هل سيغفر الله ذنوبي إذا لم أرتكب كبائر الذنوب؟

0 368

السؤال

يقولون لي: تب إلى الله من الذنوب، وأنا لا أرتكب الكبائر مثل: الزنا، والسرقة، والخمر، واللواط ..إلخ، والصلوات الخمس كفارة لما بينهن، والعمرة للعمرة كفارة للصغائر، وعرفة يكفر سنتين، وأشعر أن ذنوبي كلها صغائر فقط، فلو صمت هذه كلها -إن شاء الله- ستكفر ذنوبي، وقالوا لي: هل تضمن أن الله قبل صومك؟ فقلت: ولماذا لا يقبل فأنا أصوم؟! ولماذا لا يقبل الله عملي، فما مشورتكم؟!

إضافة:
أصلي وعلي جنابة، فمثلا قبل الظهر أستحم وبعدها: إما بسبب العادة السرية, أو بسبب الاحتلام -وقت القيلولة- ينزل المني، فإذا استحممت ثانية سيدخل الشك في قلوب الأخوة، كل المرات أذهب للمسجد وأصلي وعلي جنابة، فما مشورتكم ونصيحتكم لي؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معتصم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبا بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يتوب عليك, وأن يغفر لك ذنوبك كلها، الصغائر منها والكبائر، وأن يعصمك من الوقوع فيما يوجب سخطه عليك.

بداية نقول -أيها الحبيب-: التوبة مطلوبة من عباد الله تعالى جميعا، ومهما بلغ صلاح الإنسان فإنه مأمور بالتوبة، وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم:{وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} والنبي - صلى الله عليه وسلم – وهو خير خلق الله وسيدهم, وهو المعصوم عليه الصلاة والسلام كان يستغفر الله تعالى في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة، وأمر المسلمين بالتوبة، وقال: (توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم أكثر من مائة مرة) وهذا كله ناشئ عن معرفته لله سبحانه وتعالى, وتقديره لله عز وجل حق قدره، ومعرفته بحقيقة العبودية، وأن الإنسان مهما فعل فإنه لن يوفي الله عز وجل حقه، ولن يقدر أحد على أن يعبد الله عز وجل حق عبادته ويتقيه حق تقاته، وقد جاء في بعض الآثار أن من الملائكة من يسجد لله عز وجل, يبقى طوال الدهر ساجدا، حتى إذا نفخ في الصور رفع رأسه، ويقول: (سبحانك ما عبدناك حق عبادتك).

فهذه الحقيقة ربما تكون غائبة عنك -أيها الحبيب-، ومن ثم تولد لديك هذا الشعور بأنه لا حاجة إلى التوبة، والحقيقة أننا جميعا بحاجة, بل بأمس الحاجة للتوبة إلى الله تعالى على الدوام.

وأما الذنوب: فإن العلماء يقسمونها إلى كبائر وصغائر، لكن الصغيرة قد تصير كبيرة إما بسبب استهانة صاحبها بها، أو إصراره عليها، ولهذا كان السلف يقولون: (لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت).

فوصيتنا لك -أيها الحبيب- أن تلهج دائما بالاستغفار، وأن تكثر من التوبة على الدوام، وإذا كان الله عز وجل قد حماك وحفظك من الوقوع في كبائر الذنوب فهذه نعمة جليلة من الله تعالى تستوجب الشكر، وأن تكون أكثر عبودية لله, واعترافا له بالفضل سبحانه وتعالى، فيدعوك ذلك إلى المزيد، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يفعل، فإن عائشة لما قالت له -وقد رأته يقوم الليل حتى تتورم قدامه-: (أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا), هذا على فرض أنك فعلا حميت من الوقوع في كبائر الذنوب، وإن كان هذا لا يضمن؛ فإن الكبائر كثيرة، وربما وقع الإنسان في كلمة بلسانه من حيث لا يشعر، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة المبينة لعظم الكلمة التي قد تخرج من الإنسان وهو لا يلقي لها بالا يكتب الله عز وجل عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه.

فالحذر الحذر -أيها الحبيب- من الاغترار بالأعمال, وتزكية النفس, والشهادة لها بالخيرية والصلاح، وأنها لا تأتي شيئا من الذنوب؛ فإن هذا المسلك مسلك قد يؤدي بالإنسان إلى ما لا تحمد عاقبته.

وأما الصلاة بغير طهارة فإنها كبيرة من كبائر الذنوب، وهذا يبين لك أنك قد فعلت كبيرة, وأنت لا تدرين أنك فعلت كبيرة، بل قد حذر بعض العلماء من هذا الفعل وأوصله إلى حد الكفر بالله تعالى، وإن كنا لا نوافق على هذا الرأي ما دام أن الإنسان لا يستحل هذا, ولا يعتقد أنه حلال، لكن عليك أن تتوب إلى الله تعالى مما سلف من صلاتك على جنابة، وعليك أن تقضي هذه الصلوات على مذهب أكثر أهل العلم، وتتجنب الوقوع في هذا مرة ثانية، والله عز وجل أحق أن تستحي منه، وأحق أن تراقبه وتخشاه من أن يعيرك الناس, أو أن يلمزك الناس بشيء، مع أن ما يوجب لك الجنابة من الاحتلام أثناء القيلولة ليس شيئا يستحيى منه، فلا ينبغي أبدا أن يحملك على هذا الفعل القبيح.

وأما ممارسة ما يسمى بالعادة السرية فإنها توجب لك أنواعا من الأضرار في دينك وفي بدنك، ونصيحتنا لك: أن تسعى جاهدا لمجاهدة نفسك للتخلص من هذه العادة، وأن تأخذ بالأسباب التي تعينك على التخلص منها، كالتقليل من الطعام بقدر الاستطاعة، ومداومة الصيام -إن قدرت على ذلك-، واجتناب المثيرات سواء المسموعة أو المرئية أو المحسوسة، وإشغال أوقاتك فيما ينفعك في دينك ودنياك، وممارسة بعض الرياضات البدنية التي تذهب بعض نشاط البدن، ومرافقة أصحاب الخير والجلساء الصالحين الذين يفيدونك في دينك ودنياك.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات