أهل زوجي يسكنون معنا مما قيد حركتي فماذا أفعل؟

0 513

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

أرجو مساعدتي في حل مشكلتي مع زوجي.

المشكلة هي: أن عائلة زوجي كانت -لا أبالغ إن قلت- تقيم عند أخيه الأكبر منه, وبعد سفره انتقلوا ليعيشوا معنا, فالبيت يجب أن يكون مفتوحا لهم حتى لو لم يكن موجودا أو مسافرا, فهم يجتمعون في مجلس الرجال معظم اليوم لمشاهدة القنوات الفضائية, وتناول الأكل, وبعضهم ينام, المشكلة أن زوجي يرى أن من واجبه فعل ذلك, على الرغم من أن إخوته متزوجون, وأنا أرى أنه لا يجب علي خدمتهم, وأن وجودهم الدائم في البيت انتهاك لخصوصية حياتنا -خاصة أننا ليس لدينا أطفال- وزوجي أصغر إخوته, وكذلك هذا الموضوع يستهلك راتبه الشهري, أنا حاليا بسبب ظروفي الصحية أمكث عند أهلي, ومنذ 3 أشهر وهم في المنزل, وأصبح المنزل كالاستراحة الشبابية, لا يغلق له باب, ولا أعلم كيف أحل هذه المشكلة؟

بعد عودتي إلى المنزل سوف تزيد المشكلة سوءا, فوالدته ستنتقل للعيش معنا, كذلك زوجي ليس لديه إلا الوعود الكاذبة, وأنا من يتحمل, فمصروفي ينقص بسبب عدم توفر المال, وأنا من تقوم بخدمة هذه الاستراحة, وليس هو, ولا أستطيع التصرف بحرية في بيتي, فالبيت يعج بالشباب, حاولت حل المشكلة معه, وكانت النتيجة أن هذا الأمر لن يستغرق أكثر من سنة, وبعدها سيقدم نقلا إلى مدينة أخرى, وهذا الحل مستحيل؛ لأن وظيفته عقد مؤقت, وراتبه لا يكفي لدفع إيجار شقة, فهو يقدم لي تخديرا مؤقتا فقط للقبول بهذا الوضع, حياتنا الزوجية رائعة –الحمد لله- ولكن هذا الموضوع يفسدها تماما, وأود أن أذكر أن أخا زوجي الذي سافر مع زوجته كانت حياته مشاكل بسبب هذا الموضوع, فأرشدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يعينك على فعل الخير، وأن يجعل لك عليه أعوانا, كما نسأله تبارك وتعالى أن ييسر لك ولزوجك حل هذه المشكلة بأقل قدر ممكن من الخسارة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك فإنه مما لا شك فيه - أختي الكريمة الفاضلة – أن من حق أي امرأة متزوجة بيتا للسكنى يتناسب مع ظروف زوجها وإمكاناته، وأن يكون من حقها التصرف فيه وحدها، وأن تتحرك فيه بحرية, وبغير قيود، فتستطيع أن تلبس ما تشاء، وتستطيع أن تنام في الوقت الذي تشاء أيضا، وكذلك أيضا تستطيع أن تصنع لنفسها من الأطعمة وغير ذلك ما تحب، دون أي ضغط خارجي عليها، سواء أكان ذلك من قبل أقارب زوجها, أو من قبل أقاربها هي أيضا، لأن المرأة عندما تتزوج تصبح ملكة متوجة في بيتها وبيت زوجها، ومن حقها أن تتصرف في بيتها بكل حرية, وبكل أريحية دون مراعاة أي شيء آخر، ما دامت تلك التصرفات مقيدة بقواعد الشرع, ومنضبطة بضوابط الإسلام.

أما وجود مثل هذه الضغوط التي ذكرتها في رسالتك من وجود أقارب زوجك, وتحويل البيت إلى استراحة، فهذا مما لا شك فيه يخالف الشرع والعرف؛ لأنه أمر فوق الطاقة, وحمالات عظيمة تسبب لك ولزوجك قدرا أو كما هائلا من الإرهاق والتوتر، ويترتب على ذلك أيضا أن تتحملا نفقات زائدة مما يجعلكما لا تستطيعان أن تقدما لحياتكما في المستقبل شيئا, ولا أن تخططا لها بطريقة صحيحة، لأن الذي يأتي يتم استنفاذه في المصاريف اليومية أولا بأول.

أنا معك -أختي الكريمة- بأن الوضع في غاية الإزعاج، وأنا معك كذلك أيضا بأن الشرع يؤيد موقفك من أن هذا التصرف غير شرعي؛ لأننا من الممكن أن نتحمل الناس إذا كانت لهم أعذار خاصة، إذا كانوا عاطلين عن العمل، إذا كانوا غير قادرين على الحياة، إذا كان لا سكن يؤويهم, أما أن يكون لهم ما يؤويهم وحياتهم يستطيعون إدارتها دون أي ضغط عليكم, فلماذا إذن هذا التكتل؟ ولماذا هذا التجمع؟ خاصة أنهم كما ذكرت حولوا البيت إلى استراحة، وأن أمه لها رغبة للانتقال للعيش معكم بصفة دائمة, وظروفكم صعبة.

أقول هذا أمر في غاية الإزعاج بهذه الطريقة التي ذكرتها، ولكن هناك أمر آخر أيضا:

الواقع الذي نعيشه قد يفرض علينا أشياء غير معقولة وغير مقبولة، فزوجك لا أعتقد أن لديه القوة أو القدرة ليقول لإخوانه أنا لا أستطيع أن أستضيفكم في بيتي؛ لأن هذا الأمر بما جرت عليه أعرافنا كأمة عربية إسلامية يتعذر جدا أن يقوم الإنسان بذلك، وقد يتحمل الإنسان في سبيل مراعاته لمشاعر أقاربه حمالات فوق الطاقة، ولذلك زوجك أيضا ضحية مثلك تماما، ومعذور أيضا، لأنه الآن ماذا سيصنع؟ يعلم أن هناك نوعا من الظلم لك, ونوعا من الاعتداء على حقوقك, ونوعا من التقييد أيضا لحريتك، وهذا الكلام بين واضح، ولكنه بما أنه عاجز أن يواجه أهله فهو يعطيك كما ذكرت أنت هذه المسكنات التي لا يجد غيرها ليقدمها لك؛ لأنه هو يعلم ما تعانين منه, ويعلم المشاكل المترتبة على ذلك.

ولكن أختي الكريمة: فعلا قد تكون الأعراف والعادات والتقاليد تلعب دورا أحيانا أقوى من دور الشرع في إلزام الناس بأشياء ما أنزل الله بها من سلطان.

لو سألت عن حكم الشرع أقول لك نعم من حقي أن أقول لإخواني :(أنا ظروفي لا تسمح, ولذلك أنا أستضيفكم مثلا مرة كل أسبوع مثلا, يوم الجمعة نتناول طعام الغداء أو العشاء معا، أو نمكث جميعا معا يوما) أما أن يكون الناس على مدار الساعة موجودين في البيت، فأرى أن هذا في غاية الإزعاج.

ولكن أيضا في نفس الوقت أيضا أرى أن زوجك لا يستطيع باعتبار المكونات التي تربينا نحن عليها أن يقول لإخوانه لا تأتوا إلى البيت، وأن يقول لوالدته لا تقيمي معنا، ولذلك الذي أريد أنصحك به إنما هو مزيد من الصبر والاحتمال ابتغاء مرضاة الله عز وجل، لأن زوجك في موقف لا يحسد عليه، وهو لم ولن يستطيع أن يقول لهم اخرجوا من بيتي أبدا، لأن هذا الأمر كما ذكرت لك قد يترتب عليه قطع رحم، وقد يترتب عليه خلاف إلى يوم القيامة، ومن ذلك أقول:

الذي أرجوه أن تصبري, وأن تتحملي, وأن تتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء أن يجعل الله لك ولزوجك مخرجا من هذا الأمر.

مسألة أنه يقول أنه سينتقل لمدينة أخرى وأنت تقولين إن هذا الحل مستحيل؛ لأن وظيفته بعقد مؤقت, وراتبه لا يكفي لدفع إيجار شقة، أنا أقول لو أنك وضعت نفسك مكان زوجك فقولي لي بالله عليك ماذا كنت ستفعلين؟

أنا واثق أنك لو كنت مقامه ما كنت أبدا لتقدمي على خطوة الطلب من إخوانك أن يتركوا البيت, وأن لا يقيموا فيه, ما دام الناس قد ارتضوا ذلك خاصة وأن أخاهم الأكبر كان يفعل نفس الشيء, وكانت عنده مشاكل أيضا, ولكن بما أنه الآن قد سافر فلم يبق إلا زوجك فجاءت هذه العصبة الطيبة المباركة لتقيم معكم بصفة دائمة.

فأنا أقول: ليس أمامك إلا الصبر الجميل حقيقة، واحتساب الأجر عند الله تعالى في تقديم هذه الخدمات التي تقدمينها لهذا العدد الكبير من هؤلاء الأقارب من إخوة وأخوات - والله أعلم من معهم - وتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء أن يجعل الله لك ولزوجك فرجا ومخرجا؛ لأن حل هذه المسألة بطريقة جذرية كما ترغبين سيترتب عليه قطع رحم, وقد يترتب عليه هجر دائم الله أعلم متى ينتهي؛ لأن الناس لا يقدرون ذلك، فاصبري واحتسبي, وأجرك على الله، واعلمي بأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات