقبته الأعراض الأخرى، وهي الشعور بالخوف الشديد والقلق وكأن المنية سوف تقع، وما ذكرته لك والدتك بالطبع هو من قبيل الشفقة وحسن النية، لكن مرده النفسي كان عليك سلبيا، لأنه دعم حالة الخوف التي تعاني منها.

الحالة التي انتابتك تعرف باسم نوبات الهلع أو الهرع، وتسمى باللغة الإنجليزية (Panic attack) وهي حالة قلقية بحتة، لكنها مفزعة ومخيفة وإن لم تكن خطيرة أبدا.

رحلتك في التنقل ما بين الأطباء هو المسار الطبيعي الذي ينتهجه الكثير من الناس الذين تنتابهم هذه الحالات، وذلك بالرغم من أنها ليست عضوية، لكن نسبة لشدة الأعراض الفسيولوجية من تسارع في ضربات القلب والشعور بالألم أو بالوخز، يأتي الشعور الغالب وهو أن الحالة تتعلق بمرض عضوي خاصة مرض القلب، لكن أؤكد لك أنها حالة نفسية بحتة بسيطة، والذي أرجوه منك هو أن لا تتردد على الأطباء، وسوف نرشدك لبعض الإرشادات التي نسأل الله تعالى أن يجعل لك فيها خيرا.

أولا: مما ورد في رسالتك أنا لا أعتقد أنك تعاني من اكتئاب، وذلك مع احترامي الشديد لرأي الطبيب الذي شخص حالتك هكذا، وربما يكون محقا وصائبا لأنه قد قام بمعاينتك ومناظرتك وفحصك، فهو في وضع أفضل مني، لكن ما ذكرته لي من أعراض ليس هنالك أي مؤشر يدل على الاكتئاب، إنما هو قلق تفاعلي انفعالي يعرف باسم نوبات الهلع أو الهرع.

ثانيا: عقار زولام الذي وصفه لك الطبيب من المفترض أن يساعدك، لكن هذا الدواء لا نعتبره علاجا متكاملا، لأنه يزيل الأعراض ولا يقتلع المرض من جوهره وأسسه، بل ربما يؤدي إلى التعود أيضا.

ثالثا: أنا أريدك أن تطبق تمارين الاسترخاء، هذه التمارين جيدة مفيدة وفاعلة جدا، وللتدرب عليها أرجو أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

رابعا: ممارسة الرياضة أيضا وجد أنها ذات فائدة كبيرة لإجهاض وإزالة مثل هذه الحالات، فكن حريصا على ذلك.

خامسا: من الجميل أن أسمع أنك حريص على تأدية الصلاة وقراءة القرآن ، ونحن الآن نعيش مع سيد الشهور، لا شك أنك سوف تجد متعة أكبر في العبادة، نسأل الله تعالى أن يتقبل من الجميع.

سادسا: أريدك أن تجعل لحياتك معنى حقيقي، وذلك بأن تكون متفاعلا، أن تجتهد في دراستك، أن يكون لك تواصل اجتماعي، هذا سيساعدك كثيرا، وفي نفس الوقت لا يعطي الفرصة لهذه الأعراض لكي تظهر وتسبب لك الإزعاج النفسي الذي حدث لك مسبقا.

سابعا: الخطوة العلاجية الأخيرة هي الدواء، يمكن أن ترجع لطبيبك وتتدارس معه مرة أخرى، ومن الأدوية الجيدة لعلاج حالتك دواء يعرف تجاريا باسم سبرالكس، ويعرف علميا باسم (إستالوبرام) وآخر يعرف باسم زولفت ويسمى في مصر تجاريا باسم (مودابكس) واسمه العلمي هو سيرترالين. هذه كلها أدوية جيدة جدا.

جرعة السبرالكس هي عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، يفضل تناولها بعد الأكل، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراما يوميا، تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أما إذا كان خيارك المودابكس فتناوله بجرعة حبة واحدة (خمسين مليجراما) ليلا لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين في اليوم ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، وإذا استرشدت بطبيبك أيضا سيكون هذا أمرا جيدا ومفيدا، ويمكن للأخصائي النفسي الذي يعمل مع الطبيب أن يقوم بتدريبك على تمارين الاسترخاء.

خلاصة الأمر: افهم أن حالتك حالة بسيطة - إن شاء الله تعالى - سوف تزول، لا علاقة لها أبدا بأمراض القلب، لا علاقة لها بالأمراض الجسدية، وهي تشخص تحت أمراض القلق النفسي، وهي عابرة ومقدور عليها تماما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات