هل اكتئاب الأطفال يحد من الذكاء مستقبلاً؟

0 504

السؤال

بالبداية أنا أبلغ من العمر (15) عاما، ذكي ومتفوق في دراستي، ولكن قدر الله بأن أصبت باكتئاب في سن الطفولة، تقريبا في سن 11 إلى 12 سنة، بين فترات متقطعة، وعلمت بأن الاكتئاب يؤدي إلى عجز عمل المستقبلات العصبية، وأصابني قلق من هذا الأمر، لاسيما أنني بعد فترات الاكتئاب - أي بسن 13 و 14- أتيت بمعدل عال جدا في دراستي - ولله الحمد -.

سؤالي: هل يفقد المريض بعض القدرات العقلية مستقبلا؟ أم أنه بمجرد العلاج من الاكتئاب يزول النسيان؟ لاسيما أنه أتاني الاكتئاب وأنا صغير بالسن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نشكرك على هذا السؤال، فهو حقا سؤال جيد، و الذي أريد أن أبدأ به، هو أن الاكتئاب عند الأطفال يكاد يكون غير معروف كتشخيص بمعايير علمية، هذا فيما مضى، لكن خلال السنوات العشرين الأخيرة، اتضح أن الطفل يمكن أن يصاب بالاكتئاب النفسي مثل ما يصاب الكبار، لكن الاكتئاب النفسي في الأطفال قد يكون له صيغ وأعراض وأشكال مختلفة عما هو عند الكبار، فمثلا اضطراب المسلك ربما يكون مؤشرا من المؤشرات التي تشير أن الطفل يعاني من اكتئاب، هذا مجرد مثال.

حقيقة أنا لا أريدك أصلا أن تعتقد أنك كنت مكتئبا، حتى وإن ذكر لك هذا الأمر، وهذا مهم أبدا، ونوعية هذا الاكتئاب الذي أصابك - إذا كان اكتئابا- فالحمد لله تعالى قد انتهى، وهذا أمر مهم جدا، وإذا كان تشخيصك هذا يعتمد على قول طبيب ثقة وقام بإعطائك العلاج اللازم واتخذ التحوطات الإرشادية المفيدة لك، فأعتقد أن هذه المرحلة قد انقضت تماما، ويجب أن لا تفكر في هذا الأمر وتعيش حاضرك بقوة وتعيش مستقبلك بأمل.

الذي أريد أن أؤكده لك، وبما لا يدع مجالا للشك: الاكتئاب مرض يمكن أن يعالج لدى الصغار ولدى الكبار، وذلك بدرجة كبيرة جدا، وحالات الاكتئاب المطبق – أي الذي يصعب الشفاء منه – لا تمثل أكثر من عشرة إلى خمسة عشر بالمائة من حالات الاكتئاب النفسي، وهذه الحالات نشاهدها عند الأشخاص الذين أصلا لم يتحسنوا حتى من النوبة الأولى، فإذن هذا لا ينطبق عليك، يعني حتى لو كان عندك اكتئاب أو ما حدث لك كان اكتئابا نفسيا، فيجب أن تعرف الحقيقة العلمية الثابتة، وهي أن هذه المرحلة قد انتهت، أي أن هذا الاكتئاب قد انتهى تماما.

الاكتئاب النفسي أصلا لا يؤثر على مستوى الذكاء، لكن يؤثر على التركيز، يؤثر على الاستيعاب، والإحباط نفسه يفقد الإنسان القدرة على اكتساب المعارف، وهذه بالطبع أيضا فيها الكثير من السلبيات، لكن هذا يكون في الوقت الذي يعاني فيه الإنسان من الاكتئاب، أي في وقت حدوث النوبة وأثنائها، هنا تجد أن التركيز يقل، افتقاد الرغبة في الاطلاع، افتقاد الرغبة في أن يزيد الإنسان من معلوماته، وضعف تسجيل المعلومات المكتسبة، هذا يحدث في وقت الاكتئاب.

إذن الذي أريدك أن تطمئن نحوه تماما أن الاكتئاب لا يؤثر على خلايا الدماغ تأثيرا سلبيا، نعم هنالك متغيرات على مستوى الناقلات العصبية، لكن لا يحدث ضمور في الخلايا مثلا، لا يحدث ضعف فيما يسمى بالنشاط الأيضي للخلايا الدماغية، وهذا نعني به مستوى حركة الأوكسجين والسكريات والمكونات الغذائية الأخرى في الدماغ والأملاح الأمينية، وما شابه ذلك.

لا يوجد أي تأثير عضوي ثابت في خلايا الدماغ ينتج عن الاكتئاب النفسي، أرجو أن يكون هذا الأمر قد اتضح لك تماما، وهو أن الاكتئاب النفسي لا يؤدي أبدا إلى آثار سلبية مستقبلية، فيما يخص المعارف والمقدرات العلمية.

هنالك حقائق مؤكدة نعرفها، وهي أن الرئيس الأمريكي السابق (روزفلت) يقال إنه كان يعاني من الاكتئاب في طفولته، وهذا لم يؤثر عليه، فالرجل وصل إلى أن يكون حاكما للولايات المتحدة الأمريكية، والفنان (فانجوخ) يعرف عنه أيضا أن الاكتئاب قد أصابه في سنين عمره الأولى، ولكن هذا لم يوقف أبدا مقدراته في الفنون، بل على العكس تماما كان إنسانا متميزا في هذا المجال، وهنالك أمثلة كثيرة جدا، فأرجو أن تطمئن اطمئنانا كاملا أن هذا الذي كنت تعاني منه قد انتهى، وانتهى تماما وتمت معالجته، هذا إن كان تشخيصا مؤكدا، وإن لم يكن مؤكدا فنقول هذا أيضا خير وبركة.

عش حياتك بقوة، بأمل، اسع لأن تكون متميزا، طور مهاراتك في جميع المجالات، ولا تلتفت أبدا لما أسميته بالاكتئاب النفسي، فقد انتهى وقد تلاشى تماما بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات