السؤال
لدي مشكلة، وأنا أعاني منها في السنوات الخمس الأخيرة، مشكلتي الخوف من التحدث أمام الآخرين في بعض الأحيان في الأماكن المغلقة، وإذا اتصل علي أحد من أصدقائي وأراد مقابلتي في أي مكان، أول شيء أسأله هل معك أحد أم لوحدك؟ وإذا كان معه أحد أتوتر في المقابلة.
ثانيا: ينتابني شعور بالحزن والعصبية، ومزاجي يكون متعكرا طول اليوم.
ثالثا: أحس بخنقة في حلقي، وعند النوم أختنق في النوم كأن الماء خرج من معدتي لتصل إلى البلعوم والصدر، وأنهض من النوم مختنقا.
سبب هذه الأشياء صدمة عاطفية أودت بي إلى العيش لوحدي مدة ما يقارب عشر سنوات، ولم أكن أقابل الناس، وابتعدت كل الابتعاد عنهم.
كذلك عملي يجعلني محدود الأصدقاء في العمل فأتحدث معهم، ولكن في حالة إذا أحد عزمني لبيته أتوتر وأتحدث مع نفسي، وأتخيل أشياء غريبة، كالخوف من التحدث مع الغير، وفي بعض الأحيان أكسر هذا الخوف وأذهب وأواجه نفسي، ولكن أتعتع بالكلام وأقول في نفسي: (انظر لشفتيك) أتوقع أني وصلت لمرحلة الوسوسة، ولا أعلم ما هو العلاج.
ذهبت لدكتور نفساني، وصرف لي دواء اسمه efexore ، ولكن لم يفدني بأي نتيجة! مع العلم أني آخذت دواء لتهدأ نبضات القلب، فعندما أكثر من الأكل أحس بدقات قلبي سريعة، توترني وتربكني.
والسلام ختام.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فما وصفته من أعراض يدل بوضوح على أنك تعاني من حالة قلق نفسي، والقلق الذي لديك هو قلق المخاوف، الخوف من المواجهات ذات الطابع الاجتماعي، والخوف من الأماكن المغلقة، كما أنه لديك درجة بسيطة جدا من عسر في المزاج، وهذا لا نعتبره اكتئابا نفسيا حقيقيا، إنما هو إفراز من إفرازات القلق، خاصة قلق المخاوف ذا الطابع الاجتماعي.
الأعراض الجسدية التي ذكرتها، وهي الشعور بالخنقة وكأن هنالك غصة في الحلق، أو كأن الأحماض المعدية ترجع لتصل إلى البلعوم أو الصدر، هذا كله ناتج من الانقباضات العضلية التي تكون مصاحبة للقلق والتوتر.
التوتر النفسي يؤدي إلى توتر عضلي، وأكثر العضلات تأثرا هي عضلات منطقة الصدر، وكذلك البلعوم وعضلات الرأس وأسفل الظهر، وربما البطن أيضا، فحالتك مفسرة جدا من الناحية العلمية، والتشخيص هو قلق المخاوف، وهي حالة منتشرة.
بالنسبة للأسباب: هل لعبت الصدمة العاطفية دورا فيها أم لا؟ .. هذا موضوع لا نستطيع أن نحتم أن ذلك هو السبب، فكثير من الناس يتعرضون لصدمات قاسية جدا، ولكن تجدهم لا تحدث لهم تبعات نفسية سلبية.
أنا لا أقلل من شأن هذا الحدث، لكن لا أريدك حقيقة أن تعتبره هو السبب في كل ما حدث لك، فربما يكون في الأصل لديك نوع من الاستعداد للقلق والتوترات، وربما تكون أنت أيضا من النوع الكتوم، وهذه لا تعتبر أمراضا نفسية حقيقة، هذه مجرد ظواهر.
المهم في الأمر الآن هو أن تفكر إيجابيا، وأن تصر على نفسك بأن القلق والتوتر الذي يأتيك هو ظاهرة طبيعية، تغلق وتكسر وتتوقف من خلال المواجهة. واجه مصدر خوفك، وأنا لاحظت أنه لديك بعض المحاولات والاجتهادات في هذا السياق، فواصل في المواجهة، ودائما تذكر أنك لست بأقل من الآخرين.
وبالنسبة للعزلة: الإنسان يقضي عليها من خلال آليات كثيرة:
1) صلة الرحم: فعلى الإنسان أن يصل رحمه، هذا وضع يكون مطمئنا فيه.
2) بر الوالدين والتواصل معهما.
3) الصلاة في المسجد، ويا حبذا لو كان الإنسان في الصف الأول ويتجاذب أطراف الحديث مع إخوانه المصلين بعد الصلاة.
4) المشاركات في الأنشطة الرياضية مع الأصدقاء والزملاء، خاصة الألعاب الجماعية مثل كرة القدم، السلة، الكرة الطائرة، وهكذا.
هذه وسائل سلوكية علاجية طبيعية لها قيمة نفسية عالية جدا، وفي ذات الوقت هي نافعة للإنسان إن شاء الله تعالى على مستوى الدنيا والآخرة. فاجعل لنفسك برنامج من هذا القبيل، وأنا إن شاء الله تعالى أضمن لك أنها ستكون مفيدة لك جدا.
حاول أن تطور نفسك في مجال العمل، هذا مهم جدا. هنالك تمارين تسمى تمارين الاسترخاء ننصح دائما بتطبيقها، وللتدرب عليها يمكنك أن تتصفح أحد مواقع الإنترنت.
والجزء الأخير في هذا الإرشاد والاسترشاد العلاجي هو العلاج الدوائي، الإفكسر بالرغم من أنه دواء طيب لكنه في بعض الأحيان لا يفيد إلا بجرعة عالية تصل إلى 150 أو حتى 225 أو 300 مليجرام في اليوم.
فيظهر أن الدواء غير مناسب بالنسبة لك، لذا الدواء البديل والدواء الجيد والمفيد جدا هو عقار زيروكسات والذي يعرف علميا باسم باروكستين وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناولها يوميا بعد الأكل، استمر عليها بعد عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة – أي عشرين مليجراما – استمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.
من الشروط الأساسية للانتفاع الكامل بالدواء هو أن يتناوله الإنسان في وقته وبالجرعة الموصوفة وللمدة المطلوبة، وكما تلاحظ حاولنا أن نتبع النسق العلمي الصحيح في وصف الدواء، وهو أن تبدأ بجرعة تمهيدية صغيرة، ثم تبنى لتصل إلى الجرعة العلاجية، ثم جرعة الاستمرار والوقاية والتوقف التدريجي. والدواء سليم، وفاعل، وغير إدماني.
أسأل الله تعالى أن ينفعك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.