لماذا يجب اتهام النفس بالنفاق والشك في قبول الأعمال؟

0 391

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لماذا يجب اتهام النفس بالنفاق والشك في قبول الأعمال؟

اتهام النفس بالنفاق يحدث اضطرابا نفسيا، وعدم شعور بلذة العبادة، وعدم الراحة النفسية، فما الحرج في أن أؤدي عباداتي مع اطمئنان وعدم شغل البال بالنفاق، وأن أحسن الظن بربي، وأنه سيقبل عملي، ولن يضيعه أبدا، ولو كان فيه من التقصير - طبعا مع محاولة إتقانه وتحسينه باستمرار –؟

ما الحرج في النظرة الإيجابية والتفاؤل برحمة الله وفضله حتى تندفع للعمل وحب العبادة، وترك النظرة التشاؤمية السلبية التي تجعل من العبادة شيئا ثقيلا يتعب النفس؟

وبالله التوفيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب.

لا شك أنك مصيب في قدر كبير مما طرحته، فالنظرة الإيجابية للأمور أمر مطلوب، وهو ما يعبر به في الشريعة بالرجاء، أي الطمع في ثواب الله تعالى، والطمع في قبوله سبحانه وتعالى للأعمال، فهذا الرجاء مطلوب، وهو بدون شك دافع للعمل وإحسانه والزيادة منه، ولكن في الوقت نفسه المؤمن بحاجة إلى الخوف من الله تعالى، والخوف من عدم قبول العمل، فهذا الخوف أيضا يدفعه إلى إحسان العمل والإكثار منه، وهو محمود ممدوح ما دام يؤدي إلى هذه النتائج ويعطي هذه الثمار، وهذه طريقة القرآن، فإن الله تعالى خوفنا فيه ورغبنا، وفتح لنا أبواب الأمل والرجاء، كما فتح علينا أيضا أبواب الخوف، وكل ذلك من أجل أن تحسن أعمالنا وتصلح أحوالنا، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم}، وهكذا في آيات كثيرة يجمع سبحانه وتعالى بين ذكر العذاب وذكر الجزاء الحسن، ذكر النار وما فيها والجنة وما أعده سبحانه وتعالى فيها لأوليائه، فهذه طريقة القرآن.

السوط الذي يسوق الإنسان في طريق العمل ويحفظه من أن يميل يمينا أو يسارا هو الخوف، فإن الإنسان إذا لم يخف أساء، ولذلك يقال (من أمن العقاب أساء الأدب) فتذكر العقاب وتذكر حقيقة مهمة في الأعمال الصالحة، وهي أن الإنسان مهما بذل من وسع فيها فإنه لن يوفيها حقها، ولن يؤدي المطلوب الذي أراده الله تعالى على الوجه التام والكامل، فإن الإنسان بطبعه قاصر وناقص، ونحن إذا أدينا بعض العبادات فإنا لن نؤديها كما أداها النبي صلى الله عليه وسلم، بل لن نؤديها كما أداها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم.

من ثم فشعورنا بهذا التقصير يدفعنا بأن نخاف أن لا يتقبلها الله تعالى منا، ولكن هذا الخوف لا يحمد ولا يطلب إلا إذا كان دافعا للاستزادة من العمل الصالح ومحاولة الإخلاص فيه، وتحسينه بقدر الاستطاعة.

أما إذا كان الخوف يسوق إلى اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى ويثقل العبادة على الإنسان، ويدفعه إلى سوء الظن بالله تعالى، فإن هذا الخوف مذموم مرفوض لا يجوز للإنسان أن يسمح بوصوله إلى قلبه، وعليه أن يسد منافذ الشيطان وسبله التي يحاول إيصاله من خلالها.

الخوف إذن أيها الحبيب أمر مطلوب والتوسط أمر محمود، ولكن الخوف إنما يحمد ويمدح إذا كان باعثا على العمل والإحسان منه والاستزادة، ولهذا إذا انتهى زمن العمل وانتقل الإنسان المؤمن من هذه الدار التي نحن فيها – وهي دار العمل – انقطع عنه الخوف، كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا يحزنون} وقال: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا} فإذا انتهى زمن العمل ينتهي معه الخوف، لأن الخوف إنما جعله الله عز وجل في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا وإحسانا ويدفعهم ذلك إلى إتقان أعمالهم وإحسانها.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات