أثر الوراثة على الأطفال فيما يخص الأمراض النفسية والعقلية

0 382

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمي لازمها الاكتئاب وأنا أعيش معها -والحمد لله- تغلبت عليه بالإيمان, لكنها ما زالت تعاني من الوسواس.

اكتشفت أن زوجي كان مريضا قبل زواجنا, وتفاقمت حالته بعد الزواج عندما أخذه أخوه للطبيب, وأخبره أن به مرض الفصام, رغم تكتم عائلته، أعرف أن أخواته البنات اثنتان منهن مريضتان نفسيا, لدرجة أن إحداهن يقول عنها والدها: خشيت أن أزوجها.

أتدارك هنا أمرا نسيته: لدي خالان ماتا وكانا مريضين عقليا.

معلومة أخرى: أم زوجي رضعت من أم أبي.

طفلتي تعاني من سوء تركيب الجمل لكنها تتحسن, وطفلي عصبي جدا أنصحه وأنبهه.

أرجوكم انصحوني: هل هناك احتمالات أن يصاب أولادي مستقبلا؟ وكم هي درجة الاحتمال؟

عافاكم الله وعافانا وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ samya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فموضوع أثر الوراثة على الأطفال فيما يخص الأمراض النفسية والعقلية تمت فيه الكثير من البحوث، والشيء المتفق عليه تقريبا نستطيع أن نقول: إن للوراثة أثر كعامل من العوامل التي قد تساعد في حدوث الأمراض العقلية والنفسية إذا توفرت العوامل الأخرى، وهذه مهمة جدا.

أي أن التأثير الجيني ليس تأثيرا مباشرا، فهذه الوراثة لا تخضع لما يسمى بـ(قوانين مانديلا الإرثية) وهذه القوانين هي قوانين معروفة لدى الأطباء وعلماء الجينات، وهي أنه إذا وجد مرض ما فسوف يصيب الذرية بنسبة معروفة ومحسوبة، ولكن في حالات الأمراض النفسية والعقلية الأمر لا يخضع لذلك، فيقال أن هناك جينات صغيرة متعددة تجعل الإنسان لديه الاستعداد لأن يحدث له المرض إذا حدثت الظروف الموائمة لذلك، ونعني بذلك التنشأة والضغوط الحياتية.

والآن هناك اجتماع كامل أن المقدرة المعرفية قد تتغلب على التأثير الجيني وكذلك التأثير البيئي.

الذي أريد أن أصل إليه – مع احترامي الشديد جدا لأسرتك – هو أن هنالك قابلية لحدوث أمراض نفسية عند الأطفال، ولكن هذه القابلية ضعيفة وضعيفة جدا من وجهة نظري. إذن هو احتمال ضعيف، وكل المطلوب هو أن يتم تنشأة الأطفال بصورة متوازنة، وأن نجعلهم ينهلون من المعرفة، لأن المعرفة هي أحد الوسائل الضرورية جدا للحماية من الأمراض النفسية والعقلية.

أنا لا أريدك أبدا أن تعيشي تحت الخوف ووطأة الهموم، فوضي أمرك إلى الله، والاحتمال ضعيف جدا بأن يصاب أطفالك بهذه الأمراض، وإثباتا لذلك أقول لك:

إن كثيرا من حالات الأمراض العقلية والنفسية مثل الفصام ومرض الوجداني ثنائي القطبية، لا نجد أي تاريخ أسري في معظم الحالات، فيعني الدور الذي تلعبه الجينات ليس دورا قطعيا في جميع الحالات، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر التأثير الجيني كعامل من العوامل وليس هو الأمر الحتمي أو القطعي أو العامل المحدد الوحيد.

فالذي أريده منك هو أن لا تعيشي تحت الهموم، وسل الله تعالى أن يحفظ أولادك، واسعي وخذي بالأسباب، وهي السعي لتنشأتهم تنشأة دينية صالحة وتنشأة علمية.

وبالنسبة لزوجك الكريم سل الله له العافية، وأؤكد لك الآن أن الأدوية النفسية الحديثة حسنت كثيرا من حياة حتى مرضى الفصام، وبالمناسبة الفصام ليس كله سيئا كما يعتقد الناس، هنالك الكثير من أنواع الفصامات، والخطيرة منها قليلة جدا، وأسوأ شيء في مرض الفصام هو إهمال العلاج.

أيتها الفاضلة الكريمة: لا توسوسي حول هذا الأمر، وأعرف أنه يسبب الكثير من الانزعاج للكثير من الناس، مثل مرض التوحد مثلا، فقد أثار الكثير من الرعب في كثير من الأسر، خاصة بعد أن أثبت أن الجينات ربما تلعب دورا في هذا المرض، لكن نعرف أن كثيرا من أطفال التوحد لا يوجد لديهم أي تاريخ أسري.

أنا أريد أن أملكك الحقائق العلمية وفي ذات الوقت أريد أن لا تكوني منزعجة لهذا الأمر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لكم ولذريتكم ولنا ولذريتنا ولجميع المسلمين العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، وأن يمتعنا وإياكم بالصحة ودوام العافية.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات