ابتليت بحب قريب لي، فهل علاقتي القلبية محرمة؟

0 544

السؤال

كل عام وأنتم بخير.

سأسترسل في سرد ما أردت منكم الاستشارة فيه، الحقيقة أنا فتاة أخاف الله، وقد ابتليت بحب قريب لنا، وأريد أن أسألكم هل علاقتي هذه محرمة أم لا؟

أنا أحبه بيني وبين نفسي، وهو كذلك - ولله الحمد - فلا توجد بيننا أي وسيلة اتصال، ومن المستحيل أن أرضى بهذا الشيء، ولكن بعض أخباري وأخباره تصلنا من أخته فقط، هذا حد علاقتنا، فأنيروني أنار الله طرقكم إلى الخير، هل أنا على خطأ؟ مع العلم بأني أستطيع أن أسيطر على نفسي - ولله الحمد - في تركي لأي ذنب يغضب الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جمانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يرزقك خشيته في الغيب والشهادة، وأن يمن عليك بزوج طيب مبارك، إنه جواد كريم.


إنه مما لا شك فيه أن الميل القلبي والتعلق القلبي أمر من الله تعالى جل جلاله، ولذلك نجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يخبرنا بأنه رزق حب عائشة من السماء، وكان يقول -صلى الله عليه وسلم- بالنسبة لعلاقته بزوجاته: (اللهم إن هذا قسمي فيما أملك وما تملك، فلا تلومني في تملك ولا أملك) فالقلوب بيد الرحمن جل جلاله يقلبها كيف يشاء، والذي يزرع فيها المحبة أو البغض أو النفور أو الكراهية أو الميل أو الراحة إنما هو الله سبحانه جل جلاله، وإذا كانت العلاقة إلى هذا الحد فإنها ليس فيها محظور شرعي، لأنها لم تصحب بأي سلوك أو وسيلة من الوسائل الظاهرة التي يحكم عليها بأنها مشروعة أو غير مشروعة.

فإذن هذا الميل القلبي ما دام لم يخرج عن هذا الحد فإنه لا شيء فيه شرعا، ولكن يبقى هناك سؤال: ما نتيجة هذا التعلق؟ هل تتوقعين أن هذا التعلق سوف يختم بزواج يقينا؟ أنا أقول نعم قد وقد، فقد يحدث أن نهايته تكون ذلك، وقد يحدث أن نهايته لا تصل إلى هذا الحد، فلماذا نشغل أنفسنا بأمر غيبي لا يعمله إلا الله تعالى؟! خاصة وأنت تعلمين – ابنتي جمانة – أن الله تبارك وتعالى قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وقد تظلين على هذا التعلق سنوات، ولكن في النهاية قد يأتيك رجل لم تفكري فيه مطلقا ليتقدم لك ويقبله أهلك، وتجدين نفسك في موقف لا تحسدين عليه وفي غاية الحرج.

فأنا أرى - بارك الله فيك - ما دمت بفضل الله تعالى قادرة على السيطرة على نفسك في تركك لأي ذنب يغضب الله تعالى، أرى أن تجتهدي أيضا في إخراج هذا الحب من قلبك، لأنك بذلك تكونين أسيرة لهذا الحب الآن، فأنت أسيرته، بمعنى أنه لو جاءك إنسان فستشعرين بالحيرة أمام هذا الذي يأتيك الذي قد يكون فيه كل المواصفات الشرعية، وقد يكون فيه كل ما تتمناه الفتاة المسلمة، ولكن تشعرين أن قلبك ليس ملكا لك، ولعلك ترفضينه رغم أن مثله لا يتم رفضه، فيكون هذا الحب حقيقة قد أضر بك ضررا بليغا، أتمنى بارك الله فيك أن تحاولي إخراج هذا التعلق من قلبك وأن تتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء مع البكاء، وأن تضرعي إليه أن يعافيك من هذا التعلق، لأنه كما ذكرت ابتلاء، وهو حقا ابتلاء وابتلاء ليس سهلا، نعم هو ليس ابتلاء ظاهرا ولكنه نار تحرق القلب من داخله.

اجتهدي في التخلص من هذا الميل وهذا الحب، وتوقفي عن الكلام مع أخته إذا كنت تشعرين – خاصة فيما يتعلق به – أن هذا الكلام سوف أو يجعلك أكثر تعلقا به أو ميلا إليه، حرري نفسك من هذا التعلق ومن هذا الحب؛ لأنه قيد وغل عظيم في عنقك يجعلك - كما ذكرت لك - قد ترفضين من هو أفضل منه وأزكى وذلك بسبب تعلقك به، بل أحيانا قد تقبلين بمن يتقدم لك وتتزوجين، ولكن يظل قلبك بعيدا عن زوجك الذي هو الحلال الذي من حقه أن يكون محبوبا لديك وحظيا عندك.

ما دام الأمر ليس واضحا والطريق ما زال طويلا والرجل لم يتقدم لك بطريقة شرعية حتى نقول بأنه أصبح خاطبا أو عاقدا، أرى - بارك الله فيك - فيما بينك وبين نفسك أن تحاولي التخلص من هذه العلاقة، ثم اتركي الأمر لله تعالى، فإن جاءك الرجل قبل غيره فأهلا وحبا وكرامة ومرحبا به، وإن تقدم إليك سواه فإذا كان فيه المواصفات الشرعية التي بينها الحبيب المعصوم عليه الصلاة والسلام فارتبطي به ولا تنظري لهذا التعلق الذي لن يجدي نفعا، بل على العكس قد يضرك في علاقتك بزوجك، لأن هذا الطريق مجهول، ونحن لا نعرف إلى أي حد سيستمر هذا التعلق وإلى أي فترة من الزمن تظلين في داخل هذا القيد.

أسأل الله تعالى أن يمن عليك بالهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يكرمك بالزوج الصالح الطيب المبارك المناسب الذي يكون عونا لك على طاعة الله ورضاه، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك حريصة على فعل ما يرضيه، وأن يثبتك على الحق، وأن يؤيدك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات