ينتابني خوف من الموت وأصبحت هناك أعراض تؤرقني بسببه، فما الحل؟

0 413

السؤال

السلام عليكم

أنا عمري 21 سنة أعاني من قلق وتوتر وخوف، أفكر كثيرا في الموت وما الذي سيحدث معي، بدأت معي هذه الحالة منذ شهر 7، فقد كنت جالسة مع صديقاتي وفجأة شعرت بنبضات قلبي تزيد وخوف غير طبيعي وتحسنت قليلا، وعادت لي في رمضان، أشعر بنبضي يزيد ويدي تتعرق وبألم في عضلات صدري ورجلي، وذهبت إلى المستشفى قالوا لي نبضك طبيعي وكل شيء عندك سليم، فذهبت لشيخ وقال لي -الحمد لله- ما فيك لا عين ولا سحر.

وإذا سمعت أن أحدا مات أتوتر وأقول أكيد أنا سأموت وإلا ما فكرت، فما دمت أني سأموت يأتيني التفكير.

أتتني هذه الحالة وأنا صغيرة تقريبا كان عمري 8 سنوات، واستمرت فترة طويلة معي ولم أتعالج، فلم أذهب لدكتور نفسي، لكني كنت أشرب ماء مقروءا عليه ورجعت لي الآن، ومرة تعبت من التفكير، ووترت كل الذين حولي، وعندما أخاف أود أن يكون الكل عندي وجنبي.

قرأت كثيرا في الموقع مثل حالتي، لكنني خشيت من استخدام الأدوية المكتوبة، فقلت أكتب أنا بنفسي أحسن.

تعبت كثيرا، حتى أنني فقدت شهيتي عن الأكل وخسرت من وزني كثيرا.

ختاما: وددت أن أحدثكم وأخبركم بكل ما أشعر به وكل ما تعرض علي من أمور، لكن هذا بشكل مختصر وأتمنى أن تفيدوني بأقرب وقت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وئام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحالة التي أصابتك هي قلق صريح، وحالة القلق بدأت معك بنوبة حادة تسمى بنوبة الهرع أو الهلع، وهذه النوبات تتميز بأنه مفاجئة وبأنها شديدة حادة مختلفة، وتتعلق دائما بالتفكير في الموت، وبعد أن تنتهي النوبة يبدأ الإنسان في مرحلة القلق الوسواسي وهو البحث عن تفسير لما حدث له ويبدأ في التنقل بين الأطباء ويكون الإنسان أيضا قلقا حول متى سوف تأتيه النوبة الثانية، وهكذا.

أنا أريد أن أؤكد لك أن الحالة بسيطة، -والحمد لله تعالى- أنت لك قناعات كاملة بأنها لا علاقة لها بالعين أو السحر، وأنا أقول لك أيضا أنها لا علاقة لها بمرض في القلب، أو مرض عضوي رئيسي، فقط أريدك أن تقومي بفحص مستوى هرمون الغدة الدرقية، حيث إنك قد ذكرت أنك مع هذه النوبات فقدت بعض الوزن، وفقدان الوزن المتعلق بالقلق والتوتر قد يكون سببه القلق نفسه، ولكن في بعض الأحيان تكون زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية هو السبب، حيث إن زيادة نشاط هذه الغدة يعطي أعراض مماثلة جدا لأعراض القلق النفسي البحت، وفي نفس الوقت يكون هنالك فقدان للوزن، فبمجرد نوع من التحوط أرجو أن تجري هذا الفحص، وإن كنت لا أعتقد أنه لديك اضطراب في إفراز الغدة الدرقية.

العلاج يتمثل في:

أولا: قد قمنا بشرح الحالة لك، وهي حالة قلق -كما ذكرت لك-، وهذا يجب أن يكون مطمئنا لك.

ثانيا: حاولي أن تشغلي نفسك، وتملئي فراغك، وذلك من خلال حسن إدارة وقتك، والوقت يدار بصورة إيجابية ومجدية، ويقلل كثيرا من هذه الأعراض، وحسن إدارة الوقت تقتضي تخصيص وقت للدراسة، ووقت للراحة، ووقت للعبادة، ووقت للتواصل الاجتماعي، ووقت للترويح عن النفس، ووقت للقراءة والاطلاعات غير الأكاديمية، وكذا صلة الأرحام، والزيارات، والتواصل مع الصديقات والأهل، والمشاركة في نشاطات الأسرة.

هذه هي الخطوط الرئيسية لإدارة الوقت، ومتى ما أفلح الإنسان في ترتيب وقته بصورة حسنة تجد أن مستوى صحته النفسية قد تحسنت أيضا في ذات الوقت.

ثالثا: أريدك أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء هي تمارين بسيطة جدا لكنها مهمة، وقد وجد أنها قد تؤدي إلى الشعور بالهدوء، والشعور بالراحة الداخلية، وتقلل كثيرا أو تزيل الانقباضات العضلية التي تؤدي إلى الشعور بعدم الراحة والألم في عضلات الصدر.

كما أن الاسترخاء يجهض تسارع نبضات القلب الناتج من القلق ونوبات الهرع، فكوني حريصة على هذه التمارين، وللإلمام بها بصورة صحيحة أرجو أن تتحصلي على كتيب أو شريط أو CD يوضح كيفية تطبيقها، أو يمكنك في ذات الوقت تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي تشرح كيفية القيام بتمارين الاسترخاء.

رابعا: أريدك أن تحقري فكرة الخوف هذه، وبالنسبة لموضوع التفكير في الموت، هذا تفكير قلقي وسواسي.

بالطبع الموت هو مآل كل إنسان، وهو أمر جلل ولا شك في ذلك، والناس جميعا تفكر فيه، أو من المفترض أن تفكر فيه وتخاف منه، لكن حين يتعدى الأمر الحدود المقبولة والمعقولة يكون هذا الخوف خوفا مرضيا، لذا يجب تجاهله، وذلك بأن يقنع الإنسان نفسه بأن الخوف من الموت أو التفكير الشديد في الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقصه ثانية واحدة، والإنسان في كنف الله وفي حفظ الله، ومتى ما جاء أجله سوف يموت، ولكل أجل كتاب، وكل نفس ذائقة الموت، وتذكري دائما أنك في حفظ الله وفي معيته.

خامسا: هناك دراسات كثيرة جدا أشارت إلى أن هذا النوع من القلق وكذلك المخاوف والوساوس تستجيب بصورة جيدة جدا للعلاج الدوائي، لكن الكثير من الناس يترددون كثيرا حول تناول هذا العلاج، بالرغم من وجود مؤشرات علمية قوية ورصينة وثابتة تشير إلى سلامة هذه الأدوية.

أنا أريدك أن تطبقي الإرشادات السابقة، وإذا تحسنت الأمور فهذا هو المقصود -ولله الحمد-، وإن كان الأمر غير ذلك فمن المفترض أن تتناولي الدواء، فأرجو أن تذهبي إلى طبيب نفسي، ومن أفضل الأدوية التي نوصي بها في مثل هذه الحالات هي عقار سبرالكس والذي يعرف علميا باسم (استالوبرام) والجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة (خمسة مليجرام) يتم تناولها ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفع إلى حبة كاملة -أي عشرة مليجرام- تستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء ليس إدمانيا، وليس تعوديا، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، وهو دواء سليم جدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

للفائدة: راجعي هذه الاستشارات عن علاج الخوف من الموت سلوكيا: 259342 - 265858 - 230225.

مواد ذات صلة

الاستشارات