كيف أتخلص من الشعور بالتوتر والقلق والخوف من كل شيء؟

0 667

السؤال

موظفة معلمة منذ عشر سنوات, بدأت حالتي في العام الماضي بداية السنة, قدمت إجازة فبدأ يأتيني وسواس الخوف من الموت، أخاف منه, وأخاف على أولادي من بعدي, أخاف من حضور الأسواق والاجتماعات, أخاف أن يأتيني الموت وأنا ذاهبة إليها.

انتهت إجازتي ورجعت للدوام, خفت الحالة قليلا في الفصل الثاني، لكن أصبح عندي خوف من المرور أمام الطالبات أثناء دخول المدرسة في الصباح, لكن أثناء شرح الدروس يكون الأمر عاديا, ازداد معي الوسواس في رمضان, يعني استمر أربعة شهور وخف وعاد بشدة في رمضان, لم أذق حلاوة هذا الشهر الكريم.

دائما متوترة خائفة قلقة, وأشعر بخوف داخلي لا أعلم من ماذا، خفت الحالة نهاية رمضان عندما أخبرت زوجي بوضعي وحالتي وبدأت أرقي نفسي وأقرأ أذكار الصباح والمساء، لكن عندي خوف الآن من بداية الدراسة, وكيفية المرور أمام الطالبات في الصباح، إذا دخلت للمدرسة تأتيني رجفة وخفقان وخوف, وإذا ذهبت لأهلي أنظر إليهم وأقول في نفسي لا يعلمون أني سوف أموت, لا أعلم ما الذي أصابني انتكست, حياتي دائما حزينة كئيبة طفشانة، أعلم أن كل شيء بيد الله, وأن هذه كلها من الشيطان.... لكن كيف أتخلص منها؟

أنا أتناول مانعا للحمل، وأقول ربما هذا التوتر منها لكن ليس لهذه الدرجة, ساعدوني مشكورين فأنا متزوجة ولدي أربعة أطفال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك تعانين من قلق المخاوف، ولديك - كما تفضلت - بعض الأفكار الوسواسية، والمخاوف كثيرا ما تكون متعددة ومتشعبة ومتداخلة، لكن كلها ناتجة من القلق، وهي في نفس الوقت مآلها واحد - وإن شاء الله تعالى - ستنتهي، وتكون عارضة.

المخاوف كثيرا ما تكون بعض العوامل الظرفية هي السبب فيها، مثلا نجد أن الأشخاص الحساسين حين يتعرضون لأي نوع من الصعوبات الحياتية البسيطة تزيد عندهم هذه المخاوف وهذه الوساوس، وأحيانا حتى في أوقات الخيرات – مثل شهر رمضان مثلا – تجد أن الناس ازداد لديهم القلق والوسواس بالرغم من أن هذا الشهر شهر فضيل ومن المفترض أن يكون الإنسان فيه مطمئنا، لكن النفس البشرية أيضا في كثير من الحالات قد جبلت على الهشاشة والقلق ويأتي خاصة حين يتعلق بالأشياء السامية والجميلة في حياة الإنسان.

الحالة التي تعانين منها أؤكد لك أنها بسيطة، ويظهر أن الخوف التوقعي حول المدرسة وكيفية التعامل مع الطالبات أيضا سيطر عليك، مما ولد لديك مسحة من الخوف الاجتماعي البسيط, هذا كله يعالج بالتجاهل، ويعالج بأن تصري على أن تقفي في المواقف التي تحسين فيها بعدم الارتياح، حاولي أن تقتحمي، أن تكثري من التعرض لهذه المواقف، مع تجاهل وتحقير فكرة الخوف ذاتها.

الخوف من الموت بالطبع لا نقول للناس حقروا فكرة الخوف من الموت، لأن الموت يجب أن يخاف الإنسان منه لكن في حدود المعقول، والإنسان يبني قناعاته بأن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ثانية ولا ينقصه مثل ذلك، ومن وجهة نظري هذا النوع من الخوف هو خوف مرضي أكثر مما هو خوف طبيعي، وهذا نشاهده كثيرا لدى الذين يعانون من قلق المخاوف الوسواسية.

بالنسبة للسبب: أنا لا أريدك أبدا أن تبني لديك قناعة مطلقة أن هذا الأمر من الشيطان، نعم الشيطان يوسوس للإنسان ويتدخل، لكن هذا النوع من الوساوس هو وساوس طبية فيما نعتقد, لكن أيضا آلية الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم يجب أن تكون على رأس الآليات العلاجية، فكوني حريصة على ذلك، وكوني دائما في معية الله، واشغلي نفسك بطاعة الله، وباب الطاعات باب متسع وكبير جدا من رحمة الله.

أنا أنصحك أيضا بتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف، لأن هذا سوف يريحك كثيرا، وأدعوك أن لا تكوني متحفظة حيال الدواء، لأن الأدوية المختصة في هذا المجال مهمة وهي سليمة جدا، وأهميتها تأتي من الثوابت العلمية القوية جدا أن المخاوف في أصلها ناتجة من تغيرات كيميائية تحدث في الدماغ، وهنالك مادة تعرف بالسيروتونين، وأخرى تعرف بالنورأدرنين، وثالثة تعرف بالدوبامين، هذه ربما يحدث فيها نوع من التأرجح وعدم الانتظام في إفرازها مما يؤدي إلى هذه الحالة – أي حالة القلق والمخاوف - .

فإذن هذه المسارات الكيميائية المضطربة أيا كان السبب في اضطرابها لابد أن تعدل كيميائيا وذلك من خلال تناول الدواء، وبفضل من الله تعالى توجد أدوية سليمة وفاعلة جدا.

هنالك دواء يعرف تجاريا باسم (زولفت) ويعرف تجاريا أيضا باسم (لسترال) ويعرف علميا باسم (سيرترالين) سيكون من الأدوية المناسبة جدا لك، وأنت محتاجة له في جرعة صغيرة، ابدئي بنصف حبة ليلا، تناوليها بعد الأكل، وبعد مضي عشرة أيام ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة (خمسين مليجراما) تناوليها ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الحمد لله تعالى أنت لديك عوامل استقرار كثيرة، عوامل إيجابية كثيرة في حياتك، ولديك الحمد لله تعالى الزوج، والذرية، والوظيفة، هذه كلها نعم عظيمة, إذن التفكير الإيجابي سوف يدعم كثيرا آليات القضاء على أعراض الخوف والوساوس.

تذكري إيجابياتك دائما واسعي في تطويرها وفي تطوير نفسك في جميع المجالات: مهاراتك في الوظيفة حاولي دائما أن تؤكدي عليها، اهتمامك ببيتك وزوجك وأولادك، صلة الأرحام. هذا كله إن شاء الله يعود عليك بفائدة كبيرة.

وإذا شئت أن تتواصلي مع طبيب نفسي مباشرة هذا أيضا سوف يكون مفيدا جدا.

وننصحك بمراجعة هذه الاستشارات التي تتحدث عن علاج الخوف من الموت سلوكيا(259342 - 265858 - 230225) ففيها نفع كبير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات