كيف أجعل ابنتي تنام وحدها؟ وكيف أعالج رفضها المستمر؟

0 580

السؤال

السلام عليكم

ابنتي عمرها سنتان وسبعة أشهر, منذ أن كان عمرها تسعة أشهر فصلتها في النوم عني في غرفة مستقلة, وكان الأمر على ما يرام, ولكن منذ شهرين تقريبا بدأت عندما تقوم بالليل تأتي عندي الغرفة لتنام معي, أو أي أحد يذهب لينام معها في غرفتها, وأصبح هذا الأمر يشكل عبئا على الواحد, مع العلم أن لها أخا أصغر منها بسنة وأيضا هو في غرفة مستقلة.

ساعدونى كيف أعودها لتنام من غير أن معها أحد؟ أو أتركها تبكي حتى تنام؛ لأني لا أريد أن أنام معها هل هذا صحيح أم خطأ؟

وكذلك ابنتي كانت تسمع الكلام, ولكنها الآن أصبحت عنيدة, ودائما كلمة لا على فمها, وهذه الكلمة تغضبني, ولا أعرف ماذا أفعل معها؟! وخاصة أن أخاها الأصغر منها بسنة يقول لا لكنه لا يفهم فهو يقلدها في تصرفاتها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم لينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أولا: سلي الله تعالى أن يحفظ لك ذريتك، ولا بد أن تستشعري أن هذه الذرية هي من أكبر نعم الله تعالى، وانطلاقا من هذا المفهوم يستطيع الإنسان أن يتحمل بعض التصرفات غير المواتية, والتي قد تكون مزعجة من جانب الأطفال: الأبناء والبنات.

التصرف الذي يبدر من ابنتك هو تصرف عادي وطبيعي, ونشاهده كثيرا في مجتمعاتنا, والطفل الذي يظهر عليه العناد هو طفل لا يشعر بالأمان, أنت ذكرت أن ابنتك لا تسمع الكلام، هذا نوع من العناد, ولا شك في ذلك، وربما يكون سبب ذلك -كما ذكرت لك- أنها ليست شاعرة بالأمان، وهذا سببه أن الطفل قد تمنح له أشياء كثيرة تحفزه, ويستمتع بها، وبعد ذلك نكتشف أن الطفل يطالب بالمزيد, أو أنه أصبح في حالة من التدليل, وبعد ذلك نبدأ نسحب منه هذه المكتسبات, وهذا يؤدي إلى عناده وعدم ارتياحه.

العناد من جانب الطفل يواجه دائما بالتجاهل، وعندما لا تسمع ابنتك الكلام لا تنظري إليها نظرة سلبية، هي لا تدرك كل شيء, وتختلط لديها الحقيقة بالخيال، وتحاول إثبات ذاتها من خلال الرفض، فأنت لا تعانديها بنفس المستوى، بل تجاهليها، وحاولي أن تحفزيها وتشجعيها، قبليها، اجعليها تختلط بالأطفال الآخرين, هذا يعطيها مجالا كبيرا جدا لأن تستمتع بطفولتها وحياتها, وتكتسب مهارات من الأطفال الآخرين، وفي نفس الوقت يكون هنالك نوع من البعد الجغرافي ما بينك وبينها، وهذا دائما يؤطر العلاقة العاطفية ما بين الأمهات والأبناء بصورة أفضل وأرشد.

بالنسبة لموضوع النوم في الغرفة: الشيء الطبيعي هو أن تنام في غرفتها، لكن كما ذكرت لك الطفل حين لا يشعر بالأمان يبدأ بالبحث عن والديه, لتعيدي هذه البنية إلى وضعها الطبيعي – أي لتنام لوحدها – حاولي أن تصبري على ذلك، وهيئي لها غرفتها وسريرها، اجعليه مكانا فيه الكثير من المغريات التي تجتذب الطفلة، ألوان الفراش، أن تكون هنالك ألعاب, دمى، وشيء من هذا القبيل، واجعليها دائما تساهم في ترتيب فراشها، هي التي تقوم بترتيبه, وتنظيمه بمساعدتك, هذا يبني نوعا من التوحد ما بينها وما بين سريرها وغرفتها، ويبني لديها خصوصية في أشيائها، ومن ثم تزداد رغبتها.

هذه هي الوسائل التي ننصح بها في مثل هذه الأحوال، والطفل يجب أن لا نعنفه، يجب أن يكون هنالك نوع من الصبر، والصبر يتأتى في التعامل مع الأطفال حين نذكر أنها نعمة عظيمة حرم منها الكثير من الناس.

وأنا ذكرت لك أن تتيحي لها فرصة اللعب مع الأطفال الآخرين، هذا مهم جدا من الناحية التربوية.

بقي أن أقول لك شيئا آخر أراه مهما كإضافة، وهو أن بعض الأمهات تقل لديهن درجة التحمل لأطفالهن، فكثير من الأمهات اللواتي يعانين من القلق والتوتر, وحتى الاكتئاب النفسي تجدهن قليلات الصبر في التعامل مع الطفل، وهذه إشكالية, تأتينا حالات محولة في العيادات, وتأتي الأسرة وتقول إن هذا الطفل كذا وكذا, وتتكلم عن سلبيات كثيرة جدا عنه، وبعد الحوار والمداولة, والفحص الدقيق, والمناظرة والملاحظة, نكتشف أن الشخص المريض في الأسرة ليس هذا الطفل إنما شخص آخر، قد يكون الأب، قد تكون الأم، قد يكون الأخ مصابا بشيء من الحالات النفسية، وهذا هو الذي أدى إلى أن يفقد الطفل القدرة على التواؤم.

فإذا كنت تحسين وتشعرين أن صبرك قد قل، فهذا يتطلب منك أن تلتفتي إلى نفسك، وأن تكوني أكثر إيجابية, ويتطلب الأمر تناول أي دواء مضاد للقلق والتوتر، فهذا أيضا أمرا معمول به.

وهناك إضافة أخيرة وهي: أن تعامل الطفلة مع أخيها الأصغر، هذا يتطلب أيضا شيء من الكياسة والفطنة من الوالدين, فالغيرة موجودة، لكن حين نقرب بين الطفل الأكبر والطفل الأصغر, وذلك من خلال أن نجعل الطفل الأكبر يهتم بالطفل الأصغر، أن يحضر له الرضاعة مثلا، أن يساهم في تغيير ملابسه، هذا كله يقلل جدا من شأن الغيرة، وعموما في نهاية الأمر هذه الأمور كلها أمور عارضة مرحلية ارتقائية, وسوف تنتهي تلقائيا -إن شاء الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات