أتجنب الجلوس مع الآخرين، وأحب الوحدة والظلام

0 480

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أنا كثيرا أتجنب الجلوس مع الآخرين، وأحب الوحدة وفي الظلام، وأنا دائما حزينة وكئيبة، وتفكيري في بعض الأحيان سلبي.

سوف أتكلم عن طفولتي منذ عمر 9 سنوات، وأنا أحب الوحدة، وقد تعرضت حينها لحالة من الاغتصاب أو ما شابه، والإهمال الشديد من الوالدين، وعدم إحساسي بالأمان، أو الحنان، وأخاف أيضا من المستقبل، وكذلك وقعت لي صدمة بوفاة جارتنا أمام عيني، وحتى الآن وأنا مستمرة في حالتي هذه، وحساسة لأتفه الأمور، وإذا حصل شيء ما يضايقني لا أحب أن أتناقش فيه، ولكني أشعر بضيق شديد حينها، وإذا حصل شيء ما يفرحني لا يدوم ذلك أكثر من ساعة أو ساعتين، ثم أعود لنفس حالتي، حزن وضيق وكآبة، وكذلك لا أحب أن أشتكي أو أتكلم للآخرين عما أشعر به.

فماذا أفعل؟ وما هو التشخيص لحالتي هذه؟ أرجو منكم مساعدتي، والله ولي التوفيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحاسيس مجروحة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،

فبعد هذا الوصف الجميل لحالتك والأعراض التي تعانين منها والظروف التي مررت بها أقول لك: إن تشخيص حالتك هو نوع من القلق الاكتئابي البسيط، ناتج من عدم القدرة على التواؤم، و-إن شاء الله- تعالى هذه الحالات حالات عابرة، ولا نعتبرها أمراضا نفسية رئيسية.

التفكير في مرحلة الطفولة بصورة سالبة حتى وإن كانت بالفعل هنالك نواقص وتقصير في تلك الفترة، إلا أن هذا لا يجدي ولا يفيد أبدا، الإنسان ينظر إلى نفسه في وضعه الحالي، ويسعى أن يعيش حياته بقوة، وينظر إلى المستقبل بأمل وتفاؤل، والإنسان دائما مطالب بأن يفهم ذاته، أي يفهم مصادر قوتها، ومصادر ضعفها، ويجب أن يكون تحليله لنفسه بمصداقية وموضوعية وحيادية، وعلى ضوء ذلك يكون تحليل الذات وفهمها فهما صحيحا، وهذا يجعل الإنسان يقبل ذاته، ثم بعد ذلك يسعى لتطويرها.

هذا هو المنهج النفسي الصحيح في التعامل مع الذات، خاصة بالنسبة للذين يشعرون بشيء من اهتزاز الثقة في أنفسهم والشعور بالإحباط.

حادثة التحرش الجنسي أو الاعتداء الذي حدث لك أثناء الطفولة، لا شك أنه أمر مؤسف، لكن هذا النوع من الاعتداء حدث لكثير من الفتيات، وكم شاهدنا من حدثت لهن مثل هذه الأمور أو أقسى وأشد منها، لكنهن استطعن تخطي هذه المرحلة تماما وتفوقن في دراستهن وبناء شخصيتهن ومهاراتهن الاجتماعية.

المجتمع به أشرار لذا يحدث لما حدث لك، لكن -إن شاء الله- تعالى أنت الآن في مرحلة الوعي الكامل والمقدرة الكاملة الاجتماعية وما مضى فقد مضى، و/إن شاء الله- تعالى تعيشين حياة جيدة وطيبة ومستقرة وإيجابية جدا.

الذي أريد أن أصل إليه هو ضرورة التفكير الإيجابي، لأن التفكير الإيجابي يخرج الإنسان تماما من حالات الكدر والمشاعر السلبية، ودراسات كثيرة جدا أشارت أن الإنسان الذي يستفيد من وقته على أسس صحيحة وذلك من خلال وضع برامج يومية يدير من وقتها خلالها وقته، ولا نعني بإدارة الوقت أن يكون كله عمل أو كله دراسة، لا، هذا ليس صحيحا، الإنسان من حقه أن يأخذ قسطا كافيا من الراحة، أن يرفه عن نفسه، أن يمارس الرياضة، أن يتواصل اجتماعيا، أن يخصص وقتا للدراسة، للاطلاعات المفيدة، وقتا للعبادة، وقتا لأعمال البيت، وقتا لزيارة الأرحام، لزيارة المرضى، الانخراط في أي نشاط اجتماعي أو ثقافي خلال هذه الطرق التعليمية الجيدة جدا في إدارة الوقت يبني الإنسان منظومة جديدة في حياته، وبعد أن يدير الإنسان وقته بصورة صحيحة هنا يتمكن من إدارة حياته بصورة صحيحة، وهذا هو النجاح.

أنت لك مميزات كثيرة إيجابية في عمر بدايات الشباب، حيث الطاقات النفسية والجسدية، لك الحمد لله تعالى الأسرة، لك المقدرة الفكرية، أنت في هذه الأمة الإسلامية العظيمة، فيجب أن تبني على ما هو إيجابي لديك وليس على ما هو سلبي.

لا تقودي نفسك بمشاعرك أبدا، قودي نفسك بأفعالك، أجبري نفسك على أن تنفذي ما هو إيجابي، بعد ذلك سوف تجدين أن المشاعر قد تحولت تماما وأصبحت مشاعر أكثر إيجابية مما يشجعك على المزيد من الإنجاز.

هذه هي الخطة العلاجية الرئيسية بالنسبة لحالتك، وأوضحنا لك التشخيص، و-إن شاء الله- بتطبيقك لما ذكرناه لك من إرشاد سوف تتحسن الأمور تماما، وإن لم تحسي بتحسن حقيقي ليس هنالك ما يمنعك من تناول دواء بسيط مضاد للقلق الاكتئابي مثل عقار (بروزاك)، والذي يسمى علميا باسم (فلوكستين)، يتم تناوله بمعدل كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم يتم التوقف عنه، وهو دواء سليم وبسيط وفاعل وغير إدماني وغير تعودي ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، ولا يحتاج لوصفة طبية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات